يُروى أن أحد الحرامية رأى رجلاً في الطريق، وقد ظهر كيس نقوده من "عبه"، وكان الرجل تبدو عليه علامات الغفلة، فتبعه الحرامي عن كثب يراقبه، ويتحين الفرصة لعله يرى منه غرة فينتشل منه كيس نقوده. حتى إذا ما دخل الرجل إلى السوق وسط الزحام تمكّن منه الحرامي فنشل منه الكيس وولى هارباً.

Ad

ولما أصبح الحرامي في مأمن من العيون، فتح الكيس فلم يجد فيه سوى بعض الفصوص والخرز التي لا قيمة لها ومسواك قديم، ولكنه لم يجد فيه شيئاً من النقود، فلفّ الكيس ورماه في دكان بقال، صادفه في طريقه، كان يبيع الطماطم. فسقط الكيس في سلة الطماطم، ثم لحق الحرامي بالرجل الغافل، وقال له: "عمي كيسك عند بيّاع الطماطم، روح أخذه منه"، ثم ان الخبر ذاع بين الناس، فضحكوا من قول الحرامي، وعجبوا من غفلة الرجل وذهب ذلك القول مثلا.

هذه القصة تنطبق على وزير الشؤون محمد العفاسي الذي هو أشبه بصاحب الكيس في القصة، فالوزير ذهب إلى سويسرا للاجتماع مع رئيس اللجنة الأولمبية جاك روغ يتوسل إليه تعليق إيقاف النشاط الرياضي الكويتي، وقد كان له ذلك حيث مُنحت الكويت فرصة أخرى إلى نهاية العام الحالي لتعديل القوانين الرياضية حتى "تتوافق" مع قوانين "الفيفا" واللجنة الأولمبية الدولية. هل يريد الوزير العفاسي أن يقنع نفسه أو يقنع غيره أن مشكلة تعليق الرياضة الكويتية هي في حقيقتها مشكلة مع "الفيفا"؟ أو أن بلاتر لا تعجبه قوانين الرياضة الكويتية؟ إذا كان ذلك حقاً ما يعتقده العفاسي فإننا نقول له إن مشكلتك كوزير للشؤون ومشكلة الكويت ككل ليست مع "الفيفا" وليست مع أي جهة خارجية، بل مع نادي القادسية بقيادة الشيخ طلال الفهد وتابعيه من أندية ما يسمى بالتكتل، والتي يحركها كما يحرك الخاتم في أصبعه.

العفاسي يعلم أن العلة "داخلية"، ولكن مشكلة العفاسي أنه لا يجرؤ على مواجهة المشكلة محلياً فيلجأ لنقلها إلى الخارج وتصوير المشكلة على أنها في القوانين المحلية، وأن الإيقاف آت لا محالة إذا لم نعدل القوانين الرياضية، في حين أن الجميع يعلم علم اليقين أن المشكلة الحقيقية أن الشيخ طلال "راسه وألف سيف" الا أن يتكون مجلس إدارة اتحاد كرة القدم من خمسة أعضاء وليس 14 عضواً كما هي الرغبة الأميرية، وفي سبيل ذلك فإنه مستعد أن يعلِّق النشاط الرياضي الكويتي إلى الأبد، حتى يحقق ما يريد لفرض إرادته بتغيير القوانين الخاصة بالرياضة والتي أقرها مجلس الأمة.

نقول للوزير العفاسي لا تتعب نفسك بالسفر والترحال، فلان وعلان لأن "كيسك" ليس عندهم، بل عند نادي القادسية. إذا كانت الحكومة جادة في رفع سيف الإيقاف المسلط على رقبة الرياضة الكويتية، فإن المنطق يقول إن الشيخ أحمد الفهد، وهو نائب رئيس لمجلس الوزراء يمون على أخيه الشيخ طلال لكي يوافق على مقترح الأربعة عشر عضواً، ولكن يبدو أن "بوفهد" هو الآخر إما لديه نفس قناعة الشيخ طلال وإما أنه مع أخيه على "الغريب".

إذا لم يكن العفاسي ومجلس الوزراء بما يملك من سلطات قادراً على إيقاف "المتآمرين"، فما عليه إلا أن يطالب مجلس الأمة بتعديل قوانين البلد، أو أن يتوجه بوفد من وجهاء البلد ليتوسطوا عند الشيخ طلال لكي يقبل الرغبة الأميرية ولا يحرك "قفة" ورفاقه لمراسلة "الفيفا". خلاصة نقول للوزير العفاسي: لا تضيع وقتك في البحث عن الكيس، فـ"كيسك عند بياع الطماط".

 

تعليق: بعض النواب يريد أن يضفي القدسية على المناهج الدراسية وكأنها لا يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها، والبعض يقول إن هذه عقيدة أهل السُّنة والجماعة، وكأنه يقول مادمنا نحن الأغلبية فلنا الحق في وضع المناهج التي نريد شاء مَن شاء وأبى مَن أبى. لهؤلاء نقول إن الوطن للجميع وليس لفئة دون أخرى، فليس في الدستور أغلبية وأقلية، فالجميع سواسية ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وكما أنكم لا ترضون بأن يجرح أحد معتقداتكم، فالآخرون كذلك لا يقبلون، فقليلاً من التجرد والإنصاف، حتى لا تعميكم العصبية عن رؤية الحق. الكويت للجميع، وليس فيها "أبناء ست وأبناء جارية".

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء