دفعت الأزمة المالية التي تمرّ بها حكومة "حماس" في قطاع غزّة، المئات من موظفيها إلى اعتماد سياسة تقشف جديدة في حياتهم اليومية، خشية استمرار الضائقة المالية، وتراكم الديون عليهم.

Ad

ويحاول معتصم (35 عاماً)، الاختفاء عن أنظار صاحب البقالة القريبة من منزله في أحد مخيمات اللاجئين جنوب غزّة، ويغلق جواله ساعات طويلة، تجنباً للإحراج من جراء الدين الذي تراكم عليه منذ شهرين، لعدم حصوله على راتبه الشهري كاملاً.

ويعمل معتصم موظفاً في إحدى مؤسسات حكومة "حماس"، التي دفعتها أزمتها المالية أخيراً إلى صرف 1500 شيكل (حوالي 350 دولاراً) لجميع موظفيها في القطاع العام.

ويقول معتصم الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد لـ"الجريدة": "بالكاد نستطيع تدبير أمور المنزل بالراتب كاملاً (...)، السلفة لا تكفي لسداد فاتورة الكهرباء والهاتف والبقالة ولوازم أطفالي".

ويضيف: "سنضطر إلى اعتماد سياسة تقشف جديدة في المنزل، والاستغناء عن أشياء كثيرة".

وأعلن وكيل وزارة المالية في حكومة "حماس" إسماعيل محفوظ قبل أيام، أن وزارة المالية في غزّة ستصرف راتباً كاملاً للموظفين الذين يتقاضون راتباً أقل من 1500 شيكل، بينما ستصرف 1500 شيكل للموظفين الذين تزيد رواتبهم على هذا المبلغ.

وتقول فصائل فلسطينية يسارية تعارض سياسات حركة "حماس" الاقتصادية، إن الأزمة المالية التي تمر بها الحكومة المقالة، دفعتها إلى فرض ضرائب في قطاع غزّة، أبرزها على الوقود والسجائر.

وتنفي "حماس" وجود ضائقة مالية، رغم إقرارها بوجود صعوبات كبيرة في عمليات تمرير الأموال إلى القطاع المحاصر.

وذكرت مصادر فلسطينية حسنة الاطلاع لـ"الجريدة"، أن مصر تفرض قيوداً مشددة على دخول الأموال إلى حركة "حماس"، مشيرة إلى أن هذه القيود أدت الى توتر العلاقة بين الجانبين، خصوصاً بعد تفجيرات الأنفاق الأخيرة، وسقوط عدد من الضحايا في داخلها.

ويعجز محمد (40 عاماً)، الذي يتقاضى راتباً يزيد على ألف دولار من حكومة "حماس"، عن تدبير أمور عائلته بجزء من معاشه الشهري الحالي، خصوصاً أنه يدفع أقساطاً شهرية لأحد البنوك مقابل شقة كان قد اشتراها منذ سنوات.

ويقول محمد وهو طبيب في إحدى الدوائر الصحية لـ"الجريدة": "قسط الشقة الشهري يزيد على السلفة التي أتقاضاها (...)، لقد وقعت في إحراجات مع الكفلاء والأصدقاء".

وأغلق البنك العربي وهو أحد أقدم البنوك العاملة في قطاع غزّة، قبل يومين، فرعين له في القطاع من أصل ثلاثة، بعد إجباره عشرات من موظفيه على الاستقالة، لأسباب يرى خبراء اقتصاديون أنها تحمل أبعاداً سياسية.