زمن عبدالله السالم ضياع البدون

نشر في 13-01-2010
آخر تحديث 13-01-2010 | 00:00
 أ.د. غانم النجار الجدل الدائر حول مشكلة البدون هو جدل محزن ومؤلم ومؤسف، وبالذات عندما يزعم مَن يزعم أن الإبقاء على الوضع الراهن مطلوب لحماية البلاد وأمنها الوطني، ما يخرجها من استحقاقها الإنساني إلى الحلبة السياسية البغيضة.

من الناحية التاريخية والرسمية، ظهر علينا مصطلح البدون في زمن عبدالله السالم، وتحديداً بعد صدور قانون الجنسية سنة 1959، وهي السنة المحورية في تاريخ الكويت، وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه بأن تلك السنة كانت مرتكزاً لبناء الدولة الدستورية.

لم تصبح قضية البدون مشكلة إنسانية إلا بعد سنة 1985، حين قررت السلطة التنفيذية بلا مقدمات أن تلغي مصطلح البدون، هكذا بجرة قلم.

إلا أن السلطة التنفيذية ذاتها هي التي جعلت من 80 في المئة من الجيش من البدون، وهي التي شجعتهم وأسبغت على وجودهم أمراً واقعاً، وربما تكون بتلك الأفعال شجعت من يكون قد حمل جنسيات أخرى وأخفاها.

بل إنه اتضح لنا أن الأغلبية العظمى من الحماية الشخصية لسمو الأمير الشيخ جابر الأحمد رحمه الله كانت من البدون، واستُشْهد منهم من استُشْهد وجُرح مَن جُرح دفاعاً عن سموه في محاولة اغتياله الآثمة، فهل كان الذي جعل البدون على هذه الدرجة من الاقتراب الأمني، يعبث بأمننا الوطني؟ وهل بقدرة قادرة تحوَّل أولئك البدون الذين شكلوا 80 في المئة من القوة الأمنية، والمؤتمنون على حياة رأس الدولة إلى مزورين وخونة وغير ذلك من الأوصاف؟ هكذا فجأة؟ وهل يجوز أن تتحول الدولة إلى منطق البقالة، تغلقها متى شاءت، وتفتحها متى شاءت؟ غير عابئة بالمراكز القانونية والاستحقاقات التي تخلقها التزاماتها تجاه البشر أيا كانوا، من أي ملة، أو أي مذهب أو أي عنصر أو عرق أو قبيلة دون تمييز؟

في سنة 1971، وفي إطار أفضل مجلس أمة إنجازاً، جرى تعديل بسيط على قانون الجنسية أجاز لوزير الداخلية، بصفته، منح الجنسية لمن يحصل على شهادة الثانوية العامة، في وقت كانت تلك الشهادة تحمل قيمة علمية، بما يمكن تسميته بالتجنيس التعليمي. ومع أنه لم يتم التوسع في ذلك النوع من التجنيس الأكثر منطقية من مفهوم الأعمال الجليلة الهلامي، فإن التركيز كان على خريجي الجامعة، وقد حصل بموجب ذلك على الجنسية العديد من الأشخاص الذين يحمل الكثير منهم الآن درجة الدكتوراه، وهم يخدمون وطنهم، كلٌ في مجاله، فهل كان مَن قام بذلك الإجراء البعيد النظر مُفرِّطاً في أمنه الوطني؟ وعلى أية حال لم يطل العهد بذلك القانون، فتم تعديله إلى الوراء مرة أخرى.

كيف جرى ذلك التحوُّل الحاد، وأصبح البدون فئة غير مرغوب فيها؟ ولماذا يجري تعميم صفة البدون على الجميع؟ وهل كان هناك دور للمخابرات البعثية العراقية خلال الحرب العراقية- الإيرانية في تحوّل البدون إلى مشكلة؟ ولماذا لم نستفد من فرصة الغزو العراقي للتعامل بشكل أكثر حصافة مع الذين أثبتوا ولاءهم المطلق للكويت؟

ولماذا يجري خلط ورقة البدون بملف التجنيس المثخن بالأخطاء والمحسوبية؟ وما هي ملامح الحل المنطقي الذي يضمن الالتزام الإنساني ولا ينتقص من سيادة الدولة بحقها في التجنيس؟ للحديث بقية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top