الموقف المجازي المزاجي الافتراضي الذي اختلقته بشأن اقتنائي مجلة "جسد"، ودرءاً لضبطي متلبّساً بمطالعتها، حدث حقيقة في "مكتبة المعري" ببيروت! فقد اقتحمت المكان ثلاث شابّات خليجيات، كما تبدى ذلك من لهجتهن، وملابسهن الباذخة الفخيمة، خصوصاً حجابهن وبراقعهن الصارخة الألوان، المرصعة باللؤلؤ والمرجان!

Ad

ويبدو أنهن فوجئن بوجودي، بزيي العربي الخليجي، وربما سمعتي "الوقور"، فزأرن بصوت واحد: "ويه. قطيعة! فيه شايب قاعد يقرأ نفس المجلة التي جئنا لشرائها!". اتخذت موقف "عمك اصمخ" الذي لم يسمع شيئاً... ولم أعقّب!

بعد همس ومشاورات بينهن ارتأين مناداة الكتبي "خالد المعري" مولى المكتبة، وأسررن له ببغيتهن همسا، ومن ثم تأبطن العدد الثالث من مجلة "جسد" وهن ذاهبات إلى سيارتهن، بهيئة "كاد المريب أن يقول خذوني"! لاسيما أن المجلة المذكورة (مجلة ثقافية فصلية متخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه)، كما هو مُسطَّر على هامة غلافها، وكما هي كذلك عبر مضمونها، وخذ عندك -مثلاً- الموضوعات المهمة المشار إليها في العدد الجديد (الثالث) (1- شبق الفريدة يلينيك. 2- حكاية آنا التي تضرب زوجها. 3- تسلل إلى ما تحت ورقة التنين: للمرأة فضيـ... أيضاً. 4 – لذة الكاموسوتر التي لا تحتمل) وغيرها من الموضوعات "الحميمة" التي اعتدنا الهذرة فيها من وراء حجاب!

• والحق ان العبد لله يشعر أنه بات يعمل فرّاشاً وساعياً لدى المجلة، من جراء المكالمات التي انهمرت عليه كسيل عرم، تطلب تزويدها بالمجلة فوراً وحالاً... "بالاً" وبالسرعة الممكنة.

ووجدتني أردد مقولة المثل الشعبي وألوكه واجتره كما البعير "بغيناها طرب صارت نشب"! ذلك أن بعض القراء شرعوا بمساءلتي عن كل شاردة وواردة حاضرة في متن المجلة، ناسين ومتناسين أن الصحافية والشاعرة والمترجمة "جمانة حداد" المسؤولة عن الصفحات الثقافية بصحيفة النهار، هي مولاة المجلة ورئيسة تحريرها، وما أنا سوى قارئ عابر في سبيله إلى الاشتراك فيها مدى الحياة (حياتي أو حياة المجلة) أيهما أقرب إلى النعي والوأد في مقبرة "عاداتنا وتقاليدنا"، أطال الله في عمرها المديد (المجلة لا العادات وأختها التقاليد!).

ولعل العبارة "الملتبسة التي أثارت حفيظة العديد من القراء الجدد لها، هي عبارة "للراشدين فقط"، والتي رصعت بالكيس البلاستيكي، الحافظ لها من التلصص مجاناً دون اقتنائها! وقد تكون العبارة من إبداع الرقيب العتيد، إذ لا أظن أنها سُطرت لأجل الترويج والتسويق تأسياً بعبارة "للكبار فقط" الحاضرة في "أفيشات" بعض الافلام الروائية العربية والعالمية!

وأياً كان الأمر، فالمجلة تجد إقبالاً ورواجاً من قبل القراء "الراشدين" والغاوين على حد سواء! لاسيما أن الرشد يقاس بالعمر الزمني للمتلقي، لا العمر العقلي! اللهم إلا إذا كان القيِّمون على المجلة، بحوزتهم جهاز كشف نسبة الرشد والغي لدى القراء! من هنا فإن هذه العبارة الاحترازية لا معنى ولا قيمة لها، لأن آلية تنفيذها معدومة ومستحيلة، فضلاً عن إمكان تجاوزها، والتحايل عليها، كما هو حادث فعلا بشأن بيع السجائر، وغيرها من البضاعة التي يحظر بيعها إلا للبالغين والكبار والراشدين ومن لف لفهم.

إن الرشد والغي لا علاقة لهما البتة بالعمر الزمني، فالمرء بأصغريه: قلبه ولسانه، فقد تجد مراهقاً يُشار إليه ببنان الطيش والنزق، وهو في الستين من عمره المديد، والعكس صحيح بالضرورة! فالعمر يُقاس بالمشاعر والأحاسيس لا بالسنين، وهي عبارة لا يمكن أن تصدر إلا عن عجوز-مثلي- يعزي نفسه بمثل هذه الأقوال المأسورة أو المأثورة... لا فرق!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء