من يتابع موضوع الكاتب محمد عبدالقادر الجاسم في القضايا المرفوعة ضده من الشيخ ناصر المحمد يجد أن هناك حملة إعلامية– أظنها منظمة- لجعله رمزاً للدفاع عن حرية التعبير، وأحد مظاهر هذه الحملة اعتباره سجيناً للرأي، مع أن الذي حكم على الجاسم بالسجن أول مرة، وهو القضاء، عاد وحكم ببراءته. فهل الباء تجر في موضع ولا تجر في آخر.
أدرك وأتفهم أن أغلبية من تعاطفوا مع محمد عبدالقادر الجاسم مثل أحمد الخطيب والنيباري والسعدون كان دافعهم الدفاع عن مبدأ حرية التعبير لا غير، وليس عن شخص محمد عبدالقادر الجاسم لأنهم يعرفون حقيقته، ولكن ليس من المنطقي أو المقبول أن يتحول محمد عبدالقادر الجاسم إلى رمز للدفاع عن حرية الرأي، فتاريخ الجاسم المهني، لما يقرب العشرين سنة، لا يشفع له بذلك، بل على العكس من ذلك، فتاريخه يعتبر جانبا سلبيا في مصداقيته في الدفاع عن حرية التعبير، وبالأخص عندما كان رئيساً للتحرير لأكثر من 15 سنة، فالكل يعرف كيف هاجم الجاسم بشراسة رموز المعارضة والمدافعين عن الحقوق الدستورية، وكيف دافع باستماتة عن سراق المال العام إبان رئاسته للتحرير.تبرير الجاسم لموقفه هذا بكونه مجرد موظف لا يعفيه من المشاركة بالإثم، فكونه موظفاً فإن هذا لا يبيح له أن يكون حليفاً للشيطان، وحتى لو سلمنا جدلاً بأن هذا يشفع له كشخص عادي، إلا أن ذلك بالتأكيد لا يؤهله أن يكون رمزاً لحرية الرأي. إذا كان تبرير الجاسم بأنه كان في موقفه السابق مجرد موظف فما المانع من أن يقبل أن يعود رئيسا لتحرير الجريدة نفسها أو جريدة غيرها ليلعب دور "الموظف" السابق ذاته؟! وفي كل الأحوال لماذا لا يعترف بأنه كان مخطئاً في موقفه ذاك ويعلن البراءة منه والاعتذار عنه؟ ومن يترفع- كما قال- عن "تدنيس يده" بمال الشيخ ناصر المحمد فكيف قبل أن يقتات ويعتاش لسنوات طويلة على مائدة وأموال من تحاصره الشكوك والاتهامات من كل زاوية ومكان؟!ماضي الإنسان جزء لا يمكن فصله عن حاضره، فليس من السهل أن يتغير الإنسان بهذه السهولة من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال خصوصا في أواخر عمره، والناس ليس من السذاجة بحيث تصدق أن من كان بالأمس القريب حليفاً للشيطان أصبح اليوم أيقونة للفضيلة، ويكفي للدلالة على ذلك شهادة أصدقائه وزملائه السابقين فيه، وحتى لو أغمضنا أعيننا على مضض عن ماضي الرجل فإن كتاباته تركز على أشخاص بعينهم، بدلاً من أن تركز على قضايا عامة كما هي حال أصحاب المبادئ والقيم، فالجاسم يهاجم شخوصا معينة ويفتعل معارك شخصية، ويتباهى بعدد من يتابع مقالاته على موقعه الإلكتروني، وهذا ليس ديدن من يدافع عن قيم سامية ومبادئ حقة.قد يكون من المقبول أن يكون خالد الفضالة رمزاً للدفاع عن حرية التعبير وقول الحق، فتاريخه على قصره يشهد بإخلاص ومصداقية مواقفه، وهذا يشفع له بغض النظر عن بعض زلات اللسان، ربما لحماسه الزائد وحداثة التجربة، أما محمد عبدالقادر الجاسم فسيرته الذاتية لا تسعفه كي يتحول إلى البطل المدافع عن الحريات، فلو غير محمد عبدالقادر الجاسم لكان الأمر قابلاً للنظر، أما محمد عبدالقادر الجاسم فلا، لأنه رهان خاسر، وفاقد الشيء لا يعطيه، وستكشف لكم الأيام ذلك.تعليق: أغبط النواب جمعان الحربش والوعلان وبورمية على حميتهم الزائدة على الكويت تجاه التصريحات المنسوبة لمندوب العراق في الجامعة العربية قيس العزاوي، حيث طالبوا بقطع العلاقات فوراً مع العراق، وأتمنى لو يواصلوا هذه الحمية ويطالبوا بأن تعلن الكويت الحرب على العراق وتمسحه من الخريطة حتى نتخلص من شروره ونرتاح منه إلى الأبد. لسوء الحظ أن النواب الثلاثة لم يكونوا نواباً عام 1990، وإلا لما كان للغزو العراقي للكويت أن يتم.
مقالات
لو غير محمد عبدالقادر الجاسم
20-07-2010