شيخ يقول أنا «معزب» والثاني يريد أن «يلسب»
ماذا يحدث في البلد؟! وزارة الخارجية الأميركية تُبدي قلقها من حبس سجين الرأي الأستاذ محمد الجاسم، وقال الناطق باسم الوزارة السيد كراولي: "قدرة مواطني أي دولة وصحافييها على بحث ومناقشة ونقد أفعال الحكومات بحرية وقوة لا تُهدِّد المصالح القومية... إنها تجعل الحكومات أفضل وأكثر عرضة للمحاسبة..."، كلام الخارجية الأميركية ونصيحتها لحكومتنا جميل، لكن من يسمع ومن يكترث عند "ربعنا"؟!أما منظمات حقوق الإنسان الدولية فقد أخذت تتحدث بقوة عن قضية الجاسم، وقالت حسيبة الصحراوي نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط لمنظمة العفو الدولية: "...إن الملاحقة الدائمة لمحمد عبدالقادر الجاسم تجعل الادعاء بأن الكويت تحترم حرية التفكير والرأي نوعاً من السخرية...!".
تصريح حسيبة قوي ومؤلم للكويت، وحسبنا الله ونعم الوكيل، فلم نكُن بحاجة إلى هذا الصداع، وإن كانت تلك الانتقادات هذه المرة توجه إلى الدولة بسبب قضية رأي وممارسة عادية لحق التعبير... فماذا كان سيحدث لو أن السلطة عاملت مقالات الجاسم كأيِّ قضية عادية، يُساءَل صاحبها متى حملت كلماته سبّاً أو قذفاً في حق أيِّ فرد من غير الزج باسم الدولة وأمنها وترويع أصحاب الرأي بعظائم الأمور...؟ على ماذا يا سادة؟ وهل نحن بحاجة إلى كل ذلك؟ إضافة إلى هذا يبحث دفاع الأستاذ الجاسم مدى جواز "استمرار" حبسه بعد أن انتهت مدة الـ"21 يوما" للحبس، التي أمرت بها النيابة العامة، وبعد أن انتهى تحقيقها في التهم الموجهة إلى الجاسم، وستتم مقاضاة السيد وزير الداخلية لعدم مشروعية حبس الجاسم في سجون أمن الدولة، ولعدم استناد استمرارية الحبس إلى سند من تفسير صحيح لروح القانون، وهذا دفاع سيُثار أمام المحكمة، وسيصل إلى أسماع الناس ومنظمات حقوق الإنسان، وسيزيد الإحراج السياسي للدولة الكويتية في قضايا الحريات، ولا يمكن الحجر على وعي الناس بعدم النشر الإعلامي، فجلسة المحاكمة لم تكُن سرية، ولم يطلب الادعاء أو رئيس الجلسة سرّيتها، فماذا سيكون موقف الدولة بعد ذلك؟!لديّ شعور بالغم واليأس مما يحدث، وتتملّكني مشاعر الحسرة على ما وصلت إليه الأمور، وتهيمن عليّ هواجس مقلقة لا بسبب قضية الأستاذ الجاسم فقط، وإنما لعدم اكتراث عدد كبير من نواب الأمة بما يحدث اليوم لحرية التعبير، ماذا أقول بعد كل ذلك؟ وماذا يحدث للديرة وأنا أسمع بين الحين والآخر عن "شيخ يقول أنا معزب وآخر يقول راح ألسب"؟!ملاحظة: "اللسب" يعني الجلد بالعصا في لهجتنا الناعمة.