آخ بس لو تأخذ المعارضة بنصيحتي، عليّ النعمة لأقلبن عاليها واطية، ولألخبطن المسائل لخبطة لم يُخلق مثلها في البلاد. فلا يعرف أحد الرايح من الجاي. ويقول خبراء التكتيك العسكري: "الخطة ُستخدم مرة واحدة، ناجحة كانت أم فاشلة، وتُرمى بعد ذلك". والمعارضة الكويتية تستخدم الخطة ذاتها سبع مرات كلها فاشلة، وتخسر و"يربح" الآخرون. لذا سأطرح خطتي، علّها ولعلّها، وهي كالتالي:

Ad

لماذا لا نزايد على فريق الحكومة من النواب والصحف والفضائيات في التطبيل والتزمير والهز والرقص؟ فإذا أرست الحكومة صفقتين على فلان وعلان مخالفةً كل الشروط والشرائع، فليخرج الرئيس السعدون في مؤتمر صحافي وهو يشير بإبهامه إلى الخلف كعادته ويقول: "حقيقة، هاتان الصفقتان تدعمان الدستور، ولا يسعني إلا أن أقول وااااو يا حكومة"، ويعقد النائب الفذ مسلم البراك ندوة لتهنئة الحكومة على صفقتيها، ويعلن أنه أرسل بوكيه ورد إلى هيئة الاستثمار، ويرسل الدقباسي والطاحوس بطاقتي تهنئة إلى رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والإعلام، وتصدر كتلة التنمية والإصلاح على لسان النائب الرائع الدكتور جمعان الحربش بياناً بعنوان "نبيها هيبة... بلا معارضة بلا خيبة".

ويكتب "قلم الدستور" الأستاذ أحمد الديين: "يا لتينك الصفقتين"، ثم يبعث لي بـ"مسج" غاضب: "مطوّلة خطتك؟"، ويكتب سعود العصفور وهو يحك خده ويشتم نفسه: "يا وجه الله ما أجملهما من صفغتين"، ويكتب الزميل الحوثي سعد العجمي وهو يقفز: "في الحكيكة، هاتان الصفكتان تخدمان المنطكة، من تعز إلى الحديّدة، والدليل تأييد مسلم البراك والطاحوس لهما"، ويكتب زايد الزيد عن الصفقتين اللتين لا علاقة للزميل محمد الصقر، ناشر هذه الجريدة، بهما: "رغم أن الصفقتين أعطيتا لنائب سابق يملك صحيفة يومية فإنهما مطابقتان للشروط"، ويكتب مشاري العدواني: "رغم أنني أول من اكتشف الصفقتين، وأول من استخدم النار في الطبخ، وأول من ركب القطار البخاري، وأكبر عصبي في الكويت، وأضرب الطاولة أثناء كتابة المقالة، فإن الحكومة لم تكوكس هذه المرة"، وأكتب أنا: "عليّ النعمة أثناء خدمتي العسكرية، على أيام جدي بريمان وجدتي وضحة، رحمهما الله، كنت برفقة إخوتي منصور وخالد وسعود وعبد الرحمن، وكنت أحمل أطفالي روان وغلا وسلمان وسعود (على اعتبار أنني الوحيد الذي خدم في العسكرية، وأن عمودي الصحافي ملك للعائلة)، علمت بنبأ الصفقتين فتمنيت لو كان سمو الرئيس بجانبي كي أقبّل أنفه وأقف خلفه بمحاذاة كتفه ونحن على الشرفة".

أجزم حينذاك أن أسهم فريق الحكومة ستنخفض، وستمسح الحكومة أرقامهم من موبايلها، فتضرب معهم لخمة، فيتزاحمون كالعادة على بابها آخر الشهر، فيخرج لهم الهندي: "شنو يبي؟ يالله روح"، فيخرج المذيع الشاعر إياه على الشاشة مستصرخاً: "حنا ططو، حنا عمى عين القطو"، فلا يجيبه أحد، فيصرخ: "يا شباب، يا أخوان شمة، حنا ططو"، ولا مجيب، فيطلب من المشاهدين الصعود على الأسطح لأداء صلاة الاستسقاء، ثم يخرج ليبدأ برنامج زميله الجديد المتخصص في مناقشة العجائز عن السياسة، فيتحدث وهو مطرق: "سيداتي سادتي، أخيّاتي عزوتي، رحنا ملح، أي نعم ما غير رحنا ملح"، فيتلقى اتصالاً من أم عقاب فيرحب بها: "هلا خيّتي، هلا عزوتي، هلا سندي ومسندي، شهرين ما استلمت معاشي، ونبيها هيبة، ونبيها معاشات".

ويكتب نبيل الفضل مقالته الوداعية وهو يجمع حاجياته في شرشف: "مسلم البراك... انبطاحي"، ثم يركب تكسي بعد أن سُحبت منه سيارته الميزاراتي، وتصرح النائبة معصومة المبارك: "عيب عليكم، يا جماعة عيب عليكم، من الصبح واحنا على مكتب سموّه، والحراس يطردوننا، عيب"، وينفض النائب علي الراشد التراب عن يافطاته القديمة، ويمسحها بكمّه، ويعقد ندوة تحت شعار "إلا الدستور".

وخلال ستة أشهر، بهالشارب، سيبدأ العنكبوت بناء المدن الجديدة في وسائل الإعلام إياها، وسيتغيب نواب الحكومة عن الجلسات، وسنشاهد في نشرات الأخبار: "الكويت تستدين من صندوق النقد الدولي بعد خلوّ خزينتها". لحظتذاك، تتحرك المعارضة فـ"تزيّت" فوهات مدافعها، وتعيد توزيع الذخيرة، وترفع بيرقها الأحمر.