بمجرد انتهاء جلسة مناقشة قانون الخصخصة خرجت علينا بعض الصحف بـ«مانشيتات»، وكأن كتلة العمل الشعبي قد انشقت وتشرذمت، حتى أن تلك الصحف قد نحّت موضوع الخصخصة جانبا، وركزت على تصويت الكتلة خلال الجلسة.

Ad

إن تعامل بعض وسائل الإعلام والكثير من الكتّاب مع تداعيات «اختلاف» أعضاء الكتلة حول القانون أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن «الشعبي» يسبب إزعاجاً للآخرين بدءاً من الحكومة نفسها، مرورا ببعض الكتل النيابية، وانتهاء ببعض الكتّاب ووسائل الإعلام التي أقامت حفلات الردح على «اختلافات الشعبي».

سبق أن تضاربت تصويتات نواب الكتلة حول قضايا سابقة كالقروض واستجواب نورية الصبيح وغيرها من القضايا، وهو ما أفرح أعداء الكتلة حينها، لكن ما أحزنهم فيما بعد، أن مواقفهم من حماية المال العام والمكتسبات الدستورية كانت ومازالت ثابتة لم تتغير رغم اختلاف التصويتات في تلك القضايا.

أملك الشجاعة لأقول إن ما حدث في جلسة الخصخصة بين نواب الكتلة كان خطأ كبيراً يفتقد للحد الأدنى من الحصافة السياسية، لكنه لا يجب أن يحمّل على غير أوجهه الطبيعية، فما جرى لا يعدو عن كونه «اختلافا» في وجهات نظر تدور جميعها في فلك الحرص على المصلحة الوطنية، وليس «خلافا» على مبادئ أو ثوابت، فالرئيس أحمد السعدون كان يرى القانون من غير الزاوية التي يراها مسلم البراك وخالد الطاحوس على اعتبار أن علي الدقباسي كان خارج الكويت يوم الجلسة، وربما كان غياب التنسيق فقط هو سبب ما حدث.

في هذا الإطار لن أذيع سراً إذا ما قلت إنني حضرت الاجتماع الأسبوعي للكتلة بحضور نوابها الأربعة يوم السبت الماضي في ديوانية السعدون، أي بعد يومين من التصويت، وكم كنت سعيداً بمدى الشفافية والصراحة التي سادت أجواء الاجتماع الذي لو حضره بعض كتّاب الردح لماتوا بغلهم، إلا أن سعادتي الحقيقية ليست فيما لمسته من أجواء الاجتماع، بل من كثرة الاتصالات التي تلقيتها من كوادر الكتلة في مختلف المحافظات والنقاشات التي دارت بيننا، وحجم العتب الذي وجه لي شخصيا ولأعضاء الكتلة، ما يعكس مدى تواصل أعضاء «الشعبي» مع قواعدهم ومساحة النقد المتاحة للجميع وحرية التعبير المكفولة لإبداء الرأي وتقويم المسار الذي مارسته أنا قبل غيري مع نوابنا الأربعة خلال الاجتماع الذي تم فيه تجاوز تضارب وجهات النظر، وبحث وضع اللمسات الأخيرة لانطلاق «الشعبي» كحركة سياسية عن قريب.

أدرك أن هناك من تناول قضية التصويت في جلسة الخصخصة من منطلقات مختلفة، فالبعض كتب متشفيا، والبعض الآخر كتب حاقداً، والقلة كتبت من باب النصح، لكنني لم أكن أدرك أن الخط السياسي الذي تنتهجه كتلة العمل الشعبي مؤلم للكثيرين إلى درجة وصلت إلى أن هناك من أطلق كذبة «انشقاق» الكتلة، وصدقها، وحاول خلق أجواء لا وجود لها إلا في مخيلته المريضة.

تابعوا ما كتب في الصحف خلال الأيام الماضية، وما بثته قنوات الإعلام الفاسد، لتتأكدوا من الضريبة والفاتورة الباهظة جداً التي يدفعها نواب «الشعبي» من جراء وقوفهم في وجه المتنفذين ممن يحاولون نهب خيرات البلد دون حسيب أو رقيب، ومن يسعى إلى ضرب الوحدة الوطنية، فهذا قدر كل من يجرؤ على اتخاذ المواقف التي «يجبن» كثيرون على اتخاذها عندما تشخص الأبصار إلى الصفوف الأولى لمقاعد قاعة عبدالله السالم.

ياسادة: نواب «الشعبي» ليسوا ملائكة، أخطؤوا في السابق، وأخطؤوا اليوم، وسيخطئون غدا، هذه هي حال السياسة، وهذا هو واقع كل من يمارس العمل البرلماني، وعندما يخطئون فإننا أول من ينتقدهم، ولكن قارنوا بين أخطائهم وأخطاء غيرهم، لتكتشفوا الفرق بين خطأ الاختلاف في وجهات النظر وخطيئة خيانة القسم على الحفاظ على الدستور ومصالح الشعب وتمثيل الأمة خير تمثيل.

على كل سيكثر النباح على نواب «الشعبي» هذه الأيام، وسيستغل كثيرون حالة سياسية رسمت في مخيلتهم فقط عن أعضاء «الشعبي» على أمل أن تتحقق، لكن ذلك بعيد عليهم، فـ«الشعبي» مستمر برجاله الذين جمعتهم المبادئ وليست المصالح، فيما ستستمر «وحوش» شارع الصحافة في رحلة البحث عن «أشلاء» لتقتات عليها، وهذا النوع من الطعام لا وجود له في معارك «الشعبي»، فمعاركنا معارك مبادئ وقيم وقناعات وليست معارك أشخاص.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة