رصيف البرلمان المصري يتحول إلى «هايد بارك» المظاليم
تحوَّل الرصيف المواجه لمقر البرلمان المصري بوسط القاهرة أمس إلى "هايد بارك"، إذ احتشد عدد كبير من المتظاهرين والمعتصمين احتجاجاً على أمور شتى، لدرجة أن الأرصفة المحيطة بمقر البرلمان لم تكن تستوعب جميع المتظاهرين، فاضطروا إلى تناوب الوقوف على الأرصفة، بل إن بعض المتظاهرين اضطروا إلى الانتظار حتى تنتهي مظاهرة أخرى لتفسح لهم المجال للوقوف والاحتجاج... وهو ما أثار سخرية عدد من المتظاهرين الذين انتقدوا وصول ظاهرة الطوابير حتى إلى ساحة التظاهر والاحتجاج.وقد شهد شارع "مجلس الشعب"، وهو الشارع الذي يفصل بين مقر البرلمان المصري ومجلس الوزراء كما يضم عدداً من مقار الوزارات المصرية، أمس أربع تظاهرات حاشدة، كان أبطالها الأئمة والدعاة الذين جاءوا رافعين اللافتات احتجاجاً على تأخر إقرار كادر مالي لهم لزيادة أجورهم التي يشكون من تدنيها الشديد مقارنة بفئات أخرى تمت زيادة أجورها خلال السنوات الأخيرة مثل المدرسين... وقد انضم إليهم المحتجون على خطوات حكومية، قالوا إن من شأنها خصخصة قطاع التأمين الصحي الذي يستفيد منه ملايين العمال بمصر، وزيادة قيمة الاشتراكات بخدمات التأمين الصحي في مشروع القانون الذي تعتزم الحكومة تقديمه إلى البرلمان خلال الأشهر المقبلة... وهو ما اعتبروه عبئاً إضافياً على كاهل ملايين العمال الذين يعانون تدني أحوالهم المعيشية نتيجة تراجع القوة الشرائية للجنيه المصري، فضلاً عن تراجع مستوى خدمات التأمين الصحي.
وقد انضم إلى المحتجين على خصخصة التأمين الصحي أعضاء اتحاد "المعاشات" الذين رفعوا اللافتات يشكون فيها ضياع حقوق أصحاب المعاشات، وعدم زيادة تلك المعاشات بصورة ملائمة توفر لأصحابها حياة كريمة، كما حذّر المحتجون من استخدام أموال التأمينات والمعاشات في سداد الديون الحكومية، مؤكدين أن استمرار هذا الإجراء قد يهدد مصير تلك المليارات، ويضع مستقبل ملايين الأسر المصرية في مهب الريح.أما المظاهرة الرابعة فكانت لجموع مدرسي محافظة كفر الشيخ (شمال مصر) الذين بدأوا صداماً محتدماً مع محافظها النافذ أحمد زكي عابدين، الذي كان أحد قيادات الشرطة المصرية البارزين قبل تقاعده وتوليه منصب المحافظة، إذ رفض المحافظ عدداً من مطالب المدرسين الذين يرون أنها مشروعة تماماً.وعلى الرغم من أن العادة قد جرت على أن يستقبل رئيس مجلس الشعب المصري أو أحد وكلائه وفداً ممثلاً عن المعتصمين، فإن أمس شهد تجاهلاً شاملاً من جانب البرلمان للمحتجين، وهو ما اعتبره المعتصمون رسالة من قيادة البرلمان التي كانوا يعتبرونها ملاذهم الأخير، بأن الأيام المقبلة لن تشهد تجاوزهم لأسوار البرلمان... وأن مطالبهم ستظل مرهونة بما يتاح لهم من مجال على "رصيف" شارع مجلس الشعب.