النزوات... كيف نواجهها؟
يمرّ الناس عموماً بنزوات كثيرة بغض النظر عن سنّهم، حتى أنهم قد لا يدركون ذلك. يميل بعض النساء تحديداً إلى ارتكاب النزوات أكثر من غيرهنّ. لكن ما مصدر تلك النزوات وكيف تؤثّر على الإنسان... والأهم من ذلك، كيف يمكن مواجهتها؟من منا لم يرغب يوماً في التمادي في ابتياع مشتريات غير ضرورية أو القيام بأمر جنوني لإشباع رغبة لا تُقاوَم؟ قد نظنّ أنّ هذا الوضع قد ينجم عن مشاكل في العلاقة بين الأم وأبنائها أو قد يصيب المرأة الحامل التي لا تتردد في التعبير عن رغباتها ونزواتها الكبيرة والصغيرة في حياتها اليومية. في حين يعبّر الطفل عن نزواته بطريقة واضحة وصاخبة، يردع الراشد نفسه بشكل أكبر. بالتالي، تكون النزوة أقل وقعاً ولا تظهر بصورة النوبة مع أنّ الفكرة بحد ذاتها تبقى غريبة ومباغتة لكنها لا تترافق مع الصراخ، وتحديداً في الأماكن العامة أو وسط العائلة، بل تزعج محيط المرء وتفاجئه. في الواقع، تتجسّد النزوة في جميع القرارات المفاجئة والمتغيّرة، أو تتمثّل في بعض الحالات بنوبات غضب عابرة تصيبنا لمواجهة ضغوط الحياة اليومية.
أسبابهاهل النزوة من طبع الإنسان أو سلوك يفرضه علينا المجتمع الذي يتّجه أكثر فأكثر نحو الاستهلاك؟ وفقاً لعلماء النفس، يعزّز المجتمع الاستهلاكي النزعة إلى امتلاك كل شيء فوراً. لكن يجيد أي شخص ناضج ومتفتّح إنسانياً التمييز بين رغباته الحقيقية وتأثير الإعلانات الترويجية أو ضغط المجتمع عليه. تُترجَم النزوة على شكل رغبة عميقة في الحصول على أمر تافه وكماليّ. هكذا تتعارض طبيعة النزوة التي تكون سطحية مع طبيعة الحاجة التي تكون ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها. يشعر المرء بضرورة إشباع نزواته فوراً. بالنسبة إلى أطباء النفس، تعبّر النزوة عن رغبة في الاستقلالية، وعدم القدرة على مقاومة الإغراءات، وعدم تحمّل الضغوط الناجمة عن عدم إشباع الرغبات فوراً. لا تتعلق النزوات بسنّ المرء، بل بعجز البعض عن تحمّل المصاعب والضغوطات، بالتالي يقع تحت رحمة حاجاته من دون تحقيق رغباته فعلياً.لا يسهل دوماً التمييز بين الرغبة في إرضاء الذات والنزوة بمعناها الحقيقي. علينا إدراك أنّ النزوة شعور حميم، غرائزي، قوي، ومفاجئ. من خلالها، نسعى إلى الحصول على أمر إيجابي أو تحقيق مشروع جيد ومثير للاهتمام. خلال هذه العملية، ينغمس المرء في مزاج معيّن من دون تبرير منطقي، ويتمنى تحقّق رغباته وأحلامه مع الشعور بالمتعة، بكل أنانية أحياناً، ومن دون التفكير بالآخرين. قد يكون التعبير عن الرغبات والمشاعر والانفعالات أمراً طبيعياً، لكنّ النزوة شعور قوي وجارف قد يكون إشارة الى الحرية والحياة. حين تحلّ النزوة، لا يكون الوضع جامداً بل على درجة عالية من الحيوية والتفاعل.رغبة في التمتّع بالحياةيعني التعبير عن الرغبات الخاصة الكشف عن مصادر الشغف وإبداء الرأي في مختلف المواضيع، وبالتالي الاستفادة من حرية الاختيار. في الواقع، يشكّل التعبير عن الذات والتواصل مع الآخر قدرتين أساسيتين لدى الإنسان، ولا بدّ من دعمهما وتغذيتهما حتى النهاية. من الضروري أن يتمكن كل شخص من تطوير شخصيته الفريدة. تعبّر تهمة {عيش النزوات} غالباً عن نية قاتلة من جانب الأشخاص الحسودين أو الغيورين الذين لا يحتملون التنوّع والتجدّد. في هذه الحالة، يكون هؤلاء الأشخاص هم أصحاب النزوات، لأنهم يفتقرون إلى الثقافة اللازمة لتقبّل خصوصية الآخرين. على صعيد آخر، يشعر البعض بحاجة مَرضيّة إلى التواجد في المقدّمة دوماً. على هؤلاء الأشخاص أن يطرحوا على أنفسهم الأسئلة التالية: ما الذي يولّد فيهم الحاجة إلى التميّز؟ ما الذي يخفيه المرء ولا يزال عالقاً في داخله على شكل معاناة؟ في هذه الحالة، تؤدي النزوات دور الكاشف عن مصادر الانزعاج العميقة التي تستلزم المعالجة.في معظم الحالات، لا نفع من التخلّص من النزوات بالقوة، أي لا ضرورة لمحو هذه الرغبات للتصرّف بشكل سليم يتوافق مع مبادئ التربية. وحدها المبادئ الأخلاقية مهمة في هذا المجال. لذا من الضروري أن نسأل أنفسنا بصدق وشفافية: {ما هي نيّتي تجاه نفسي وتجاه محيطي؟ هل يمكنني التنعّم بلحظة سعادة من دون الشعور بالعار؟ لا أريد السعادة على حساب بؤس الآخرين ولا أريد فرض سيطرتي على الآخرين}.في هذه الحالة، لا يكون الاستمتاع بالحياة نزوة بل فرح ونعمة.إصغاء إلى الرغبات الخاصةطالما لا تؤدي حاجاتك ورغباتك إلى إعاقة حياتك، سواء جسدياً أو معنوياً أو مالياً، أو إلى إخضاع الآخرين، أي تعريض الجماعة التي تنتمي إليها للخطر، لا وجود لأي مشكلة! من مسؤوليتك أن تقيّم الأمور التي يمكنك التنازل عنها. في المقابل، إذا كانت نزواتك تتعارض مع إرادة الأشخاص في محيطك وتسبّب الخلافات بينهم، من الأفضل أن تناقش الموضوع معهم وتحاول التعويض عن رغبتك بأمرٍ آخر.إذا اقتنعت بضرورة ضبط نزواتك لمصلحتك ومصلحة المقرّبين منك، يمكنك اعتماد مقاربة بسيطة: العودة إلى التفكير بالذات. بالتالي، لا بدّ من تحمّل مسؤولية أقوالك وأفعالك، والتخلّي عن أداء دور الطفل أو الضحية، وتعزيز علاقاتك بالآخرين، واختيار ما هو مفيد لك وللآخرين، وعيش الحياة بحذافيرها، ورفض أي موقف استسلام، وتأييد تطوّرك الإنساني. باختصار، تجرّأْ على التصرّف على سجيّتك، أظهر شجاعتك، وامضِ قدماً! لكن تعلّم كيفية الإصغاء إلى رغباتك العميقة ولا تتردد في سعيك إلى السعادة والاسترخاء من فترة إلى أخرى، مع الحفاظ على رابط شفاف بينك وبين نفسك. ثمة في داخلنا شعور بالحرية يخوّلنا الاستسلام لنزواتنا وانفعالاتنا الجنونية.رأي الخبراءلماذا يكون الراشدون عرضة للوقوع في النزوات؟يعود ذلك ببساطة إلى أنّ الشخص الراشد يملك في داخله جزءاً طفولياً يظهر من وقتٍ لآخر عن طريق الرغبات المتبدّلة والعفوية اللاواعية التي تُسمّى {نزوات}. نحتاج جميعاً إلى هذه اللحظات الجنونية العابرة التي تتيح لنا الخروج من إطار الزمان والمكان المطعّم بالروتين. إنه جزء من الأمور الغريبة العابرة المباغتة.هل النزوات مفيدة؟نعم، إنها مفيدة حين تهدف إلى تبديد الضغوط النفسية اليومية. ما إن تولد النزوة وتظهر إلى الخارج من دون أن تتخطى الحدود، تسير الأمور على خير ما يُرام. قد يكون الوضع غير منطقي أحياناً، لا سيما إذا تعلّق الأمر بالمبالغة في صرف الأموال مثلاً، لكنه يبقى وسيلة للتعاطف مع الذات.هل يجب تجنّب النزوات والسعي إلى ضبطها؟طالما تبقى النزوة في إطار البحث عن السعادة والتفتّح الشخصي، لا سبب يدعو إلى تجنّبها. لكن إذا انعكست سلباً على المرء، أو إذا تخطّت الدائرة الشخصية لتضرّ بالآخرين، لا بدّ من التصرّف للسيطرة على الوضع من خلال العمل على الذات للنجاح في التحكّم بالنزوة والتخلّص منها نهائياً.اختبار هل أنتِ شخص عاقل أم صاحبة نزوات؟لا أحد منا لا يضعف أمام نوبات جنونية عابرة يعتبرها الآخرون نزوات فعلية. ترضخ النساء تحديداً للنزوات أكثر من غيرهنّ. ماذا عنكِ؟ هل أنتِ من النوع الذي يتحكّم برغباته أو يستسلم لها كلياً؟1 - تتلقّين أخباراً سارّة في عملك، ستحصلين على ترقية:أ - جاء الأمر في الوقت المناسب. إنها فترة التنزيلات وسبق واشتريتِ بعض الملابس التي تعجبك.ب - إنه أمر جيد، فأنت تفكّرين بادخار بعض المال للمستقبل.ج- إنه أمر ممتاز، إذ لديك مدفوعات كثيرة خلال الأشهر المقبلة.2 - في عيد مولدك، تقترحين على أصدقائك أفكاراً جيدة عما يستطعيون تقديمه إليك كهدية لكنهم لا يجلبون لك ما توقّعته...أ - تتأثرين في جميع الأحوال بما أحضروه، إذ يكفي أنهم فكروا بك.ب - تخبرينهم بأنهم لم يجلبوا لك الهدايا المناسبة وتغضبين منهم.ج - تذهبين لاستبدال الهدايا.3 - تواجهين مشكلة مزعجة هذا المساء. تريدين مشاهدة تقرير عن الأعمال الفنية لكن يأتي زوجك ويبدّل القناة لمشاهدة مباراة كرة قدم:أ - تقترحين عليه تسجيل مباراة كرة القدم.ب - تقترحين تسجيل التقرير الفني.ج - تنزعين منه جهاز التحكّم عن بُعد وتبدّلين القناة. 4 - اشترت زميلتك لتوّها ثوباً يليق بها كثيراً. ما هي ردّة فعلك؟أ - {هل يمكنني استعارته منك من وقت لآخر؟}.ب - {أخبريني من أين اشتريته، يجب أن أحصل على ثوب مماثل بأي ثمن}.ج- {يبدو الثوب رائعاً عليك! هنيئاً لك!}.5 - تقصدين السينما مع أصدقائك. حان وقت اختيار الفيلم:أ - تقبلين بالفيلم الذي اختارته الغالبية.ب - تخبرينهم مسبقاً بأنك تكرهين أفلام الرعب.ج- تختارين الفيلم الذي تريدين مشاهدته بنفسك وتفرضين رأيك عليهم.6 - حان وقت الذهاب إلى العمل لكنك تشعرين بألم حاد في الرأس:أ - تلازمين الفراش.ب - تتشجعين وتقنعين نفسك بضرورة التنشّط. ستشعرين بتحسّن خلال اليوم.ج- تذهبين إلى العمل في حالة مزرية وتحرصين على حمل الأسبرين معك.7 - هذا المطعم معروف بأطباقه الشهية، لكنك تحصلين على طبق من اللحم البارد:أ - تتركين اللحم وتتناولين المأكولات الأخرى.ب - تفتعلين مشكلة علنية وتطالبين بالحصول على طبق آخر.ج- تلتهمين محتوى طبقك من دون تذمّر. من المؤسف رمي الطعام في جميع الأحوال!8 - ما هو اليوم المثالي بالنسبة إليك؟أ - يوم حافل بالنشاطات.ب - يوم تقلّ فيه النشاطات.ج - يوم هادئ تماماً.9 - في مرحلة شبابك، كيف كنت تتصرّفين مع أهلك؟أ - بتهذيب تام.ب - بتطلّب شديد.ج - كنت مدلّلة جداً. 10 - كيف تتصرفين إذا ارتكب أحد أبنائك النزوات؟أ - تحاولين التفاهم معه وإرضاءه من وقت لآخر.ب - ترضخين لرغباته بحسب مزاجك.ج - تنفّذين جميع رغباته من دون تفكير.تحليل النتائج- أكثر من 21 نقطة: عقلانية!أنت شخص عقلاني إلى أبعد حدّ! تجيدين اتخاذ القرارات الصائبة وتقييم حسنات الوضع وسيئاته، لكنك تحرصين على إسعاد أكبر عدد ممكن من الأشخاص من حولك والحفاظ على التوازن في عائلتك. إنه سلوك يستحق التقدير، لكن حذاري من المبالغة في عقلنة الأمور على طريقتك الخاصة. من الجيد التفكير بنهج منطقي، لكن يحق لك أن تستسلمي لرغباتك الجنونية أحياناً!- بين 12 و21 نقطة: متّزنة!أنت شخص مسؤول يجيد التوفيق بين متطلبات الحياة اليومية والنزعات الجنونية العابرة التي تدفعك إلى إرضاء الآخرين تزامناً مع إرضاء الذات. تقلّ النزوات الكبرى في حياتك لأنك تجيدين رسم الحدود اللازمة في الوقت المناسب، وإذا شعرت بالحاجة إلى أمر جوهري في حياتك، تنفّذينه بطريقة سلسة. لا تغيّري شيئاً في حياتك، فأنت تنعمين بتوازن بين المنطق والشغف!- أقل من 11 نقطة: صاحبة نزوات بامتياز!يخشى المقربون منك مواجهتك بالحقيقة خوفاً من زيادة عنادك، لكنك صاحبة نزوات بالفطرة. تحرصين على راحتك الشخصية حتى لو ظهرتِ بصورة الشخص الأناني لتحقيق مرادك. صحيح أنك على الأقل تعبّرين عن آرائك وطموحاتك صراحةً، لكن حاولي التصرّف باعتدال أكبر. سيصبّ ذلك في مصلحتك الخاصة وفي مصلحة محيطك.