الرسام السويدي الحقير الذي أساء إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم، وذكرتنا به جريدة "الآن"، لم يقدم على فعلته إلا لأن ظهرنا الإعلامي مكشوف، ولأن الإنس والجن تعرف أن أموال وسائل إعلامنا تذهب فقط إلى تزيين وتجميل زعمائنا. فزعماؤنا لا يموتون مثل بقية خلق الله ولا يمرضون من الأساس، لأنهم مخلوقون من الطابوق الجيري والأسمنت المسلح. وهم لا يُصابون بالإسهال مثلنا وإنما يصابون بتسرب في "الصحي"، في حين يمرض رؤساء أوروبا وأميركا واليابان، المخلوقون من قطن مغشوش وعهن منفوش. وشوفوا توني بلير النصراني الترف، عندما كان رئيساً لوزراء بريطانيا، يعلن أنه يعاني مرضاً في صمامات قلبه وسيجري عملية جراحية... عالم قطن.

Ad

بهذا الإعلام، لا يعرف عنا الآخرون إلا ما يفعله أسامة بن لادن، ولا يقرؤون لنا إلا فتوى قتل من يبيح الاختلاط، وجَلْد من يستمع إلى الأغاني أو من تزحزح حجابها إلى الخلف قليلاً، وما شابه. وهم لا يشوهون حقيقتنا، بل نحن، أو غالبيتنا العظمى، صدقاً مشوهون، عنصريون، لصوص، كذابون، وأضف ما تشتهي من الأوصاف، وحسابك مدفوع.

وقبل أشهر، فوجئت بابنتي غلا، أو الحاجة عزة كما أسميها، ذات التسع سنوات، تبلغني أنها ستحارب اليهود. ليش يا صلاحة الدين الأيوبية؟ لأنهم كفار، كما تقول معلمتي المصرية. ورحت أشرح لها أن الحرب على اليهود تأتي في المرتبة العاشرة عشرة، إذ تسبقها الحرب على الجهل في مجتمعاتنا، والحرب على اللصوص، والحرب على العلاج المتواضع والتعليم الأوضع، والحرب على الكذب والخيانة والخداع، والحرب على قذارة الشوارع، والحرب على فساد السلطات، ووو، وبعدييييين، تتزوجين فتربّين أولادك على الكرامة وعدم تقبيل أيادي المسؤولين ونظم قصائد الذل بين أيديهم، ثم تعالي إلى قبري، لأراجع ما فعلتهِ. عند ذاك يمكن أن نتباحث حول الحرب على إسرائيل، وأقول "إسرائيل" لا اليهود، فأكل العنب سلّمة سلّمة.

وقبل يومين، ذهبت مع الخبيثين، بدر ششتري والزميل سعود العصفور، إلى السينما لمشاهدة الفيلم الهندي، الذي كسّر الدنيا "ماي نيم إز خان"، وراح الخبيثان يضحكان عليّ طوال الفيلم وأنا أمسح دموعي التي انهمرت بغزارة وأضاعت عليّ نحو نصف الفيلم. وأزعم أن خمسة أفلام بهذا المستوى ستعمل "ليزك" لعيون الغرب التي تشاهدنا بغشاوة، إذ يتوهمون أننا كلنا إرهابيون، أغبياء، منافقون، جبناء أمام المسؤولين. وأزعم أيضاً، أننا لو أجلسنا السيد الرفاعي، صاحب مركز وذكّر، على كرسي H14، وأجلسنا السيد المهري بجانبه، على كرسي H15، لخرجا بعد انتهاء الفيلم إلى أقرب "ستاربوكس"، ولاشتركا في دفع قيمة عطر "غوتشي" يقدمانه إلى الأب عمانويل غريب في أعياد الكريسماس، ولجلس المحاميان خالد الشطي وأسامة المناور في منزليهما، ولاعتزل بسام الشطي وفرج الخضري الكتابة... هذا هو الإعلام، وهذه هي الأفلام التي تخدم الإسلام، تبّاً لأخوالنا والأعمام، وشكراً للهند وشكراً لأميركا ابنة العم سام.

ولو جاز لي أن أفتي، لأفتيت بأن يُصرف جزء من الزكوات على تحسين أوضاع المسلمين، والجزء الآخر على إنتاج أفلام بمستوى "خان" تحارب أعداء الإسلام، من الداخل والخارج، أو من الداخل قبل الخارج.

* * *

كتبت في مقالتي السابقة "أشغلني الصخب عن قراءة الدواوين"، فاحتج بعض المحبين "لا يكسرك هجوم الخصوم عليك". عجباً، هل كتبت مقالتي بلغة الأوردو؟ وهل يتوقف البعير عن مسيره إذا رماه البعض بصخرة صغيرة أصابت سنامه؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة