ملأت شركات الاستثمار الأرض صراخاً بسبب شح التمويل، ولم تدخر جهداً في التحذير من أثر سياسة "المركزي" المتشددة في منحها التمويل على القطاعات الاقتصادية بالبلد، ولكن بيانات "المركزي" عن نمو الائتمان جاءت بما لا تشتهي شركات الاستثمار، لتوضح نمو التمويل والإقراض منذ بداية العام لجميع القطاعات حتى المالية.
منذ بداية الأزمة وتتعالى شكاوى وتحذيرات الاستنجاد لشركات الاستثمار، والتي تشكو شحَ التمويل وسياسة التشدد الائتماني التي تنتهجها البنوك في منح القروض والتمويلات، إذ لم تدخر جهداً في مهاجمة سياسة البنوك لحد مهاجمة سياسة البنك المركزي، راسمة صورة قاتمة للاقتصاد كله إذا لم يتم حل مشاكلها، مستندة في ذلك إلى أن استثماراتها تمتد إلى جميع القطاعات الاقتصادية بالبلد، وستتعرض للانهيار إذا لم تحل مشكلة التمويل.ورغم الضجة التي أثارتها شركات الاستثمار من (التشدد الائتماني) الواقع على جميع القطاعات، استمر البنك المركزي في سياسته المتشددة حيال منح القروض لهذه الشركات، بل وقام بإعطاء الضوء الأخضر إلى البنوك لتسهيل تمويل المشروعات التشغيلية، إذ أظهرت البيانات الصادرة عن "المركزي" حتى نهاية شهر يونيو الماضي ارتفاع تمويل البنوك من بداية العام لكل القطاعات التشغيلية، بالإضافة إلى القطاع والمؤسسات والشركات المالية.وأوضحت بيانات "المركزي" أن قطاع التجارة زادت تمويلاته بنسبة 1 في المئة من 2.26 مليار دينار إلى 2.284 مليار دينار، كما ارتفعت تمويلات قطاع البناء بنسبة 3.14 في المئة، من 1.724 مليار دينار إلى 1.778 مليار دينار، وزادت تمويلات القطاع الصناعي بنسبة 4.67 في المئة، من 1.5 مليار دينار إلى 1.57 مليار دينار، وقطاع الزراعة وصيد الأسماك زادت من 12.4 مليوناً إلى 13.2 مليون دينار بنسبة 6.45 في المئة، أما قطاع النفط الخام والغاز فارتفع نصيبه من التمويلات بنسبة 6.9 في المئة من 217.8 مليونا إلى 232.8 مليون دينار، في حين انخفضت التمويلات المقدمة إلى قطاع العقار بنسبة 2.3 في المئة من 6.596 مليارات دينار إلى 6.447 مليارات دينار بانخفاض بلغ 149.4 مليون دينار.ويجب الإشارة إلى أن تمويل المؤسسات المالية غير البنوك (شركات الاستثمار والتمويل) زاد بنسبة طفيفة بلغت 0.2 في المئة من 2.902 مليار دينار إلى 2.907 مليار دينار، وهو ما يؤكد أن تمويل البنوك مستمر في النمو، ولكن للقطاعات التشغيلية ذات الملاءة المالية الجيدة فقط، أما تمويل الشركات المالية فمتوقف حتى تقوم بتعديل أوضاعها.ومن جانبها أكدت مصادر مصرفية أن البنوك لم تمتنع عن التمويل كما يروج البعض، ولكنها امتنعت عن تمويل القطاعات غير التشغيلية فقط، والدليل على ذلك هو نمو المحفظة الائتمانية لها، مؤكدة أن أغلبية الشكاوى التي تتحدث عن شح التمويل تأتي من قطاع الاستثمار، والذي يعاني تعثرات مالية منذ بداية الأزمة المالية.وأشارت إلى أن أغلب المخصصات التي قامت البنوك بتجنيبها منذ بداية الأزمة كانت موجهة إلى الديون المتعثرة لدى شركات الاستثمار، كإجراء احترازي مع ظهور حالات تعثر لدى كبرى هذه الشركات، والتي اعتمدت على الاستثمارات المالية دون توجيه جزء من استثماراتها إلى القطاع التشغيلي فظهرت لديها مشكلة في توفير ضمانات مقبولة للبنوك لكي تحصل على تمويلات جديدة، موضحة أن قطاعات أخرى مثل الصناعة والعقار تعتمد شركاتها على ضمانات وأصول تعتبر جيدة بالنسبة للبنوك تستطيع أن تقدم لها قروضا مقابلها.ومن جانب آخر تشتكي شركات الاستثمار الاسلامي من شح التمويل المقدم من البنوك المحلية، وذلك لسببين رئيسيين الأول التشدد الحالي على التمويل والإقراض، بالإضافة إلى ضيق قنوات التمويل الإسلامية والمتمثلة في أربعة بنوك فقطن وهم بيت التمويل، والدولي، وبوبيان، وأخيراً الأهلي المتحد، إذ أشارت مصادر استثمارية إسلامية إلى أن "بيتك" يعد الممول الوحيد لهذه الشركات، نظراً لبعض الظروف الخاصة بباقي البنوك، فـ"الدولي" وصل إلى الحد المسموح له للإقراض و"بوبيان" متوقف عن الإقراض حتى يتم إعادة ترتيب أوضاعه وهيكلته، و"المتحد" مازال في طور التحول والتجديد. ورغم هذه الشكاوى فبيانات المركزي تشير إلى نمو التمويل المقدم من البنوك المحلية إلى شركات الاستثمار الإسلامي بنسبة بلغت 2.23 في المئة منذ بداية العام الحالي ليرتفع من 1.229 مليار إلى 1.256 مليار دينار بزيادته 27.4 مليون دينار.
اقتصاد
نمو الائتمان في القطاعات التشغيلية يدحض شكاوى شركات الاستثمار
03-08-2010