الجويهل... طلع اذكى منكم

نشر في 24-12-2009
آخر تحديث 24-12-2009 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي لا نكاد نخرج من أزمة حتى ندخل في أزمة أخرى بسبب أحداث مصطنعة وردات فعل إما أنها انتهازية ومدروسة وإما تنقصها الحصافة والاتزان، وما قام به الجويهل مبتذل وغير مقبول، لكن مادام الجويهل جاهلا وعنصريا وما إلى ذلك من الأوصاف التي أُطلقت عليه، فما بال النخب ومن يرتجى فيهم الحكمة والعقلانية ينحدرون إلى نفس مستواه؟!

وهل المجاميع التي تجمهرت وانتفضت على ما قيل بهذا الضعف وعدم الثقة بنفسها حتى يستفزها شخص واحد؟ فإذا كان هدف الجويهل هو الظهور وزرع الفتنة، فقد نجح أيما نجاح بإعطائه وزناً أكبر من حجمه بكثير عبر حفلة الشتائم التي أقيمت في الأندلس، وإذا كان الجويهل مجرد «عصعص» تقف خلفه جهات مشبوهة، فإن هذه الجهات ترقص وتصفق على النجاح الذي حققته عبر الجويهل. فهذا النائب يخرج عن طوره ويشتم، وذاك يؤكد ولاء أبناء القبائل للوطن وكأن أحداً طالبه بإثبات الولاء، وثالث يطالب بالزحف وأخذ الحق بالقوة.

أما إذا كان المؤزمون يريدون جنازة ليلطموا عليها، فيجب أن يشكروا الجويهل لأنه أعطاهم موضوعاً يبعد الأنظار عن خيبتهم في جلسة الاستجوابات، ووجدوا فرصة للنيل مرة أخرى من سمو الرئيس وبعض الوزراء فيقول أحدهم «سنجري قرعة على من يستجوب» وكأن العودة إلى هذا المسلسل هي الحل للمشكلة، فبذمتكم، هل هذا كلام يليق بمخضرم من المفترض أن يعالج الأمور بحكمة؟

ثم تعالوا لنشاهد التناقضات الصارخة في الندوتين، فأغلبهم يدّعون التمسك بالدستور والوحدة الوطنية، وهم نتاج انتخابات فرعية مخالفة للقوانين ومستندة إلى التعصب للعرق! ومنهم من قال إنه سيكون مدافعاً عن أي كويتي شيعياً كان أو سنياً، حضريا أو بدويا وعن أي غبن يصيبه، وهو الذي طعن زملاءه (وليس خصومه) بالظهر أثناء أزمة التأبين وانجرف مع حملة الإعلام الفاسد الذي يدّعي محاربته الآن! ونائب آخر كان يقول «فات وقت الاعتذار»، أي حان وقت تعليق المشانق، وهو الأمر الذي ابتغاه الإعلام الفاسد آنذاك!

ومنهم مَن يعترض على شق الوحدة ورفض ألفاظ الجويهل، وهو من تلفظ بكلمة نابية على النائب عادل الصرعاوي ووصفه بـ»البيسري»، فحينذاك لم ينتفض دعاة الوحدة ورافضو الشتم ضد صاحبهم، وبالمقابل لم يقم النائب الصرعاوي بحشد مسيرة للاحتجاج لأنه واثق من نفسه، وتعامل بالشكل الذي يليق بحجم «الأصيل» وقال له «سلاماً»، امتثالا للقرآن الكريم.

إن ردات الفعل التي تحدث الآن تجاوزت موضوع الجويهل، وتحولت إلى فرصة لإعادة محاولة اختطاف البلد، ففي الأمس اتفق المجلس على إحالة كل ما تعلق بالأحداث الأخيرة والإجراءات الحكومية حيالها إلى لجنيتن في المجلس وبحضور النواب الذين دعوا بنفس الليلة إلى تقديم ثلاثة استجوابات جديدة دفعة واحدة! فيبدو أن المايكروفون والجماهير تجعل حتى العاقل منهم يفقد صوابه، خصوصاً إن كان تحت تأثير الإرهاب الفكري والجماهير المتأثرة بـ»الهليلة».

***

ما دمنا نتحدث عن الفتنة، فإننا نرفض أيضاً قيام أحد المتطرفين بقول إن «عاشوراء يوم فرح وسرور»، والذي يفترض أن يستفز جميع المسلمين لأنه اليوم الذي استشهد فيه حفيد خير البشر وسيد شباب أهل الجنة. رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بكى حين أنبأه جبرائيل بأن حفيده سيقتل بأرض الطفن، وهذا يقول إن هذا اليوم يستحق الفرح! لكن معالجة هذا الأمر كان يجب أن تكون أيضا بالتعامل مع حجم هذا الشخص الحقيقي، وبعيداً عن الإعلام، وليس بالمانشيتات العريضة يوميا على الصفحات الأولى لبعض الصحف، وليس بتحدث بضعة أفراد باسم طائفة بكاملها، بينما هم لا يمثلون سوى أنفسهم، وحتى لا يصبح هذا الشخص بطلاً، ويؤيده مئة من الدعاة والمشايخ، فمن هذا حتى يستفز قطاعا كبيرا من الشعب الكويتي؟!

back to top