تناقلت الصحف أن الحكومة تؤكد رفضها لقانون القروض الذي أقره مجلس الأمة، وأنها ستستخدم صلاحياتها في رد القانون إلى المجلس، إعمالا للمادة (66) من الدستور التي تجيز للأمير رد قانون أقره مجلس الأمة، بمرسوم مسبب.
ومن المتوقع أن يعيد مجلس الأمة النظر في مشروع القانون في دور الانعقاد الحالي، بالرغم من قناعة الأغلبية التي أقرته (35 عضواً) بأنه لن تتوافر لإقرار المشروع الأغلبية الخاصة التي يتطلبها الدستور عند إعادة النظر فيه لأول مرة، وهي أغلبية الثلثين، حتى يستطيع المجلس في دور الانعقاد القادم إقراره بأغلبية أعضاء المجلس التي توافرت عند إقرار القانون، قبل رده، لأنه إذا انتظر لدور الانعقاد القادم، فإنه سيصطدم بأغلبية الثلثين، اللازمة لإقراره عند إعادة النظر فيه أول مرة.إلا أن بعض من ناقشني في هذا الأمر من الناحية الدستورية يرى أن الأغلبية المتطلبة لإقرار مشروع القانون بعد رده في دور الانعقاد القادم ستكون أغلبية أعضاء المجلس، ولو لم يعد مجلس الأمة النظر في قانون القروض في دور الانعقاد الحالي، لأن أغلبية الثلثين هي الأغلبية التي يتطلبها الدستور في دور الانعقاد ذاته الذي تم فيه رد القانون.وهو رأي نختلف مع صاحبه، حيث تنص المادة (66) من الدستور على أن "يكون طلب المادة إعادة في مشروع القانون بمرسوم مسبب، فإذا أقره مجلس الأمة ثانية بموافقة ثلثي أعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الأمير وأصدره خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه إليه". فإذا لم تحقق هذه الأغلبية امتنع النظر فيه في دور الانعقاد نفسه."فإذا عاد مجلس الأمة في دور انعقاد آخر إلى إقرار ذلك المشروع بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الأمير وأصدره خلال ثلاثين يوماً من إبلاغه إليه».ومؤدى هذا النص، أن الدستور قد أقام توازناً بين سلطات الأمير الدستورية بوصفه شريكاً وراعياً للسلطة التشريعية طبقا للمادة (51) من الدستور، وسلطات المجلس المنتخب التشريعية المستمدة من نصوص الدستور، فحرص ألا تطغى إحدى السلطتين على الأخرى، وجعل الغلبة في نهاية الأمر لسلطة المجلس المنتخب عند ممارسة الأمير سلطته في التصديق على القوانين التي أقرها المجلس، وعند إصداره لها، بأن أجاز له طلب إعادة النظر في القانون خلال المدة التي حددها الدستور للتصديق والإصدار، وبرد مشروع القانون إلى المجلس بمرسوم مسبب وذلك مع حرص الدستور على ألا يجعل اعتراض الأمير على مشروع قانون أقره المجلس اعتراضا مطلقاً، بل اعتراضاً توقيفياً، يوقف مشروع القانون، إلى أن يعيد المجلس النظر فيه، فإن أقرّه ثانية زال هذا الاعتراض، والتزم الأمير بالتصديق وإصداره.وفي الوقت ذاته، راعى الدستور أن اعتراض الأمير، على مشروع قانون أقره المجلس، لابد أن يكون قائماً على أسباب تبرره، ولهذا تطلبت المادة (66) أن يكون طلب إعادة النظر سالف الذكر بمرسوم مسبب، ويمارس الأمير في هذا الرد سلطته التشريعية التي يتولاها ومجلس الأمة وفقاً للمادة (51) من الدستور، بواسطة وزرائه إعمالا للمادة (55) من الدستور.ومن ناحية أخرى، وأخذاً في الاعتبار الأسباب والمبررات التي استند إليها مرسوم الرد، تشدد الدستور في الأغلبية اللازمة لإقرار القانون الذي تم رده، بأن اشترط أن تكون أغلبية ثلثي أعضاء مجلس الأمة (45 عضواً) عند إعادة النظر فيه أول مرة، فإذا لم تحقق هذه الأغلبية، امتنع النظر فيه في دور الانعقاد ذاته، والمقصود به دور الانعقاد الذي أعيد فيه النظر في القانون، لأول مرة بعد رده، وليس المقصود به دور الانعقاد الذي تم فيه إقرار مشروع القانون قبل رده حتى تنسحب أغلبية الثلثين إلى هذا الدور وحده.والقول بغير ذلك سيجعل من النص في الدستور على اشتراط موافقة أغلبية الثلثين عند إعادة نظر القانون أول مرة لغواً، ينزه عنه المشروع، إذ يستطيع المجلس أن يتريث لدور انعقاد تالٍ للدور الذي أُقر فيه مشروع القانون، عند إعادة النظر في القانون بعد رده، خصوصاً أن الدستور لم يلزم مجلس الأمة بميعاد محدد لإعادة النظر في القانون بعد رده.فضلاً عن أن فترة الثلاثين يوماً التي حددتها المادة (65) من الدستور لتصديق الأمير على مشروع القانون وإصداره، أو لطلب إعادة النظر فيه، قد يتصادف نهايتها، والمجلس على وشك انتهاء دور انعقاده، فلا تسمح الفترة المتبقية من دور الانعقاد- وقد تكون يوماً أو يومين- للدراسة المتأنية للأسباب التي بُني عليها طلب إعادة النظر في مشروع القانون الذي سبق أن أقره المجلس، ولتجميع هذه الأغلبية الكبيرة المتشددة لإقراره، خصوصاً أن فض دور الانعقاد بعد إقرار الميزانيات، ليس رهناً بإرادة المجلس وحده، بل يتم فضّه بمرسوم، بعد التشاور مع المجلس.وقد تصادف نهاية فترة الثلاثين يوماً المحددة بموجب المادة (65) من الدستور للتصديق على مشروع القانون الذي أقرّه المجلس، ولإصداره أو لطلب إعادة النظر فيه، عطلة المجلس بعد فض دور الانعقاد، فلا يكون من مفر إلا أن تكون إعادة نظر المشروع في دور انعقاد تالٍ للدور الذي أقر فيه المجلس مشروع القانون قبل رده.خلاصة القول أن أغلبية الثلثين هي شرط لإقرار القانون الذي تم رده، عند إعادة النظر فيه أول مره، ولو في دور انعقاد تالٍ لإقراره قبل الرد.
مقالات
ما قل ودل: الأغلبية المتطلبة لإقرار قانون القروض إذا تم رده
11-01-2010