لم تُثمر الجهود المبذولة، في اليوم الثاني على وقوع كارثة الطائرة الإثيوبية قرب بيروت، العثور على ركابها، رغم تحسُّن حال الطقس وتكثيف عمل فِرق المسح، وبينما بات الأمل في العثور على أحياء معدوما، لايزال البحث جاريا لانتشال الجثث والعثور على هيكل الطائرة وصندوقها الأسود، بالتزامن مع معلومات رجّحت مخالفة قائد الطائرة أوامر برج المراقبة في المطار.

Ad

لايزال لبنان الرسمي والشعبي مذهولاً أمام هول حادثة سقوط الطائرة الإثيوبية، التي طغت لليوم الثاني على التوالي على ما عداها من أحداث، وشكلت محور اهتمام وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة وأجهزتها، التي حافظت على استنفارها بمؤازرة دولية رفيعة.

وبينما تواصلت أعمال المسح قبالة الشاطئ اللبناني، في المكان المرجح وجود حطام الطائرة فيه، من دون أن تتمكن من العثور على هيكل الطائرة أو انتشال أي جثث جديدة، استمرت معاناة أهالي وعائلات ركاب الطائرة، الذين ملوا الانتظار والترقّب، ولم يحمل لهم اليوم الثاني ما يخفف حرقتهم على أحبائهم.

قائد الطائرة

وبينما لم يحمل اليوم الثاني أي جديد نوعي، أكد وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي ما سبق وألمح اليه وزير الدفاع الوطني الياس المر امس الأول، لناحية إشارته الى "سلوك قائد الطائرة اتجاهاً معاكساً لذلك الذي أوصى به برج المراقبة".

وكشف العريضي أن "مكان وقوع الطائرة تحدّد بشكل واضح"، موضحاً أنّ "منطقة التفتيش تمتد عمقاً في البحر 8 كلم انطلاقاً من مدرج المطار باتجاه جنوبي-غربي، وبعرض 3 كلم".

وكانت فرق البحرية اللبنانية واصلت، بالتعاون مع قوات "اليونيفيل"، عمليات سبر أعماق المياه قبالة الشاطئ اللبناني المحاذي لمطار رفيق الحريري الدولي، وتمكنت السفينة العسكرية الأميركية، التابعة للأسطول السادس والمجهزة بأعتدة متطورة، بعد انضمامها الى فريق العمل، من تحديد المنطقة المتوقّع وجود هيكل الطائرة الرئيسي فيها. وبينما أفادت قيادة الجيش اللبناني بأن وحداتها البحرية تمكنت بعد سقوط الطائرة من "انتشال أربع عشرة جثة، إضافة الى أشلاء إحدى الجثث، وتجميع أجزاء من حطام الطائرة بما فيها جزء من جناحها الأيسر في منطقة الرملة البيضاء"، رجّحت معلومات أن يكون بقية الركاب لايزالون مثبتين على مقاعدهم داخل هيكل الطائرة. وفي انتظار ما قد تظهره عمليات المسح ونتائج لجنة التحقيق التي انضم اليها أمس، عضوا مكتب التحقيق الفرنسي في حوادث الطيران (BEA) بان بوليكان وايمانويل دوليار آتيين من باريس، رجّحت مصادر أمنية رفيعة "عدم العثور على ناجين بسبب الوقت الذي انقضى". وأشارت الناطقة باسم شركة الخطوط الجويّة الإثيوبية في أديس أبابا وغايهو تيفير إلى أن "احتمال العثور على ناجين أصبح ضئيلاً جداً، لكنّ عمليات البحث مستمرة"، موضحة أن "التحقيق مستمر وليست لدينا حتى الآن فكرة دقيقة عن سبب الحادث، لكن من الأرجح أن يكون الطقس السيّئ".

وزير الصحة

ولفت وزير الصحة محمد جواد خليفة الى أن 14 جثة وصلت الى مستشفى بيروت الحكومي، وكان قد تم التعرف أمس، على جثتين إضافيتين منهما تعودان لطوني الياس الزاخم (34 عاماً) وحيدر حسن مرجي (45 عاما)، بينما شيعت بلدة حناويه الجنوبية جثمان الضحية حسن تاج الدين، بعد أن تسلم ذووه جثته صباح أمس، وسط اجواء من الحزن والغضب والحداد.

وكشف الوزير خليفة أن "هناك بعض الأشلاء وستجري الفحوصات عليها"، مشدداً على أن "الأدلة الجنائية تعمل على الفحوصات وكذلك وزارة الصحة للتأكد من هوية اصحاب الجثث بشكل دقيق"، لافتا الى ان "بعض الجثث يمكن التعرف عليها بنسبة 70 الى 80 في المئة، لكن يجب اجراء الفحوصات لنثبت ذلك بشكل رسمي".

الى ذلك، زار رئيس الحكومة سعد الحريري، مساء أمس القنصلية الإثيوبية في بيروت، وقدم التعازي الى القنصل اسامينيو دابلي بونسا بالضحايا الإثيوبيين. وأعرب له عن "تأثره العميق ازاء هذه الفاجعة التي أصابت لبنان واثيوبيا"، وطلب منه "نقل مواساته وتعازيه الى اهالي الضحايا والحكومة والشعب الإثيوبيين".

الحريري إلى مصر

ومن المقرر أن يغادر الرئيس الحريري اليوم، ترافقه عقيلته لارا، الى مصر في زيارة رسمية، يجري خلالها محادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس الحكومة أحمد نظيف وعدد من كبار المسؤولين، تتناول تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية وسبل تعزيز العلاقات الثنائية اللبنانية-المصرية.

وشكلت كارثة الطائرة الإثيوبية البند الرئيسي على طاولة مجلس الوزراء، في اجتماعها الأسبوعي مساء أمس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، الذي واصل اتصالاته بالمسؤولين المعنيين للاطلاع على المراحل التي قطعتها أعمال البحث عن المفقودين، مشدداً على وجوب الإبقاء على حالة الاستنفار لدى كل الأجهزة المعنية.

وقد تناول مجلس الوزراء الأوضاع العامة وآخر المستجدات المتصلة بكارثة الطائرة الإثيوبية والاجراءات المتواصلة لكشف مصير جميع المفقودين.

وكان من المتوقّع أن يعرض مجلس الوزراء تعديلات وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، في ما يتعلق بقانون الانتخابات البلدية.