المشهد العام عندنا ساخن، والحكومة والمجلس غارقان في بضاعة منتهية صلاحيتها، والأرفف مليئة باستجوابات لـ»خمسة زائد واحد» من الوزراء على الأقل، وهناك سباق وتهاتف على التهديد بالاستجواب بين النواب إما لقناعة بالتجاوزات وإما لشعور البعض بأن المجلس سيتم حله، وهؤلاء هم المشكلة «مع الخيل يا شقرا»!
ومع ذلك فالحكومة تغمض عيونها، وكأنها غير معنية بحالة الإرباك السياسي، والظاهر المتبدي أن الوضع «عاجبهم»، ويراهنون على حل المجلس، مؤمنين بأن الشارع سيقف معهم إن تم ذلك... (بالأحلام)!صحيح أن تقييم أداء النواب لم يكن على مستوى الطموح، وصحيح أيضاً أن البعض منهم يتغنى على جراح الوطن ويريد أن يكون فارس الميدان لعدم وجود المُنازِل، لكن فيهم مَن هو صادق ويخاف الله في أهله ووطنه ويرغب في الإصلاح ما استطاع.في حديث جانبي وبسؤال مباشر مع أحد الأعضاء المحترمين طالبته فيه بالتهدئة وتقييم الأمور بعقلانية لأن ديمقراطيتنا في خطر، فكان رده: «الحل صاير صاير»... هذا الرد ليس فردياً، بل هناك شبه إجماع عليه من قبل كثيرين.لذا فالتساؤل المطروح: ألا يحتاج هذا الوضع إلى وقفة من السلطتين التنفيذية والتشريعية لدراسة أسباب ومبررات التوتر، وإيجاد حلول يمكن أن تعيد الثقة مجدداً، من خلال فتح كل الملفات محل الخلاف بروح وطنية؟!الإصلاح يتطلب الشجاعة والابتعاد عن الشخصانية عند تقييمنا للأداء، ويتطلب كذلك عدم الجزع من النقد، بل تقبله بصدر رحب والعمل على معرفة أسبابه والعمل على إزالتها.فالنائب يمثل الأمة ولا يمثل نفسه، والناخب مسؤول عن حسابه، أما الوزير فلا دخل للمواطن في اختياره، ولكنه يستطيع محاسبته من خلال نوابه، وبذا يكتمل عقد المراقبة.الأزمة هذه المرة مشتركة... وإن كنت أرى أن مسؤولية الحكومة أكبر، وأن عليها مراجعة أوجه القصور لديها وهي كثيرة، وألا تفرط في الحساسية تجاه تصعيد النواب لأن بعضه له أساس من الصحة، قد نكون مللنا من الحكومة والمجلس، لكننا لم نمل الديمقراطية... فالأشخاص زائلون والكويت باقية بإذن الله.الأيادي الخفية ناشطة هذه الأيام بتوزيعها التهم على الجميع، وبثها سموم الفرقة تحت عنوان المصلحة العامة.الحكومة الإلكترونيةمشروع إدارة شؤون الأمة إلكترونياً قد يخفف من «الواسطة» ويقلل عناء المواطن، ويضبط أداء الموظف في المقابل، ولاشك أن تهيئة مستخدمي الخدمة وتوعيتهم ضرورة مهمة في الفترات المقبلة، ومن هنا تأتي أهمية الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات الذي تقع عليه مسؤولية التوعية العامة لفئات المجتمع كافة.رؤية الجهاز ورسالته وأهدافه غاية في الوضوح، وقد اعتمدت على إبراز الفوائد التي يجنيها المستخدم ببعديها الاجتماعي والاقتصادي، وعلى سبيل المثال الهدف الثالث للمشروع نص على «ترسيخ مفاهيم الشفافية والجودة وتحسين الأداء الحكومي والفاعلية والسرعة ومكافحة الفساد والبيروقراطية».وتحتاج آلية عمل الجهاز إلى تضافر الجهود واستقلال مراكز التدريب في القطاعين الحكومي والخاص، لاسيما في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وجامعة الكويت وأيضا بالنسبة لمختبرات الحاسب الآلي في المدارس لضمان الحراك التدريبي وتفاعل شرائح المجتمع كلها.فهذا الجهاز نتاج كويتي متميز أنجزته طاقات شبابية، ويحتاج إلى الدعم على جميع المستويات... وها هم أبناء الوطن يقدمون إبداعاتهم، فكل الشكر للمخلصين منهم... ودمتم سالمين.
مقالات
الايادي الخفية
06-11-2009