مرافعة أي عدالة نريد منك يا وزير الداخلية؟
المبررات التي ساقتها وزارة الداخلية لدى استيقاف الفتاة الكويتية دانة قبل نحو أسبوعين في دوار الجوازات من قِبَل أحد أفراد الشرطة وسحبه دفتر المركبة والإجازة الخاصين بها، ومطالبته لها باللحاق به إلى مخفر الرميثية، هي مبررات غير صحيحة ومبتدعة من وزارة الداخلية، وتدل على عدم قدرتها على مواجهة هذه الواقعة المخجلة، والتي بالتأكيد في رأيي كانت أحد أسباب وفاة المواطنة البريطانية والدة الطالبة دانة.
فالقانون يا إخوة يا سادة يا كرامَ وزارة الداخلية لا يعطي لأي شرطي، سواء في عمله أو حتى في غير عمله، حق استيقاف الناس وإكراههم بالقول أو الفعل للحصول على المستندات الخاصة بهم، سواء ما يتصل بالمركبة أو حتى بإجازة القيادة بسبب وقوع حادث شخصي منبتّ الصلة عن قيادة المواطنة دانة لمركبتها في الطرقات العامة، وبالتالي فإن صحت رواية الرقيب الأول التي ساقها مسؤولو وزارة الداخلية عبر إذاعة المارينا «أف أم» أو حتى قناة «الوطن» فإنه كان يتعين أن ينتقل الشرطي الموقر إلى المخفر بمفرده ليبلغ عن الواقعة التي تمت، والمخفر بدوره يتصل بصاحب المركبة، لمراجعة المخفر الواقع به التحقيق، لا أن يبرر المسؤولون التصرفات غير القانونية للرقيب بحصوله بدون وجه حق على دفتر مركبة المواطنة أو حتى الإجازة الخاصة بها، وهو الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب بأن يتم إلزام مواطنة، وعلى لسان المسؤولين في وزارة الداخلية ركوبَ دوريات الشرطة في واقعة أسخف ما تكون، لأنها مجرد ادعاء في حينها لم يسطر حتى على أوراق التحقيق، ليتم إجبارها على ركوب دورية الشرطة دون أدنى احترام لعادات وتقاليد المجتمع الكويتي، والتي حرص المشرع الدستوري لدى إسناد أمر التحقيق في قضايا الجنح إلى دائرة الشرطة المتمثلة الآن في الإدارة العامة للتحقيقات، على مراعاتها، عندما أسند التحقيق في مثل هذه القضايا إلى الشرطة بدلاً من النيابة العامة، والتي يتوجب على العاملين في المخافر أو الإدارة العامة للتحقيقات مراعاتها، لأن الدستور ألزم بضرورة العمل بها، لا أن يأتي مسؤول ما في الداخلية ويصرح بأنه ينبغي ركوب دورية الشرطة، لأن المواطنة دانة مدعى عليها،والسؤال الذي يطرح نفسه هو مَن قرر يا وزارة الداخلية أن دانة مدعى عليها سوى أنتم، ففي لحظتها لم يكن هناك سوى زعم ورقي من الشاكي محرر بدفتر الأحوال، ولم توجه أي تهمة في حينها إلى المواطنة دانة إلا بعد وصولها إلى مخفر السالمية للتحقيق بعد نقلها إليه بموكب الداخلية المرعب لها ولوالدتها، والمصيبة التي ينبغي الوقوف عندها، أننا لو سايرنا «الداخلية» في منطقها بأن دانة مدعى عليها، دون مراعاة للعادات والتقاليد، لأنها مدعى عليها، كما أعلن قادة الداخلية حينها، فإن دوريات الشرطة لن تبقي مواطنا واحدا إلا وستنقله بذات الرحلة، والأمر الآخر الذي أطرحه على الإخوة هو لو كانت أخت ذلك المسؤول أو أفراد الشرطة الموجودين في ذلك اليوم مدعى عليها، كما قرر مسؤولو الداخلية فهل ستُجبَر شقيقاتهم أو امهاتهم على ركوب الدورية؟! أجزم بأنهم لن يقبلوا ذلك، ولربما أحضروا قبائلهم كاملة وحاصروا وزارة الداخلية لإيقاف الأمر، وهو أمر لا نرضاه لهم ولا عليهم، وما يدعوني إلى إثارة ذلك هو البحث عن الجرم المنسوب في الواقعة، فإن كان فعلا فاضحا أم سبا فسينتهي الأمر إن صح بإدانته بالقضاء بالغرامة، وفيما بعد بالتعويض المدني للسيد الرقيب بكم؟ هل بـ500 دينار أم بألف دينار؟ أم بألفي دينار؟ فهذا شأن أغلب الدعاوى وقضايا الجنح العادية التي تقع.الأمر الأخير الذي أود طرحه هو كيف تمنع وزارة الداخلية المواطنين من تقديم شكاواهم وكيف تقبل شكوى الرقيب فقط وتمنع شكوى والد المواطنة التي بالتأكيد لو قبلت حينها وتم التحقيق فيها لكانت النار التي أشعلت وجدان والدة دانة قد انطفأت، لأنها تكون عندئذ قد استشعرت وجود نوع من العدالة، ولكن أين العدالة يا بونواف يا وزير الداخلية؟ لستَ معنيا بالحوار الذي دار بين المواطنة والرقيب، ولا بالسلوك إن صح من المواطنة فهذا شأن القضاء، لكن تحقيق العدالة وتوفير الضمانات للمجتمع للناس مهمتك أنت يا وزير الداخلية، وفي ضوء ذلك أعلم يا بونواف ورقيبك الشاكي ومسؤوليك الذين تحدثوا في كل وسائل الإعلام، دفاعاً لا يليق عن الوزارة، أن محكمة التمييز قالت في أغلب أحكامها إنه «لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حقوق الناس وحرياتهم» أي أن المحكمة لا يهمها يا معالي الوزير هروب دانة، حتى لو كانت مخطئة بقدر ما يتعين احترام آدميتها وحقوقها، والتي أقسم أنها لم تفر لا من استيقافها، ولا حتى عدم مشروعية أخذ أوراقها الثبوتية ممن لا يملك حتى إجبارها على ركوب دورية الشرطة، ولا حتى رفض تسجيل قضية لصالحها ضد الرقيب فماذا أنت فاعل الآن!