متابعة الشأن السياسي المحلي هذه الأيام صار كمتابعة تسجيل إعادة لمباراة كرة قدم سبق لك أن شاهدتها مرات عدة.

Ad

هذا سيركل الكرة الآن، وذاك سيسقط، والذي خلفه سيُستبدل، وتلك الركلة إلى خارج الملعب والتي تليها ستضرب العارضة والتي بعدها ستكون بيد حارس المرمى، وهكذا! لا مفاجآت... وكل شيء متوقع حتى أدق تفاصيل التفاصيل، ومن يحاول أن يتوقع مفاجأة سيبدو أمام الناس كمَن يصدق حكاية الظريف في النكتة القديمة، ذاك الذي كان يشاهد المباراة فدخل هدف وقفز من الفرح، وحين أعيدت اللقطة بالبطيء «طلعت آوت»!

ما أقوله اليوم ليس انقلابا على تفاؤلي الذي أبديته منذ أيام حيال التشكيلة الحكومية، وليس كذلك محاولة لرسم خط رجعة أمرق من خلاله إلى صف المتشائمين، بقدر كونه وصفاً للمشهد الذي لا أملك إلا أن أصفه كما أشاهده بقطع النظر عما قلته سابقا.

حتى هذه اللحظة لم نشاهد من الحكومة ما يدل على أن شيئاً حقيقياً قادم في الأفق ليتواءم وحساسية المرحلة، فالكلام كله إنشائي عام من النوع الصالح لكل مكان وزمان، في الفرج وفي الضيق. أسلوب يشابه كثيراً أسلوب أحد أصدقائي والذي لا يكف عن أن يقول دائماً وأبداً مهما ادلهمت الأمور وأظلمت المسائل «أبشركم... الأمور طيبة»!

و لايزال العمل الحكومي مفكك في غالبه، غير مترابط، غير صلب متماسك، وغير مبني على رؤية استراتيجية أو إحساس جاد بقيمة الموارد والزمن!

وفي المقابل، فالمجلس كذلك لم يذهلنا بشيء خارج عن مألوفه الذي نحفظه. أهل الاستجوابات، والذين كنا نعرفهم مسبقاً، يعدون ويحشدون لاستجواباتهم التي كنا نعرفها أيضاً، وهي التي لن تثمر في غالب الأمر شيئا كأكثر الاستجوابات التي مرت على عمر المجلس، والنواب التائهون عن إدراك أبعاد الخريطة ومساراتها لايزالون تائهين، وأولئك الصامتون السلبيون بالأمس لايزالون كذلك صامتين سلبيين حيث جاؤوا ورحلوا ثم عادوا، بلا قيمة أو تأثير!

ولايزال العمل البرلماني فردياً في غالبه، غير عميق ولا ثقيل، هو أقرب إلى ردود الأفعال من العمل المنظم المبني على رؤية مسبقة أو تخطيط أو حتى تفكير!

العمل المثمر يعرف من عناوينه، والطبق الصيني الأصلي كما يقولون في المثل يعرف من صوت رنته، وحتى اللحظة، فالعناوين التي نقرؤها يومياً على صفحات الجرائد سواء من الحكومة أو من المجلس هي من النوع الذي لا يبشر بثمر من أي نوع، وكل الأطباق التي على الطاولة لا ترن، بل نصفها من «الميلامين» الرخيص!

أرجوكم يا ساسة، نريد أن نتفاءل، فأعطونا شيئاً يعيننا على ذلك!

***

كان من الممكن أن نقبل بأن الكاميرا التي نصبتها وزارة الداخلية في ساحة الإرادة تأتي لحفظ الأمن ومتابعته كما قالوا، وذلك كما تفعل كثير من أجهزة الأمن حول العالم حيث تنصب الكاميرات في المطارات والمحطات والساحات، أقول إنه كان من الممكن أن نقبل هذا لو أن الوزارة نصبت كاميراتها الأمنية في المرافق المختلفة من خلال خطة واضحة شفافة أمام الناس، ولكن أن تنصب أولى الكاميرات في ساحة الإرادة، فهذه لا يمكن تفسيرها إلا بشكل سلبي مهما حاولت الوزارة أن تقول عكس ذلك.

معالي وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، أنت رجل حكيم، وأذكى من ذلك بكثير في ظني، فراجع الأمر حفظك الله، ولا عيب في الشفافية أو تصحيح الأخطاء!