خرجت علينا النائبة د. رولا دشتي بعد ظهر الأحد الماضي، وفي أعقاب جلسة بحث ما سمي بقانون حقوق المرأة الاجتماعية والمدنية، من خلف منبر الصحافة البرلمانية غاضبة ومتجهمة وبصوت رخيم منفعل، ولهجة محببة من كوكتيل لهجات شعوب بني يعرب التي تؤكد وحدة المصير العربي وانصهار شعوبه بالقربى والنسب، لتعلن- بصيغة التعميم- أن المجتمع الكويتي غاضب وممتعض مما حدث في الجلسة من رفض بعض البنود المتعلقة بمنح أبناء الكويتيات المتزوجات بأجانب الرعاية الشاملة التعليمية والصحية بقوة القانون، ومنتقدة الحكومة لعدم مؤازرتها تلك القوانين.

Ad

ولكنني وبعد أن استمعت إلى عبارات غضب النائبة وتقريعها للحكومة، وددت أن أسألها، وأظن أن الكثيرين مثلي يودون أن يسألوها السؤال التالي: كرمال الله ودخيلك يا دكتورة... من أين أتيت وبأي مقياس للرأي حكمت بأن المجتمع الكويتي كله غاضب لعدم مؤازرة الحكومة وبعض النواب لتلك القوانين؟!... فهذا القانون ليس له مثيل في العالم، فحصول ابن الأميركية أو السويدية وغيرهما على امتيازات، يكون لأنهم فور أن يولدوا يحوزون جنسية أمهاتهم التي يستمدونها من رابطة الدم معها أو الإقليم، وفقاً لقوانينهم، بينما قانون الجنسية الكويتي يمنح الجنسية وحقوقها وواجباتهــــــا وفقاً لرابطـــــــة الـــــــدم مــــع الأب فقط، لذلك فإن الاستشهاد بأن دستـــور الكـــويـــت لا يميز بين الرجل والمــرأة يقع تحــــديــــداً على الأفـــراد الحائزين على الجنسية، بينما لا يعتبر المولود للمرأة الكويتية من أب أجنبي مواطناً تنطبق عليه الحقوق والواجبات الدستورية التي تستوجب المساواة مع المواطن، إلا إذا تم تعديل قانون الجنسية وأصبحت شروط الحصول على الجنسية الكويتية تستمد من الأبوين أو الإقليم (أراضي دولة الكويت).

موقف الحكومة والنواب الذين عارضوا تلك القوانين كان عين الصواب، والعقلانية التي طالبت بها د. رولا نفسها في اليوم التالي (الاثنين)، وبعد إقرار التعديلات على قانون صندوق المتعثرين، عندما امتدحت موقف أغلبية النواب والحكومة من معالجة قضية القروض من خلال الصندوق فقط، وطلبت من زملائها النواب والمواطنين أن يتحلوا بالعقلانية في موضوع إسقاط القروض أو فوائدها، ونحن كذلك نناشد النائبة دشتي وزميلاتها النائبات أن يتحلين بالعقلانية في موضوع أبناء الكويتيات، بالاكتفاء بقرارات على مستوى وزاري تضمن لهم العيش الكريم مع أمهاتهم في البلاد، بدون شطحات تشريعية وقوانين قد تنهك الدولة بالتزامات مالية هائلة في المستقبل تجاه مقيمين أجانب في بلد أحادي الدخل، سيعاني عجوزات مالية خلال الفترة المقبلة كما يحذرنا دائماً زميلاها الوزيران السابقان بدر الحميضي وأحمد باقر، فلا يجوز بعد ذلك وهي الاقتصادية المخضرمة المطلعة على الشأن المالي والاقتصادي في البلد، أن تضعنا وأجيالنا القادمة في مأزق تخلقه مثل هذه التشريعات التي تفرض لأسباب سياسية وانتخابية... وكِرمال الله يا دكتورة ومصلحة «أهل لكويت» أقول لك: إن أبناء وطنك في حاجة إلى كل سرير في مستشفى، ومقعد في مدرسة أو جامعة، أو فرصة وظيفية فلا تفرطي فيهم.