يخضع حالياً الأستاذ فيصل اليحيى، المحامي في إدارة الفتوى والتشريع لتحقيق إداري على خلفية تعليقه المنشور في صحيفة «الآن» الإلكترونية حول آراء إدارة الفتوى والتشريع بشأن الأسئلة البرلمانية المتعلقة بمصروفات ديوان رئيس الوزراء، والتي وجهها النائب الفاضل د. فيصل المسلم، وكذلك لمشاركته في اعتصام «ارحل نستحق الأفضل» الذي جرى في ساحة الإرادة للمطالبة بتنحي رئيس مجلس الوزراء.

Ad

بكل مباشرة ودون إطالة سأقول إن من حق أي مواطن كويتي أن يمارس حرية التعبير التي كفلها له الدستور قولاً وعملاً، وبالتالي فإن من حق المحامي فيصل اليحيى أن يكتب ما يراه من آراء وأفكار، وأن يشارك في ما يوافق قناعاته من أنشطة سلمية، بما فيها ذلك اعتصام «ارحل نستحق الأفضل»، مادامت أنها تقع جميعا تحت مظلة الدستور ولا تخرج عن إطار القانون.

ولهذا فلا يمكنني النظر إلى هذا التحقيق الذي يجري حالياً مع اليحيى إلا باستغراب شديد، وبكثير من علامات الاستفهام بل الاستنكار. وما يزيد الاستغراب والاستنكار ويجعلهما أكبر، هو أن فيصل اليحيى ليس المحامي الوحيد من إدارة الفتوى والتشريع الذي يكتب في الصحافة وينشط إعلامياً، فقائمة الزملاء والزميلات الكتّاب في الصحف الذين يتناولون القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة ممن يعملون في الإدارة نفسها كبيرة جدا، وهم من مختلف التوجهات، وإن قيل إن وضع اليحيى مختلف عن زملائه كونه قد تحدث عن إدارة الفتوى والتشريع، وهو بذلك كمن أفشى أسرار العمل أو شيئاً من هذا، فهذا مردود عليه بأن اليحيى في رأيه المنشور لم يتطرق إلا إلى رأي قانوني من موقعه التخصصي وليس لإدارة الفتوى نفسها، كما أنه لم يتحدث كاشفاً قضية سرية أو فتوى غير معلنة إنما كتب عن موضوع تم تناوله تحت قبة البرلمان في جلسة علنية نشرتها الصحافة وعلم بها الجميع.

أما عن مشاركة اليحيى في اعتصام «ارحل نستحق الأفضل»، فهذا لم يكن حدثاً فريداً أو جديداً على الكويتيين، فكثير منا، ومن مواقعهم وطبيعة أعمالهم المختلفة، لطالما شاركوا في اعتصامات وفعاليات سياسية هنا وهناك، وإن كانت الذريعة هي أن اليحيى يعمل في مكان حساس ولا يجدر به المشاركة في مثل هذه الأنشطة، فإن هذه الحجة وعلى الرغم من عدم وجاهتها ابتداء، لا يمكن قبولها أصلاً، خصوصا هذه المرة، فمن زملاء اليحيى في نفس الإدارة من كان شارك في نفس الاعتصام، وإن كان في الصف الآخر الرافض لرحيل مجلس الوزراء!

في تحليلي الذي سبق نشره في هذه الزاوية، قلت إن رئيس الوزراء والحكومة قد خرجا من جلسة الاستجواب ببعض المكاسب الشعبية، وإن هذا قد يساهم في استعادة بعض من بهاء الصورة الماضية للصف الحكومي، وبالتالي فإن مثل هذا التحقيق الإداري الذي يتعرض له المحامي اليحيى، وهذا التوجه الانتقائي ضده هو بالذات دون كل زملائه الناشطين إعلامياً وسياسياً في نفس الإدارة، لا يمكن تفسيره إلا على أنه تصفية للحسابات وضرب لخصوم الحكومة، مما سيكون له الأثر العكسي شعبياً ولا شك.

قد أختلف قليلاً أو كثيراً مع آراء الصديق فيصل اليحيى وتوجهاته على خلفية موضوع الاستجواب والاعتصام، ولكنني سأظل واقفا معه أسانده بكل ما أملك لأنه يعبر عن آرائه ومواقفه بكل حرية تحت مظلة الدستور وفي إطار القانون، وكلي أمل بالرشد الحكومي لإيقاف هذه الممارسة التي تجري ضده دون وجاهة!