الشكوى لله
كنا نشتكي حكومتنا الرشيدة إلى مجلس أمتنا الهمام، لعل وعسى، فحكومتنا عانت عبر الأزمان والعصور هزالاً وضعفاً متأصلين. وهي على حالها، حركة بطيئة، وبركة أقل. وبما أننا غير مسؤولين عن تعيين الحكومة، فإننا بالضرورة وبالدستور مسؤولون عن انتخاب المجلس، وهو بالتالي مسؤول عن مراقبة الحكومة وتوجيهها إلى الطريق القويم، فإلى من نشتكي المجلس يا ترى؟نوابنا، أعاننا الله عليهم، إلا من رحم ربي، غارقون حتى الثمالة في قيل وقال، وشد وجذب، وصيحة و"لجة"، لها أول ولا يبدو أن لها آخراً.
حالة الضياع وانعدام الشخصية البرلمانية، التي يعانيها مجلس الامة منذ انعقاده القصير، هي حالة شديدة الحدة، وغارقة في الإثم السياسي، فحالنا أصبح كحال المستجير من الرمضاء بالنار.هناك حاجة ماسة إلى أن يلملم مجلس الأمة حاله، ويظهر لنا بصورة أفضل، والمسؤولية هنا تقع على عدد قليل من النواب، من أولئك الذين يتسمون بالحصافة، والخبرة، والقدرة على المبادرة.كان واضحاً أن حالة "البعثرة" التي سادت الانتخابات الماضية ستؤدي الى انشغال نيابي نيابي، إلا أن الخشية أن يستفحل هذا العرض ليصبح مرضاً مزمناً يصعب إصلاحه. ولعل أبرز مواطن الضعف والتشرذم الطاغية على المجلس تكمن في نمطه الفردي، وتحول العمل البرلماني الى جملة من المبادرات الفردية، وتسابق على تقديم مشاريع القوانين التي يعرف مقدمها أنها لن تكون إلا حبراً على ورق، وإطلاق التصريحات غير المكلفة.فمن غير المفهوم مثلاً، أن يكون هناك 750 شخصاً يمثلون السكرتاريا الشخصية للنواب، ولا ينعكس هذا العدد بأي شكل من الأشكال، على تحسن في الأداء، وأن يكون الحل للتصدي لهذا التسيب هو حل بيروقراطي، من خلال إلزام تلك السكرتاريا بالالتزام بالدوام. فلتفترض انهم التزموا بالدوام، ما هو العمل الذي سيقومون به؟ ولا أعرف إن كان هناك عدد مكاتب كاف لكي ينتظم أولئك السكرتاريا فيها، أو أن هناك توجهاً إلى إقامة عوامات بحرية لاستضافة ذلك العدد من الأشخاص مثلاً؟ ويبدو أن ذلك يجسد المثل الكويتي "الزود نقص". ومن غير المفهوم أن تتكرر الأسئلة من نواب مختلفين، وتتكرر مشاريع القوانين من نواب مختلفين، ومن غير المفهوم الإكثار من اللجان دون حضور النواب، ومن غير المفهوم أمور كثيرة تسهم في إضعاف المجلس، وتحوله إلى مؤسسة عاجزة.المطلوب من النواب في هذه المرحلة بالذات التعامل بجدية مع حالة الوهن التي يعانيها المجلس، وتحديد الاولويات بوضوح، ومعالجة الخلل اللائحي الذي يسهم بشكل ملحوظ في إضاعة الجهود وتحويل المجلس إلى مناوشات نيابية لا تسمن ولا تغني من جوع.ربما نلتمس شيئاً من العذر للنواب في هذه الفترة القصيرة، فالعديد من النواب لا يعرف بعضهم بعضاً، ونأمل ان ينتهي دور الانعقاد القصير الحالي على خير، دون مفاجآت غير متوقعة، وأن يذهب نوابنا إلى إجازاتهم الصيفية، مروراً بشهر رمضان، وأن يعودوا وهم أكثر صفاءً وعزماً على إصلاح مؤسستنا التشريعية. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء