من المفترض ألا تكون لدينا أزمة سياسية تكرر نفسها برتابة مملة منذ أكثر من ثلاث سنوات، لو أن الحكومة واجهت منذ البداية الاستجوابات الموجهة إليها طبقاً للآليات الدستورية السليمة... كيف؟

Ad

لكي نجيب عن هذا السؤال بشكل دقيق دعونا نتعرف إلى ماهية المشكلة السياسية التي تواجهنا، ولاتزال، منذ عام 2006؟

ملخص المشكلة ببساطة متناهية هو أن بعض الأعضاء في مجلس الأمة يقوم بممارسة صلاحياته الدستورية التي من دونها يتحول مجلس الأمة إلى مجلس استشاري لا قيمة تشريعية أو رقابية له، ومن ضمن هذه الصلاحيات تقديم الاستجوابات بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع توقيت تقديمها أو طبيعة المواضيع التي تطرح فيها أو مضامينها، كون ذلك يعتبر حقاً دستورياً حصرياً لعضو مجلس الأمة يستخدمه متى ما شاء، كما هو حق بقية الأعضاء في تأييد الاستجواب أو رفضه، ولكن ذلك، أي ممارسة الأعضاء لصلاحياتهم الدستورية، لا تتقبله عادة الحكومة بصدر رحب، فنراها تقوم إما بالامتعاض والجزع من هذه الاستجوابات وإما بالرفض ومحاولة الالتفاف عليها لاسيما تلك المقدمة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء، فإن لم تنجح في عرقلتها، فإنها تتقدم عادة إلى صاحب السمو بكتاب عدم إمكان التعاون مع مجلس الأمة، وقد ترتب على هذا التصرف الحكومي في مواجهة الاستجوابات تشكيل ست وزارات خلال ثلاث سنوات وحل مجلس الأمة أكثر من مرة.

إذن المشكلة ليس سببها الدستور كما يدعي أعداؤه كلما برزت على السطح مشكلة سياسية، كما أنها ليست بسبب مجلس الأمة الذي يمارس أعضاؤه صلاحياتهم الدستورية، إنما المشكلة تكمن في عدم التزام الحكومة بالآليات الدستورية ومحاولة تجاوزها في كل مرة تطرح فيها قضية المساءلة السياسية.

لذلك... ولكي لا تتكرر لدينا المشاكل السياسية المترتبة على عدم مواجهة الحكومة للاستجوابات، فإننا نتمنى أن تلتزم الحكومة هذه المرة بالآليات الدستورية ويقوم رئيسها بمواجهة الاستجواب المقدم إليه من النائب الدكتور فيصل المسلم، لأن هناك اتهامات سياسية جدية وخطيرة موجهة من النائب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء تتعلق بالفساد السياسي، وهي اتهامات إما صحيحة وإما باطلة، لذا فإنه لابد من مواجهة هذه الاتهامات الخطيرة ودحضها إن كانت غير صحيحة أو الاعتراف بها وتحمل تبعاتها السياسية.

أما عملية تجنب المساءلة السياسية من خلال محاولات الالتفاف على الدستور مثل تأجيل الاستجواب لمدة طويلة أو الإحالة إلى المحكمة الدستورية أو مناقشته في جلسة سرية أو القول إن القضية معروضة أمام القضاء، رغم أنه حتى ذو السنة الأولى في السياسة يعرف أن هنالك فرقاً شاسعاً بين المسؤولية السياسية والمسؤولية الجنائية، فهي عملية تنطوي على عدم احترام للأدوات الدستورية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة