انتهى الفصل الأخير من مسرحية الجائزة العربية للرواية (البوكر) بشكل مبهج لنا كخليجيين كنا ننعت، ولا نزال، كأدباء الهامش مقابل أدباء المركز وبشكل تراجيدي للبقية التي راهنت على بقاء الساحة مفتوحة لأدباء المركز التقليدي. عبرت الجائزة البحر الأحمر الى جدة، حاملة كاتبها الروائي عبده خال الى ما يستحق من تقدير بعد جهد متواصل ودؤوب. لم يكن اسم عبده خال مصاحبا للضجة التي صاحبت الجائزة، لم نسمع له تصريحاً نارياً أو ثلجياً وكأن أمرها لا يعنيه حتى وصلت اليه.

Ad

سنترك الآن الحجارة الملقاة على أبواب المسرح، وسنفرح لفرح كاتبنا، لا يعني ذلك أننا سعداء بما حدث طوال الفترة التي صاحبت الترشيحات والتصريحات الحامضة التي رافقتها، خصوصا أثناء دورتها الحالية، ولن ننكر أننا شاركنا في تلك الضجة من منطلق تقييمي ورد فعل على تلك التصريحات التي أرادت للجائزة أن تذهب لعمل ما دون سواه، ولكننا نذكر بأن أعضاء الجائزة ولجنة تحكيمها بالذات كان لهم الدور الأساس في تلك الضجة، فالوعكات الصحية المباغتة والانسحابات والعودة عنها وتدخلات الكتاب والنقاد والهجوم على رئيس اللجنة لم تكن من أعمالنا كمراقبين ومتابعين للحدث. سنترك كل ذلك الآن من أجل عيون عبده خال.

ندرك تماما أن الروايات التي تسنى لنا قراءتها من القائمة الطويلة لـ "البوكر" لا ترقى إلى مستوى روايات الصف الثالث من روايات النسخة الأصلية لـ "البوكر"، وذلك ليس تجنيا على أعمال الرواية العربية، فأعمال وصلت بأصحابها عبر البوكر الغربية الى جائزة نوبل عن استحقاق وجدارة لن نتبجح بمقارنتها بأعمال عربية. يثبت ذلك أيضا أن الأوساط الثقافية الغربية لا تتناول في عرضها أو نقدها الأعمال العربية التي ترجمت الى الانجليزية، وهي اللغة التي نتابع بها ما يكتب في الوسط الثقافي الغربي. وسنقصر فرحنا في محيطه العربي.فرحنا بفوز عبده خال فرح مبرر لأسباب أولها تسليط الأضواء على الأدب الخليجي ورفع تهمة الترف عنه. عبده خال نفسه كان يشعر بمرارة منع كتابه في بلده، ونحن نعرف أنه منع ايجابي يكثف حدة الضوء الموجه اليه، منع يرتفع بالكتاب لا ينقص من قيمته أو يحد من انتشاره. فوز عبده خال جاء فوزا للرواية لا للروائي. فلم يكن عبده يتكئ على منصب ثقافي أو حكومي، ولم يكن خلفه نقاد بحناجر فولاذية تؤثر على قرارات الفرز. فوز خال تتويج للعمل الخليجي الجاد في الأدب في العقود الماضية، صاحبه ظهور أصوات نقدية مهمة أفادت كثيرا من دراسة الأدب العالمي وأسهمت في تطوير النتاج الابداعي.

الظاهرة الجديرة بالاهتمام هي عدد الروايات المشاركة في الجائزة، وهي التي رشحتها دور النشر وبلغت 115 رواية، فضلا عن روايات نشرها أصحابها أو روايات لم تشارك فيها دور النشر، وهي روايات انتجت في عام واحد فقط. ذلك مؤشر طيب نحو تسيد هذا الجنس الأدبي الساحة الثقافية وغزارة منتجه، وهو مؤشر الى تطوير الفعل الروائي للوصول إلى رواية عالمية حقيقية.