السفير العراقي لـ الجريدة•: جريمة 2/8 ضد الكويتيين والعراقيين... ومصممون بصدق على إزالة إرثها الثقيل

نشر في 02-08-2010
آخر تحديث 02-08-2010 | 00:01
«في الشهر الأول من قدومي إلى الكويت رُفِع لي الكارت الأصفر... لكنني سأستمر في رسالتي بكل إخلاص»
أكد سفير جمهورية العراق لدى الكويت محمد حسين بحر العلوم، أن العلاقات الكويتية-العراقية ضاربة جذورها عبر التاريخ ولا يمكن لصدام وأعوانه أن ينسفوها، موضحاً خلال لقائه بـ"الجريدة" أن ذكرى جريمة غزو صدام حسين للكويت تؤكد لنا أن صدام لا مبادئ له، بل كانت جريمته خارج سياق العقل والوجدان والأعراف والقيم، وإليكم نص اللقاء:

• تمر اليوم ذكرى أليمة على الكويت والعراق معاً ألا وهي ذكرى غزو صدام حسين للكويت، وأنت تسلمت الحقيبة الدبلوماسية للعراق في الكويت بعد قطيعة دبلوماسية دامت عشرين عاماً، فماذا تقول؟

- العلاقة لم تنقطع بين البلدين، وبقيت في قلوب الشعبين، لأن جريمة صدام وغزوه للكويت كانت مشتركة ضد الكويتيين والعراقيين، فهي مفاجئة للعقل الكويتي، وكذلك للعقل العراقي، لأنها كانت خارج سياق العقل والوجدان والأعراف والقيم، فهي لا من شيم العراقيين ولا من شيم العرب ولا المسلمين، ولا حتى الخارج عن القانون، لأنه أيضاً تكون لديه بعض الخطوط الحمراء، أما صدام حسين فلا مبادئ ولا قيم له، خصوصاً مع دولة الكويت التي لها مواقف كثيرة متميزة وصادقة تجاه العراق والعراقيين، لذلك كانت علينا كعراقيين كالصدمة التي ضربت كل شيء، إلا أننا لم نستغربها على صدام وزمرته، فالخيانة والغدر والظلم واللاشرف كلها خصال يتحلى بها ذلك المقبور، وأثبت التاريخ أنه لا يتقيد على الإطلاق برباط أخلاقي أو إنساني، فهذا هو صدام حسين، وما فعله بحق الكويت، وما فعله بأبناء جلدته من حرمان وبطش وظلم وقهر وقتل، أراهم حياة لم يعرفوها على الإطلاق من قبل، لم ينج منه أحد، لم يكن له مثيل ولكن حكم رب العالمين كان له بالمرصاد، فقتل أبناءه ولم يراهم مثلما فعل بالناس، ومن ثم أُعدم.

• وماذا عن العلاقات الكويتية - العراقية؟

- كانت العلاقات بين البلدين ضاربة في عمق التاريخ، فهناك علاقة جوار، وعلاقة أواصر أسرية ومصاهرة بين الكويت والبصرة وبقية محافظات العراق، فهذه العلاقات ما كان يمكن لصدام وغيره أن ينسفها وينهيها بفعله السيئ، إلا أنها جمدت مع عذاب وألم وحسرة، وجاء عام 2003 الذي يحمل البشرى للعراقيين وللأشقاء الكويتيين فظهرت العلاقة من جديد، لأن دولة الكويت حسبت حسابها تماماً في هذا الموضوع، فالمستقبل مع صدام لا يمكن له أن يستمر، لذا الخيار الذي كان أمامها هو السعي إلى التخلص من ذلك الدكتاتور ومن خلال مساعدة العراقيين والوقوف بجانبهم حتى تأتي ساعة الفرج.

وللحقيقة والتاريخ أقول إن صدام حسين وقع قرار نهايته من خلال دخوله للكويت وأعدم بذلك نفسه بنفسه.

وبعد سقوطه وسقوط النظام عادت العلاقات من جديد بين البلدين، لأنه مستقبل الكويت في عراق آمن ومستقر، ومستقبل الكويت ونهوض تنميتها في وجود جار حليف لها، يحترمها ويعطيها الحق الكامل في الاستقلال والسيادة والاحترام المتبادل، من منطلق ما ينص عليه الدستور العراقي الجديد في مادته الثامنة التي جاء فيها:

"يرعى العراق مبدأ حسن الجوار ويلتزم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ويسعى إلى حل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقات على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل ويحترم التزاماته الدولية"، هذه المادة هي الضمان لمستقبل العلاقات العراقية مع جميع دول العالم، وبالذات دول الجوار، وبالخصوص دولة الكويت، لذا نحن ننظر للمستقبل مع الكويت على ضوء هذه المادة من الدستور، فنحن متفائلون جداً بعلاقاتنا مع الكويت بل ونصر عليها، لأنه لا خيار لدى العراق سوى هذه العلاقة الطيبة مع الجارة دولة الكويت، وكذلك مع إيران وسورية والأردن وغيرها.

• أنت كسفير للعراق، كيف تنظر لمستقبل تلك العلاقات؟

- أنا أرى أن المستقبل في هذه العلاقات الطيبة أن يكون من خلال علاقة الشعبين فهي الأساس، فمن خلال الشعبين يتشكل البرلمانين ومنهما تتشكل الحكومتين، وهي المنفذة لتلك الالتزامات، لذا يجب أن تكون العلاقة بين الشعبين علاقة طيبة يسودها الحب والاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة وتستمد ثقتها من الأواصر التاريخية بين الطرفين، وهناك آليات كثيرة تلعب دوراً كبيراً في تمتين هذه العلاقة كمؤسسات المجتمع المدني، والعلاقات الثقافية والفنية والاجتماعية والتربوية، كذلك الزيارات المتبادلة للناس إلى البلدين، كل ذلك يبدأ في إعادة الحياة إلى مجاريها وإلى طبيعتها ودوران عجلتها، وبذلك نقصر الوقت والطريق.

ووجود السفارة عامل مهم جداً في متابعة التفاصيل ما بين البلدين والسفراء هم سعاة بريد مخلصون بين دولهم والدول التي يعملون بها، فيحملون الرسالة بإخلاص، ولاشك أن وجود السفير يعني علامة اعتراف من تلك الدولة بالدولة الأخرى، وأنا وجودي هو اعتراف رسمي من العراق بدولة الكويت، والعراق منذ اللحظة الأولى بعد سقوط النظام السابق أخذ على عاتقه إصلاح الخلل الذي خلفه ذلك النظام في العلاقات الكويتية-العراقية، فخلال الثلاثين عاماً التي حكم بها صدام كانت علاقات العراق مع الدول الأخرى متراجعة إلى الخلف، والسبب هو ممارسات ذلك النظام مع الجوار ومع الدول الأخرى من خلال تشجيعه للإرهاب، وامتلاكه أسلحة الدمار الشامل، والتعامل بعنجهية وشراسة مع الجميع، فلم يترك شيئاً حتى خلق منه أزمة مع الآخرين، لذا كان العبء ثقيلاً جداً على الخارجية العراقية بعد سقوط النظام في عودة العراق إلى محيطه الإقليمي والعربي والدولي، واليوم والحمدلله وخلال هذه الفترة الوجيزة استطعنا أن ننجز الكثير من النجاحات الدبلوماسية، وسأستمر في رسالتي بكل إخلاص.

• هناك ملفات عالقة بين البلدين منها التعويضات والديون وصيانة العلامات الحدودية وغيرها، كيف يمكن الانتهاء منها؟

- منذ اليوم الأول الحكومة العراقية أخذت على عاتقها إنهاء كل الملفات العالقة بين البلدين والعمل على تفعيل العلاقات بين الطرفين ووضعها في المسار الصحيح والسليم، فنحن مصممون بصدق على إزالة ذلك الإرث الثقيل.

لكن المشكلة تكمن في أن العمليات الإرهابية في العراق لم تدع العراق أن يفكر بشكل مستقر وبشكل سريع لحل تلك القضايا، وربما جزء من تلك العمليات الإرهابية لا يريد للعراق أن ينتهي ويتخلص من كل تلك المخلفات التي خلفها النظام البائد، فعندما تم تفجير وزارة الخارجية العام الماضي ماذا كان يمكن لكادر هذه الوزارة أن يتابع تلك القضايا، الأمر الذي أخر العمل قليلاً ولكن هناك تصميم وعزم صادق من الجانب العراقي بالمضي قدماً في إنهاء كل تلك الملفات، ليس فقط مع الكويت وإنما مع بقية الدول الأخرى، وهناك لجان تعمل الآن بين الكويت والعراق على إنهاء تلك الأمور، وفي ما يتعلق بالتعويضات، فالقرار دولي ونحن ملزمون بتنفيذه، لأنها ليست المسألة اختيارية وبيد العراق يستطيع أن يرفض، وإنما هو التزام دولي وعلى العراق تنفيذه، وحتى هذه اللحظة صدر بيان رسمي نهاية شهر يونيو الماضي من مجلس الأمن الدولي يظهر كم تبقى على العراق من التزامات بعدما سدد وفق جدول زمني الاستحقاقات التي عليه، فنحن ملتزمون بالسداد ولن نؤخر قسطاً واحداً، والكويتيون يعلمون ذلك.

أما الديون فهناك محاولات مع كل دول العالم لخفضها أو إسقاطها، وكان لدول العالم وقفة مشرفة مع العراق من خلال نادي باريس، فساعدت على خفض 80 في المئة من ديونها والباقي منه 20 في المئة يتم شراؤه الآن من قبل العراق، مقابل دخول تلك الدول السوق العراقي بالاستثمارات، وقد نجحت وزارة المالية العراقية حينما كان عادل عبدالمهدي وزيراً للمالية، والآن الوزير بيان جبر الزبيدي نجحت كثيراً في شراء تلك الديون.

أما في ما يتعلق بديون الكويت فأكيد ستجد القيادتان العراقية والكويتية حلاً يرضي الجميع، لذا أنا أعجب من كل التصريحات التي تختلق عملية تهرب العراق من كل التزاماته، لأن المسألة ليست بيد العراق ولا الكويت فهي بيد مجلس الأمن الدولي، وبالتالي العراق ملتزم بها تماماً ولم يتهرب ولا للحظة واحدة عن ذلك.

• لكن هناك بعض التصريحات تثار هنا وهناك تؤجج وتشكك مثلما حدث مؤخراً حول تصريح ممثل العراق لدى جامعة الدول العربية قيس العزاوي، ما قولك بذلك؟

- أنا في الشهر الأول من قدومي إلى الكويت يرفع لي الكارت الأصفر (يضحك)، فالمسألة كانت جداً مؤرقة ومقلقة، لأن بعض وسائل الإعلام للأسف تحاول أن تثير قضايا ليس من مصلحة الطرفين إثارتها، فمسؤولية وسائل الإعلام كبيرة جداً، وما حدث في تصريح العزاوي من تحريف كان استعجالاً وتسرعاً ما كان ينبغي أن يحدث، لكن الحمدلله تسارعت القيادتان في العراق والكويت إلى استيعاب الأزمة بعدما تحقق كل منهما أنها أزمة مفتعلة وليست حقيقية، فالسفير العزاوي تحدث في محفل عام عن صدام حسين بخصوص الملفات العالقة بين العراق والكويت وقال عنه دخل في لجنة وانسحب من أخرى، ولم يعترف بالحدود مع الكويت، والناقل الإعلامي قطع الجملة وذكر وقال العزاوي وكأن الكلام ليس منسوباً لصدام حسين بل للعزاوي، الأمر الذي أثار الأزمة بين البلدين، فهل السفير جاهل كي يتصرف مثل هذا التصرف خصوصاً أنه قبل فترة بسيطة تم تعيينه في الجامعة، لأن كل سفير ملزم لأن يعمل وفق إطار دولته وسياسة حكومته ووزارته الخارجية، فهذا الخبر لم يبث لا من خلال وكالات الأنباء العالمية ولا من خلال صحف عالمية أو محلية، والذي بثه فقط موقع كويتي معروف وكتبه كما هو حتى لم يذكر نقلاً عن كذا، كما هو متبع في العرف الصحافي والإعلامي، أعقبتها أخبار ليس لها وجود كخبر الحشود العراقية على الحدود الكويتية، بل وان السفير العراقي ذهب وتفقد الحدود وتفاوض مع المحتشدين، وهناك من طالب في الكويت الذود عن حياض الوطن وأعلنوها حرباً من لا شيء، وكل ذلك جاء في صحيفة واحدة فقط وليس في جميع الصحف الكويتية، وهذا دليل على أن الخبر ليس حقيقياً وإلا كان تناقلته جميع الصحف المحلية، فهل يعقل ذلك، وأساساً العراق مشغول بجروحه وآلامه وأموره الداخلية، فكيف يفكر في مثل هذه الأمور؟، وفي ظل قيادة عراقية جديدة هي مؤمنة تماماً بوجود دولة الكويت ومؤمنة بوقوفها بجانب العراق في التخلص من الدكتاتور، لذا يجب تحري الدقة في نقل الأخبار، وأنا أرى أن هناك جهة هي التي تعمل على تأخر العلاقة بين البلدين وعودتها إلى المربع الأول، لكنني أؤكد أن العلاقات الكويتية-العراقية انطلقت ولا يمكن لأي أحد أن يوقفها مهما فعل ومها حاول أن يعكر صفوها، فالقيادتان والشعبان مدركان تماماً لذلك، وسيعمل الطرفان على تفعيلها سياسياً وثقافياً وفنياً واجتماعياً، وتفويت الفرصة على هؤلاء، لأن الجانبين عرف اللعبة وأدركاها جيداً.

وعلينا فعلاً أن نجعل ذكرى تاريخ 2/8 مناسبة لانطلاق العلاقات بين البلدين وفق المعايير الدولية والإنسانية والأعراف بعيداً عن مفهوم شريعة الغاب.

السيرة الذاتية

• الاسم: محمد حسين محمد علي بحر العلوم

• محل وتاريخ الولادة: النجف - العراق 20 أبريل 1958

• الحالة الاجتماعية: متزوج وله اربعة اولاد - بنتان وولدان: زيد 1986، جمانة 1987، يوسف 1991، اريج 1996

• اللغات: العربية - الانكليزية

• التحصيل الاكاديمي: ماجستير هندسة الانظمة الرقمية - جامعة برونيل - لندن / بريطانيا 1991

المناصب:

• أغسطس 1979 - فبراير 1980 مهندس وكالة الانباء العراقية - بغداد / العراق

• يوليو 2003 - مايو 2004 مستشار في مجلس الحكم العراقي بغداد / العراق

• يونيو 2004 - ديسمبر 2004 مستشار في الجمعية الوطنية الانتقالية بغداد / العراق

• يوليو 2006 - سبتمبر 2009 مؤسس ومدير تنفيذي - معهد المعلمين للدراسات العليا للعلوم السياسية والدولية - النجف/ العراق

• سبتمبر 2009 - فبراير 2010 سفير - ديوان وزارة الخارجية - بغداد/ العراق

• أبريل 2010 - حتى تاريخه سفير جمهورية العراق لدى دولة الكويت

زيباري: غزو قوات صدام حسين ما زال سبباً للتوتر بين العراق والكويت

قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أمس، إن اجتياح الكويت "كان أحد أكبر الأخطاء المروعة التي ارتكبها صدام وأعوانه على الإطلاق".

وأوضح زيباري، أن "العراق عانى وما زال يعاني العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن"، مؤكدا أنه "يكافح" منذ أن تولى منصب وزير الخارجية قبل سبع سنوات "لإعادة بلادي الى ما كانت عليه قبل الثاني من أغسطس 1990".

وأضاف "كنت أتمنى أن يعالج هذا الأمر في نهاية العام الحالي، لتطوى هذه الصفحة، لكن الحكومة العراقية أرجأت ذلك إلى الحكومة المقبلة بسبب الانتخابات".

وقال الوزير العراقي، إن نحو 600 شخص كويتي للأسف باتوا في عداد المفقودين منذ الاجتياح، بينما أعيد رفات 285 كويتيا، مؤكداً تعاون العراق في ما يتعلق بإعادة الأرشيف والوثائق الكويتية.

وأكد زيباري، أن غزو القوات العراقية للكويت على يد صدام حسين "خطأ كارثي" ما زال يلقي بظلاله على العلاقات بين البلدين.

(بغداد - أ ف ب)

back to top