«أبغض الحلال»... سرية الاستجوابات
نواب أكدوا أن طلبها حق لائحي للحكومة لكن الأصل هو «العلنية»
تنص المادة 69 من اللائحة الداخلية على أن "جلسات مجلس الأمة علنية، ويجوز عقدها سرية بناء على طلب الحكومة أو رئيس المجلس أو عشرة أعضاء على الأقل، وتكون مناقشة الطلب في جلسة سرية".وبين التخوف من الخروج عن أدب الحوار وعدم الرقي في الطرح من جهة، وبين إضعاف الاستجواب والتأثير على القرار من خلال رفع الحرج عن النواب تأتي مبررات النواب الموافقين والمعارضين لمبدأ السرية، ويبقى السؤال: هل مناقشة الاستجواب في جلسة سرية تفرغ الدستور من محتواه وترفع الحرج عن النواب؟
"الجريدة" استطلعت آراء عدد من النواب، فجاءت ردودهم متباينة.جلسات الاستجواببدايةً، تقول النائبة معصومة المبارك: "إن الأصل في عقد الجلسات بشكل عام، وليس فقط جلسات الاستجواب، هو العلنية، ويجوز عقدها في جلسة سرية بناء على طلب الحكومة أو رئيس المجلس أو عشرة أعضاء، كما تقول المادة 69 من اللائحة الداخلية، فجلسات الاستجواب لم يعاملها المجلس معاملة خاصة، ومن حق الحكومة طلب مناقشة الاستجوابات في جلسة سرية من دون تقديم أسباب لذلك، وللمجلس الحق في الموافقة على طلبها أو رفضه.وتؤكد أن مناقشة الاستجوابات في جلسة سرية لا تفرغ الدستور من محتواه، خاصة أنه حق دستوري وضعه المشرع الذي كان حكيما في وضع هذا الحق، ويتم مناقشة الاستجوابات في جلسة سرية اذا كانت مادة الاستجواب سرية، أو مما يتعلق بالمحظورات، مستدركة: "فحينما يتم مناقشة الاستجوابات في جلسات علنية نجد حالة انحراف يمارسها معظم النواب المستجوبون، قلما نجدها عند مناقشتها في السرية، لاسيما حين يكون المستجوَب هو سمو رئيس مجلس الوزراء.وشددت المبارك على أن الموافقة على طلب مناقشة الاستجواب في جلسة سرية قرار يمتلكه مجلس الأمة لا الحكومة، مشيرة إلى أن الدستور لا يشترط أن تتقدم الحكومة بمبررات لعقد الجلسة سرية، وانما جرت العادة على أن تتقدم الحكومة بهذه المبررات حينما تتقدم بطلب سرية الجلسة، وفي النهاية يصوت المجلس على طلب الحكومة.وتؤكد المبارك أن مناقشة الاستجواب في جلسة سرية لا تفرغ الدستور من محتواه، ولو كانت تضعف الاستجواب كما يحاول أن يصور البعض، ما كان المشرع قد أقرها، لافتة إلى أن الاستجوابين السابقين الذين تمت مناقشتهما في جلسة سرية كان الطرح فيهما راقياً جدا، لذا فأستغرب أن يتغير الطرح في حال مناقشته في جلسة علنية.مناقشة الاستجوابات بينما قال النائب خالد العدوة إن الذي يقول إن مناقشة الاستجواب في جلسة سرية يفرغ الدستور من محتواه كأنه يقول إن من وضعوا الدستور كانوا مخطئين، وان لم نكن مع السرية في كل الأحوال، وكل استجواب يدرس على حدة، فمن يعتقد أن كل الاستجوابات يجب أن تناقش في جلسات سرية فهو مخطئ، كما هو مخطئ أيضا من يعتقد أن جميعها يجب أن يناقش في جلسات علنية، والحق ضائع بين هذا وذاك.ويقول النائب فيصل الدويسان "من حق الحكومة طلب عقد الجلسة سرية من دون تقديم الاسباب، فالمشرع أباح لها ذلك، وتستطيع هي طلب ذلك عندما ترى هناك ضرورة. ومن الناحية السياسية فمن الأحرى بالحكومة أن تقدم مبررات، مشيرا إلى انه تم الاستماع الى بعض المبررات من الحكومة من دون أن تعلنها، لافتا إلى أن هناك من صوت على سرية استجواب النائب حسين القلاف لوزير الداخلية، من دون ان يعترض الطرف الآخر.وطالب الدويسان بأن "يتم قبول الدستور ككل"، الا انه اشار في الوقت نفسه الى أن "ابغض الحلال عند المشرع هو السرية".طلب الحكومةمن جهته، قال النائب علي العمير إن طلب الحكومة مناقشة الاستجوابات في جلسة سرية ينسجم مع الدستور، ولا يخالفه، ولكل عضو مجلس امة الحق في ابداء رأيه سواء بالموافقة أو الرفض، وبالرغم من اني صوَّت ضد مناقشة معظم الاستجوابات في جلسة سرية، فإن للمجلس الحق في التصويت بناء على طلب الحكومة، وعلى الجميع احترام قرار المجلس، مؤكداً ان الطلب ينطلق من محتوى الدستور، ومن يعارض اللائحة أو الدستور فهو المؤزِّم.بينما أكد النائب مبارك الوعلان أن تكريس مبدأ الجلسات السرية لمناقشة الاستجوابات المقدمة للحكومة يقتل الدستور ويفرغه من محتواه، مشددا على أن الخلل هو في بعض النواب المرتمين في أحضان الحكومة، والذين أصبحوا حكوميين أكثر من الحكومة نفسها.وقال الوعلان إن المشرِّع أتاح للجمهور فرصة حضور المناقشة كنوع من الرقابة، لأنه حق للناخب والنائب، مشيرا إلى أن استجواب النائب خالد الطاحوس الموجه إلى سمو رئيس الوزراء كان متعلقا بقضية بيئية عامة، ولم يكن هناك أي داعٍ للسرية إطلاقا.وأضاف أن التخوف الآن من أن تنتهج الحكومة هذا النهج بالتعاون من الأغلبية النيابية التي تمتلكها في هذا المجلس ويتم تحويل كل الاستجوابات حتى المقدمة إلى الوزراء إلى سرية، الأمر الذي سيقتل الأداة الدستورية، مطالبا الناخبين بمراقبة أداء نوابهم ومحاسبتهم في الانتخابات المقبلة. ـوعما أعلنه رئيس المجلس جاسم الخرافي بشأن تمنيه تحويل كل الاستجوابات إلى السرية، قال الوعلان: "هذه أمانيه هو، ولكن الدستور هو من يحكم بيننا في النهاية".وبشأن رأيه في إجراء تعديلات تمنع أعضاء الحكومة من التصويت على طلب تحويل الجلسات إلى سرية، أكد الوعلان أنه ضد مبدأ التعديل في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن الخلل يتمثل في الأغلبية النيابية "ونحن نتمنى أن يأتي المجلس القادم خالياً من الأغلبية النيابية المرتمية في أحضان الحكومة، والتي أتاحت لها فرض رأيها في كثير من الأمور". في حين قال النائب عدنان المطوع: "لا تفرغ مناقشة الاستجواب في جلسة سرية الدستور من محتواه على الاطلاق، ومَن يرَ ذلك فهو مخطئ، لأن نصوص الدستور واللائحة الداخلية واضحة، والأمر في النهاية يعتمد على قرار المجلس، مشيرا إلى أن ما يفرغ الدستور من محتواه هو كثرة الاستجوابات، وتقديمها الى سمو رئيس مجلس الوزراء، معتبرا تقديمها إلى رئيس الوزراء ظاهرة سلبية يجب اعادة النظر فيها، وسرية الجلسة هي حق دستوري.ويضيف المطوع: "لا تؤثر سرية الاستجوابات في قرار المجلس أو تضعف الاستجواب، لا سيما أن النواب جاءوا عن طريق الانتخاب، وليس عن طريق التعيين، وأصر على أن تكون مناقشة الاستجوابات التي يتم توجيهها إلى سمو رئيس مجلس الوزراء في جلسة سرية".