قرأت منذ أيام، مقالاً للشيخ صباح المحمد الصباح، مالك ورئيس تحرير صحيفة «الشاهد»، تحدث فيه عن موضوع ليس بجديد هو «ضياع هيبة أسرة الحكم»، وقد استوقفتني من كل ما جاء فيه جملة قال فيها «هذا ما وصل إليه أبناء الصباح، أحفاد وأبناء ملاك هذا البلد، ومؤسسيها، ومالكيها أرضاً وبحراً وجواً»، فثار في عقلي سؤال تبعاً لذلك: هل هناك يا ترى من آل الصباح من لايزال يؤمن حتى الساعة بأنهم ملاك هذه البلاد... أرضاً وبحراً وجواً؟!

Ad

لا أريد من طرح هذا السؤال اتهام الشيخ صباح المحمد بأنه يقصد ذلك، حتى إن كانت عبارته قد تحمل على هذا المعنى بسهولة، فهذا ليس مراد المقال ولن يفيدني بحال من الأحوال، إلا أنه سؤال من أسئلة أعشاش الدبابير الثقيلة التي إن «نكشها» عقلك فلا يمكن أن تتجاوزها بسهولة!

أنا من المؤمنين، وبصدق، بأن الأسرة الحاكمة جزءٌ لا يتجزأ من المعادلة السياسية في الكويت، حتى إن كان البعض يصر على التذكير دوماً بأن دورها مقتصر بحسب الدستور على إنتاج حكام هذه البلاد من ذرية المغفور له مبارك الصباح لا أكثر، إلا أنني وإن كنت أرى أن هيبة هذه الأسرة ومكانتها، حيوية لسائر الاستقرار السياسي، فإنني أؤمن أيضاً بأن هذا الاستقرار السياسي مرتبط كذلك بنظرة أبناء الأسرة لموقعهم من هذه المعادلة السياسية وانعكاس ذلك على أقوالهم وتصرفاتهم.

آل الصباح هم الأسرة الحاكمة لا الأسرة المالكة للكويت وفقاً لما في الدستور ومذكرته التفسيرية، بل حتى من قبل ظهور هذه الوثيقة بزمن بعيد، كان الكويتيون يتعاملون معهم وفق هذا المفهوم، لذا فإن وجود مَن يؤمن اليوم من أبناء هذه الأسرة بأنهم هم ملاك الكويت أرضاً وبحراً وجواً، سيكون كمن يدفع بإصبعه في عين الديمقراطية الكويتية ليفقأها، وسيكون بنفسه متسبباً في زعزعة الاستقرار السياسي وفي ضياع هيبة الأسرة الحاكمة من حيث يشعر أو لا يشعر!

نعم... صحيح أن الأذكياء يدركون بأن ديمقراطيتنا ليست مكتملة فلا يحمّلونها فوق طاقتها، ولذا يعرفون متى يشدون الحبال ومتى يرخونها، ولكنه إدراك مرتبط بالطبيعة الكويتية التوافقية التوفيقية لإبقاء الأمور سائرة إلى الأمام، داخل الإطار العام لشكل العلاقة ما بين الحاكم والمحكوم وشكل علاقة السلطات ببعضها كما في الدستور، لكن، وهنا المفصل، حين تتوقف أمور البلد عن السير إلى الأمام، فأهل الحكمة يدركون أنه حتى الأذكياء سيتخلون عن ذكائهم، وغير بعيد أنهم سينضمون إلى الفريق الأقل ذكاء، وسيضعون بأنفسهم العصي في الدواليب، وسيكون ما لا يحمد عقباه!

أرجو أن نفهم جميعا أن مستقبل الكويت واستقرارها مرتبط بهذا الدستور التوافقي الذي جعل من آل الصباح أسرة للحكم في كفة، وجعل السيادة للأمة مصدر السلطات جميعاً في الكفة الثانية، ليصير ميزاناً إن اختل الوزن في كفة منه «ستطيش» الأخرى لا محالة، وأرجو أن نعمل كذلك جميعاً على صيانة هذا الدستور وعدم السماح بأي شطحات «انقلابية» على ما جاء فيه من أي طرف كان، سواء من الشعب أو من الأسرة من باب أولى!