أكتب هذا المقال يوم الثلاثاء دون أن أعرف مصير قانون الخصخصة وتفاصيل التعديلات التي أقرتها اللجنة المالية في المجلس، لكن هذا لا يمنع من طرح بعض الملاحظات الجوهرية على نص القانون الذي أقر في المداولة الأولى لأن المجال لا يسع لتناول جميع المواد:

Ad

• المادة 12- فقرة (أ): «نسبة لا تقل عن خمسة وثلاثين في المئة (35٪) من الأسهم تطرح للبيع في مزايدة علنية تشترك فيها شركات المساهمة المدرجة في أسواق المال المحلية والشركات الأخرى التي يوافق عليها المجلس».

السؤال هنا: لماذا اقتصار المزايدة على الشركات المساهمة فقط والمدرجة فقط في الأسواق المحلية؟ فهناك شركات محلية معروفة بإدارة وتنفيذ مشاريع كبرى لكنها غير مساهمة، واقتصار المنافسة على المساهمة المحلية فقط مع الأوضاع السيئة التي تمر بها في هذه الأيام سيقلل من فرص الدولة للحصول على أسعار أفضل في المزايدة. كما أن اشتراط موافقة المجلس الأعلى للتخصيص على «الشركات الأخرى» فيه كثير من الغموض، ويفتح باباً للفساد، حيث يكون بإمكان المجلس استبعاد من يشاء حسب أهواء المنافسين.

لذلك، المطلوب فتح المنافسة على جميع الشركات المحلية والأجنبية مع إعطاء الأولوية لأصحاب التخصص، فنحن بحاجة مثلاً إلى خبرة شركات البريد والشحن العالمية مثل (DHL) لإدارة قطاع البريد، كما أن الشركات الأجنبية ستجلب الحوكمة معها بنسبة أفضل من الشركات المحلية. وإذا كان هناك تخوف من دخول الشركة الأجنبية التي تراعي مصلحتها فقط دون مصلحة الدولة والمواطنين، فإن السهم الذهبي كفيل بصد أي قرار لا يراعي مصلحة الدولة.

• تعطي المادة (13) المواطنين مهلة 60 يوماً فقط للاكتتاب في القطاع المخصخص، لكن هذه المهلة غير كافية، خصوصاً أن عدد الأسهم قد يكون كبيراً، وبذلك يحرم ذوو الدخل المحدود من الاستفادة من هذا الاستثمار مع أن القانون صمم بطريقته الحالية لإفادة عامة المواطنين خصوصا ذوي الدخل المحدود. لذلك يجب تقديم تسهيلات للمواطنين للاكتتاب، كأن يتم استقطاع ما لا يزيد على 5% من راتب المواطن حتى يسدد كامل قيمة أسهمه.

• تعطي المادة (19) العاملين في القطاع الذي يراد تخصيصه حق الانتقال إلى القطاع الحكومي بنفس المزايا التي يتمتعون بها، وهذه لعمري مادة خطيرة تتناقض مع ما ينشده القانون من التخلص من البطالة المقنعة وتحفيز المواطنين على العمل في القطاع الخاص. فإذا خيِّر العامل (سواء المنتج أو غير المنتج) بين العمل في قطاع خاص ينشد الربحية ويتطلب العمل ولا يضمن مستقبله الوظيفي بعد خمس سنوات، والانتقال بنفس المزايا إلى قطاع حكومي يسهل فيه التسيب ومضمون المستقبل، فإن ذلك سيؤدي من دون شك إلى هجرة الجميع إلى القطاع الحكومي، مما يزيد من ترهل هذا القطاع. كما أن هذه المادة تكافئ غير المنتجين وتشجعهم على الاستمرار في هذا النهج بدلاً من حثهم على العمل والإنتاج وليس على الاتكالية والخمول، وفي الوقت نفسه تشجع المنتج على التخلي عن إنتاجيته بالانتقال إلى الحكومة، لذلك يجب أن تلغى ميزة الانتقال إلى القطاع الحكومي، لاسيما أن القانون يضيف خمس سنوات على الأقل لخدمة جميع موظفي القطاع المخصخص.

• تحدد المادة (20) نسبة العمالة الوطنية بالقطاع المخصخص، مع أنه من السهل على الشركة المديرة للقطاع الالتفاف على هذه المادة عبر تقليل عدد العاملين الرسميين وإعطاء بعض الأعمال المرتبطة (كالصيانة) إلى شركات مقاولات. لكن تصحيح هذه المادة لا يكون عبر تحديد عدد العاملين الكويتيين (وليس النسبة) لأن ذلك من شأنه تقييد القطاع من التخلص من العمالة الخاملة، بل يكون بإصلاح قانون شركات المقاولات، بحيث تعطى فرص أكبر للعمالة الوطنية للعمل بهذه الشركات، وإعطاؤهم المزايا المالية التي تجذبهم لمثل هذا العمل غير المرغوب به حالياً، وهو ما سنتطرق له لاحقاً.