حسب راشيل زيمبا كبيرة المحللين التي تتابع أنشطة صناديق الثروة السيادية لدى "روبيني غلوبل إيكونوميكس" في نيويورك، فإن الدرس الذي تعلمه كل المستثمرين بما في ذلك صناديق الثروة السيادية من هذه الأزمة، هو أن عليهم القيام بتحريات مكثفة قبل الإقدام على الاستثمار.
قال تقرير لمؤسسة بلومبيرغ الإخبارية المالية المتخصصة إن قيام "سيتي غروب" بعرض أسهم عادية عوضا عن الأسهم المفضلة مقابل تعويض مجز قد مكن الكويت ومؤسسة الاستثمارات الخليجية GIC من تحقيق أرباح غير متوقعة بلغت 4 مليارات دولار بدلاً من تعرضها لخسائر محتملة في استثماراتها في المجموعة كانت قد قدرت بنحو 9 مليارات دولار.وقال التقرير إن بلدانا أخرى مثل أبوظبي وسنغافورة مازالت مرشحة للتعرض لخسائر كبرى. وأضاف أن هيئة الاستثمار التابعة لحكومة سنغافورة والتي كانت قد احتاجت في عام 2007 إلى ثلاثة أيام قبل ان تعلن موافقتها على دعم بنك "يو بي اس" الذي تعرض حينها لخسائر حادة نتيجة رهونات عقارية متعثرة قد تحتاج إلى عقد من الزمن لكي تسترد أو تعوض ذلك الدعم الذي وصل إلى 11 مليار فرنك سويسري أي ما يعادل 10 مليارات دولار.وأضاف أن مؤسسة الاستثمارات الخليجية التي تدير أكثر من 100 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية معرضة لتحقيق خسائر دفترية تصل إلى نحو 5.6 مليارات فرنك سويسري عندما تصبح أكبر مساهم في مصرف "يو بي أس" UBS أضخم المصارف السويسرية في الخامس من شهر مارس الجاري، إذ سيتم تداول أسهمه بنحو ثلث سعر التحويل للأوراق التي يملكها.وصندوق سنغافورة السيادي لن يكون الوحيد بين صناديق الثروة السيادية التي تواجه خسائر ناجمة عن دعم بنوك في اوروبا والولايات المتحدة خلال الأزمة المالية. كما ان أكثر من 69 مليار دولار من الاستثمارات من تلك الصناديق قد أفضت حتى الآن إلى 20 مليار دولار من الخسائر المحققة والدفترية وذلك وفقاً لبيانات جمعتها بلومبيرغ.ونتيجة للضرر الذي لحق بصناديق الثروة السيادية من جراء مساهمتها في إصلاح النظام المالي وتورطها ببعض الاستثمارات لسنوات مقبلة فقد تتجنب هذه الصناديق مساعدة البنوك في المرة المقبلة. وهذا ما يقوله تشارلس وايتهيد بروفيسور القانون المالي في جامعة كورنيل في نيويورك.ويذكر أن رؤساء البنوك الأوروبية والأميركية قد تسرعوا في اتخاذ قرارات شخصية بالنسبة إلى الصناديق خلال ذروة الانهيار في سوق الرهن وقام مارسيل اوسبل الذي كان يشغل منصب رئيس بنك يو بي اس الذي يتخذ من زيوريخ مقراً له باستدعاء انجي كوك سونغ كبير مديري الاستثمار في GIC حيث بدأ معه محادثات في 6 ديسمبر 2007 التزمت بعدها GIC بحلول مساء التاسع من ديسمبر بأكبر عملية شراء فردية في حينه.توقعات طويلة الأجلومع التسليم بأن استرداد الأموال ستطلب وقتا أطول مما كان متوقعاً في الأصل قال انجي في التقرير السنوي لـ GIC الذي نشر في شهر سبتمبر إنه لا يزال يشعر "بثقة في الإمكانات طويلة الأجل" للاستثمار.وسوف تحصل GIC التي رفضت التعليق على ذلك على 230.7 مليون سهم من أسهم يو بي إس لقاء أسهمه الإلزامية القابلة للتحويل هذا الأسبوع مقابل 47.68 فرنكا لكل سهم. وكانت أسهم UBS قد أغلقت يوم أمس عند 14.98 فرنكا. أرباح الكويتبعد أن طلبت الحكومة الأميركية من البنوك المتعثرة وجود مزيد من الأسهم العادية بدلاً من الأسهم المفضلة التي تلزم البنك بعوائد ثابتة اضطرت مجموعة الـ"سيتي غروب" إلى عرض أسعار ملائمة على حملة أسهمها المفضلة من أجل التحول إلى أسهم عادية. وأفضى ذلك إلى تحقيق أرباح غير متوقعة بلغت 4 مليارات دولار للكويت وGIC بدلاً من التعرض لخسائر في الاستثمارات قدرت بأنها كانت ستصل إلى 9 مليارات دولار.ولم تتمكن هيئة الاستثمار في أبوظبي من الاستفادة من هذا الوضع، لأنها لم تشتر أسهما تفضيلية عندما هرعت إلى مساعدة "سيتي غروب" الذي يتخذ من نيويورك مقراً له، وبالتالي فإن الهيئة قد تواجه خسارة دفترية بقيمة 4.8 مليارات دولار عندما تضطر إلى تحويل ما يدعى بوحداتها من حصص الملكية إلى أسهم في الشهر الجاري.وقد تقدمت أبوظبي بطلب تحكيم ضد "سيتي غروب" التي تعرضت إلى أكبر قدر من عمليات الشطب والخسائر الناجمة عن الأزمة المالية متهمة البنك بعدم تقديم المعلومات اللازمة حول وضعه المالي عندما كان يسعى إلى الحصول على رسملة، وهو ما أقدم البنك على نفيه في بيان أصدره في شهر ديسمبر، ورفض متحدث باسم هيئة الاستثمار في أبوظبي التعليق على ذلك.من جهة أخرى كانت هناك رهانات مربحة على البنوك إبان الأزمة، كما كان الحال في عملية شهر سبتمبر 2008 للاستثمار في مجموعة "غولدمان ساكس" من جانب مؤسسة وارن بوفيت الشهيرة "بيركشاير هيثواى" التي اشترت أسهماً تفضيلية بقيمة 5 مليارات دولار مع منحة بقيمة 10 في المئة، وحصلت على دفعات سنوية بقيمة 500 مليون دولار، إضافة إلى ضمانات بشراء أسهم عادية بقيمة 5 مليارات دولار بسعر يبلغ 115 دولاراً للسهم في أي وقت خلال خمس سنوات. ووفقاً لسعر إغلاق يوم أمس البالغ 156.54 دولارا فإن "بيركشاير هيثواي" تملك مكاسب دفترية تقدر بـ1.8 مليار دولار.وحسب راشيل زيمبا كبيرة المحللين التي تتابع أنشطة صناديق الثروة السيادية لدى "روبيني غلوبل ايكونوميكس" في نيويورك فإن الدرس الذي تعلمه كل المستثمرين بما في ذلك صناديق الثروة السيادية من هذه الأزمة هو أن عليهم القيام بتحريات مكثفة قبل الإقدام على الاستثمار.قطر وأبوظبيوكانت هناك بعض الصفقات المربحة أيضاً كما هو الحال مع صناديق قطر وأبوظبي التي انتظرت حتى ذروة الأزمة قبل القيام باستثمارات في بنك باركليز في لندن وكريدي سويس في زيوريخ. وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة الثلث من الأرباح التي بلغت 12 مليار دولار قد نجمت عن تغيرات تنظيمية وليس عن التوقيت.نفاد الصبرقام صندوق "تماسك هولدنغ بت" وهو صندوق منفصل تابع لحكومة سنغافورة ويشرف على ما قيمته أكثر من 120 مليار دولار ببيع أسهمه في مؤسسة بنك أوف أميركا في كارولينا الشمالية بخسارة بلغت 4.6 مليارات دولار في مطلع عام 2009. وكان قد حصل على تلك الأسهم خلال تحويل حصته في "ميريل لينش" عندما تم شراء بنك الاستثمار هذا من قبل بنك أوف أميركا.وبعد المجموعة الأولية من الاستثمارات من جانب صناديق الثروة السيادية في أواخر عام 2007 ومطلع 2008 أعلنت البنوك والسماسرة مزيداً من الخسائر في أصول الرهن العقاري، وواصلوا الرجوع إلى المستثمرين طلباً لمزيد من الأموال غير ان الخسائر التي تحققت منذ ذلك الوقت قد تجعل من الصعب عودة بعض أسهم البنوك إلى معدلات العامين 2007 و2008. وبعد استثمار GIC ارتفع خسائر بنك يو بي إس نتيجة الأزمة المالية إلى حوالي ثلاثة أضعافها لتصل إلى أكثر من 57 مليار دولار وقد رفع يو بي إس عدد أسهمه بنسبة 98 في المئة منذ نهاية عام 2007 كما قفز عدد أسهم سيتي غروب حوالي 6 أضعاف خلال الفترة ذاتها.
اقتصاد
الكويت و«الخليج للاستثمار» أفلتتا من خسارة قاسية في «سيتي غروب»
04-03-2010