يخرب بيت التخلف


نشر في 03-06-2010
آخر تحديث 03-06-2010 | 00:01
 إيمان علي البداح عاتبني الأصدقاء والقراء الأعزاء على الانقطاع غير المبرر عن الكتابة، وكان جوابي أن تردي الأوضاع وكآبة الجو العام لا يسمحان بالمزيد من «التحلطم» والنكد، فآثرت الصمت على نشر المزيد من الطاقة السلبية، إلا أنه يبدو أن التخلف مصرٌ أن يتحدى فينا الصبر والسلوان وأي وسيلة نكران أو هروب ليخرجنا عن طوعنا ويجعلنا ننضم إلى فريق النادبين والمولولين على ما آلت إليه الحال لعلنا نسمع حياً.

مسلسل من القرارات والإجراءات غير المنطقية ولا المعقولة التي تدخل في صلب حريات الإنسان وخصوصياته يتوالى دون توقف كأنما وراءه من يختبر قدرة تحمل هذا الشعب المسكين ونقطة انكساره. نبدؤها بما أشارت إليه الدكتورة ابتهال الخطيب في مقالها الأخير حول إجراءات التقييد على الحفلات الخاصة التي فاقت حتى ما جاء في القرار الإداري سيئ الذكر الصادر عن وزارة الإعلام بخصوص تنظيم الحفلات الخاصة والعامة. بأي حق تتدخل المباحث الجنائية في طبيعة حفلي الخاص أو فيمن أدعو؟ و من تكون وزارة الإعلام أو الداخلية لتملي عليّ كيف أحتفل وبمن أحتفي؟

ثم أتحفتنا نفس الحكومة «الرشيدة» بقرار التجسس على المكالمات الهاتفية ومنع خدمة «البلاك بيري» كإحدى دعائم «خطة التنمية» وحفاظاً على أمن المجتمع!! هذا من نفس الحكومة التي فشلت في اكتشاف خلايا إرهابية وجاسوسية تعمل تحت أنفها وداخل أجهزتها. من أين تأتي هذه الثقة في إنجاز ما عجزت عنه التكنولوجيا الحديثة وكبرى الدول المتقدمة؟ وما الحكمة من إثارة قضايا واتخاذ المزيد من القرارات غير القابلة للتطبيق؟ فإما أن يكون هنالك مخطط شرير وراء تلك الزوابع وإما أنه مجرد تفاقم لحالة التخلف والغباء المستفحل... مصيبتان لا أعلم أيهما أكبر؟

السؤال الأهم أين التجار من كل ذلك؟ كيف يسمح اتحاد الفنادق وملاك الفنادق الأخرى بمثل تلك التدخلات والتداخلات السافرة في السلطات والتشريعات؟ وأين شركات الاتصالات وواجبها تجاه خصوصيات وحقوق عملائها؟ وأين غرفة التجارة ودورها الريادي في معادلة موازين القوى وحماية المجتمع؟ وكيف لنا أن نتحول إلى مركز تجاري ونحن لا حول لنا ولا قوة نمشي كالخراف خلف الشاوي؟

من ناحية أخرى أتحفتنا جامعة الكويت منارة العلم والبحث والعقول النيرة يوم الأحد الماضي بقانون «اللباس المحتشم» والذي منعت فيه فيما منعت وضع السلاسل في اليد أو الرجل وارتداء التنانير «القصيرة» دون الدشاديش الميني!! هكذا وببساطة تغامر مؤسسة تعليمية بانتهاك حقوق طلابها الدستورية دون أي تردد أو خوف من المساءلة القانونية أو السياسية؟

وما بين حلقات هذا المسلسل السخيف فواصل فكاهية متعددة كقانون المرأة والخصخصة الإسلامية وتصريحات هايف الهزلية حول مفهومة لليبرالية... ولا نملك سوى أن ندعو العلي القدير أن «يخرب بيت التخلف» ويحفظنا من كآبة المنظر وسوء المنقلب!

back to top