من سمات الحياة السياسية لدينا في الكويت الهشاشة والرتابة والتكرار المُمل للمشهد ذاته، فمن غير المفهوم مثلا أن تتحول البلاد إلى حال استنفار حالما يتم تقديم استجواب، فإما القبول بأن الاستجواب حق دستوري مُطلَق للنائب يقدمه متى شاء، ومهما كانت منطلقاته، وإما الذهاب إلى تفريغ الدستور من أدواته الرقابية.

Ad

لقد رسم الدستور بصورة واضحة لا لَبْسَ فيها طبيعة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وحدد بوضوح الأدوات المُتاحة للنائب تجاه الحكومة، وكان من ضمنها استخدام الاستجواب، ولم يكُن من بين تلك الحيثيات نوايا النائب، أو توقيت الاستجواب.

صحيح أن هناك من النواب من قد يتعسف في استجوابه، ومن قد يستخدمه لأهداف خاصة، لكن كيف بالإمكان تحديد إن كان هذا الاستجواب أو ذاك حصيفاً أو ركيكاً أو حتى شخصانياً؟ الأمر في النهاية متروك للنواب والناس عموماً من خلال مناقشة علنية.

ما هو أخطر من الاستجواب حال الاستلاب الذهني والفكري والشلل الدماغي، التي تصيب كل مناحي الحياة العامة، وتحول الجهاز الحكومي إلى غرفة عمليات استجوابية، مع إغفال كل الشؤون العامة، فهل تعجز الحكومة بكل ما لديها من قدرات وامكانات عن مواجهة استجواب؟ وبموازاة ذلك يستمر عملها في التنمية، إن كانت هناك تنمية.

فمن غير المقبول أن تقف البلاد على رِجْلٍ واحدة كلما أعلن نائب استجواباً، ولتكُن الاستجوابات أمراً عادياً، يتساقط الضعيف منها ويتوارى، ويصمد منها الجيد الذي يكشف الخلل.

ومع أن الإشكالية الأهم هي في الخلل الهيكلي الحكومي والنيابي، حيث طغيان النهج الفردي على العمل النيابي، وربما حتى الحكومي، فإنه لا مفر من الاحتكام إلى الدستور في تحديد طبيعة العلاقة بين السلطتين، وعلى السلطتين أن تعملا على إصلاح اختلالاتهما، والتي هي في أغلبها نقاط ضعف سياسية أكثر منها مؤسسية، عبر الحوار الجاد بينهما، ولن تكون المشكلة حق النائب في الاستجواب.

ويأتي في هذا السياق الاستجواب الذي قدّمه أخيرا النائب مسلم البراك لوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، والذي نتمنى أن يأخذ مجراه الطبيعي من دون تهويل، خصوصا أن الطرفين يمتلكان القدرة والمكانة لأن يجعلا منه نموذجاً يُحتذى به.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء