البعثيون وتمرات العبد وفيصل المسلم

نشر في 26-01-2010
آخر تحديث 26-01-2010 | 00:00
 د. صلاح الفضلي يروى أن أحد العبيد الأشقياء اشترى كمية من التمر، وذهب بها إلى قرب أحد الأنهار، وأخذ يأكل منها حتى شبع، وتبقى معه بعض حبات التمر فرماها، وبعد قليل شعر بحاجة إلى التبول فأخذ يتبول بالقرب من حبات التمر المتبقية، فأصاب البول هذه الحبات، وبعد ذلك شعر العبد بالنعاس فنام نومة طويلة، ولما استيقظ شعر بالجوع مرة أخرى، فلم يجد شيئاً يأكله، ثم تذكر حبات التمر التي أصابتها نجاسة البول، فالتقط واحدة وقال «أكيد هذه التمرة مو نجسة»، ثم أخذ التمرة الثانية وردد نفس القول، وكرر ذلك حتى أتى على جميع حبات التمر المتنجسة. هذا المثل يضرب للشخص الذي يناقض نفسه فيستحل لنفسه أموراً كان قد ذمّها من قبل.

اعتبر الأميركيون، بعد احتلالهم للعراق، ألا مكان للبعثيين في العراق الجديد، وأن استعمال القوة هو السبيل الوحيد في التعاطي معهم، وهي بذلك تعاملت معهم كما تعامل العبد مع حبات التمر بعد أن شبع منها. لكن يبدو أن أميركا بعد أن فشل مشروعها في العراق، وبعد أن سارت الأمور على غير ما تريد شعرت بالحاجة إلى أدوات تلعب بها، وتحقق خططها فعادت إلى دفاترها القديمة، فلم تجد أمامها سوى حبات التمر المتنجسة، وهم البعثيون لتعيد تأهيلهم ووضع مساحيق التجميل عليهم مرة أخرى على أمل أن تستخدمهم في المستقبل، وبعد أن كان كل البعثيين مغضوباً عليهم أصبح الأميركيون يتحدثون بحماس واستماتة عن بعثيّ صدامي متنجس وبعثيّ غير صدامي وغير متنجس، وإلا ما معنى أن يقوم نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن بزيارة خاصة إلى العراق للضغط من أجل إرجاع البعثيين من أمثال صالح المطلك وظافر العاني اللذين قامت الهيئة المعنية باجتثاث البعث، بشطب أسمائهم من قوائم الانتخابات النيابية لثبوت علاقتهم بالنظام البعثي البائد، وهؤلاء لا يتورعون عن إظهار بعثيتهم، فقد ظهر ظافر العاني قبل أيام وهو يمجد فكر البعث وينكر المقابر الجماعية.

الغريب أن بعض الدول العربية وبعض الأحزاب العراقية اعتبرت أن إقصاء البعثيين من الانتخابات هو استهداف لأهل السنّة في العراق، وإقصاء متعمد لهم، فسبحان الله كيف أصبح صالح المطلك وظافر العاني رموزاً لأهل السنّة في العراق. من يروج لهذا الكلام ربما لا يعلم أن ثلثي البعثيين الذين تم إقصاؤهم من الانتخابات وعددهم ما يقرب من 500 شخص هم من الشيعة وليسوا من السنّة، وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بإقصاء طائفة من المشاركة إنما لمنع محاولات إعادة تأهيل حزب البعث وتهيئة الساحة العراقية لتقبل فكرة مشاركته في الحياة السياسية، في حين أن الشعب العراقي لم يسلم من جرائم البعثيين أيام صدام، بل حتى الآن حيث يقف البعثيون خلف التفجيرات الدامية التي يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء من العراقيين، ومع ذلك هناك من يريد أن يعيدهم إلى الواجهة.

تعليق: تصريح النائب فيصل المسلم بأن الكويت دولة سنّية شاء من شاء وأبى من أبى تصريح غير مقبول ويصبّ الزيت على النار، فالكويت دولة إسلامية، ومواطنوها متساوون بنص الدستور، وكون أغلبية المواطنين من السنّة لا يجعل الكويت دولة خاصة بهم. هل معنى كلام المسلم أن من حق السنّة كونهم الأغلبية فرض فكرهم ومعتقداتهم على بقية المواطنين ممن يختلفون معهم في الفكر؟ بمنطق الأغلبية يجب أن يكون العراق والبحرين دولتين شيعيتين لأن أغلبية سكانهما من الشيعة، فهل يقبل المسلّم بهذه النتيجة؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top