الرقعي... موقع جميل وعمارات قبيحة وأطلال مسجد وملاذ آمن للهاربات من العدالة
هي منطقة جميلة من الخارج يحيط بها أكبر دائريين في الكويت إلا أنها تحتضن في داخلها الكثير من المخالفات القانونية والاجتماعية كما أنها تعاني إهمال الدولة.
... وأعاده صوت زميله متسائلاً، بعد أن أخذته ضجة الحافلات التي تعبر الدائري الرابع إلى ميدان التحرير، "ألا تريد الذهاب إلى صلاة الجمعة؟"، فأجاب متثائباً بينما لاتزال «البيجاما» تستر جسمه النحيل "أليس الوقت مبكراً، لاتزال الساعة لم تتجاوز العاشرة بعد!"، آه آه تذكرت... يرد على نفسه "المسجد بعيد، بينما ذلك القريب من السكن لايزال على حاله هكذا منذ 4 سنوات... أطلال بناء وسط عمارات سكنية يقطن أغلبها مقيمون".هذا المسجد الذي يقع في قطعة 15 كانت قد بدأت أعمال البناء فيه منذ نحو 4 سنوات، أصبح ملاذاً للراغبين في ممارسات الأفعال الفاضحة، ولكل مخالفي القانون، إذ تجد الفرش المُتسخ والسجاد القديم البالي منتشراً في غرف الطابوق، سواء لتلك التي كان من المفترض أن تكون للحارس، أو للإمام،... أو حتى لدورات المياه!
يقول جار للمسجد: "تفاءلنا خيراً عندما بدأ البناء بالمسجد، ولكن سرعان ما تبدّد بعدما توقف العمل فيه مدة تجاوزت الأربعة أشهر، وبعد السؤال قيل لنا إن المتبرع تُوفي إلى رحمة الله، وإن "الأوقاف" تسلّمت العمل من الورثة... هذا منذ 4 سنوات ولايزال العمل متوقفاً!!وللرقعي هموم كثيرة لا يعرفها إلا سكانها الذين يضحكون كثيراً وهم يقرأون تصريحات من عيّنتهم وزارة الداخلية لمتابعة قضايا المنطقة "عندنا مشاكل بسيطة تتمثل في ضرورة رصف بعض الشوارع، وأما الجهات الحكومية فهي متعاونة معنا"، وطبعاً تقرن المقابلة بصورة صاحبنا والابتسامة المرسومة على وجهه، لو وزِّعت لكفت كل من ربح اليانصيب في لبنان أو المكسيك!وسكان المنطقة من "الغلابة" الذين يستخدمون وسائل النقل العامة يجدون مشكلة في الخروج منها، ليس إلى الجبل أو إلى المنتجعات الخيالية في أميركا اللاتينية، بل إلى أصدقائهم أو أقربائهم، إذ إن الحافلات التي تمر على المنطقة التي تحمل رقمي 12 و39 لها وجهة واحدة فقط وهي مدينة الكويت، يقول من تذكره هذه المشكلة بتلك التي يعانيها مواطنوه في بلادهم "كان الناس في بلادي يعانون أزمتين، حلّ المترو إحداهما، والأخرى لاتزال بل تفاقمت". ويضيف: "كنا نجد صعوبة في الذهاب مثلاً من ميت عقبة إلى شبرا والآن أصبحت الأمور مُيسّرة وأفضل من زمان، إلا أنني مازلت أعيش في أجواء ما قبل المترو... ولكن هنا في الكويت، "إذا أردت زيارة أقاربي في الفروانية فلابد أن أذهب إلى المرقاب أولاً ثم أعود مع أي حافلة مرة أخرى إلى المنطقة الرابعة!، وتخيّل ما أمر به عندما أعود، حيث أتوجه إلى المرقاب ومن ثم إلى الرقعي!!"... وبفضل غياب الرقابة الحكومية عن المنطقة تحوّلت الرقعي إلى مأوى للهاربين من القانون. يقول مصدر أمني لـ"الجريدة": "للأسف تقاعس الجهات المختصة في التفتيش على المحال التجارية والصالونات النسائية، حوّل المكان إلى ملاذ آمن للمطلوبين أمنياً، الذين احتضنتهم المؤسسات التجارية هناك... وخصوصاً الصالونات التي يستعين أصحابها بالمخالفات، إذ لا يكلفهم تعيينهن سوى راتب شهري وسرير يتحول إلى نوفا في النهار!"، مشيراً إلى أن "الداخلية لا تستطيع دخول الصالونات إلا بإذن من النيابة، وهذا من صميم عمل الجهات الرقابية في وزارات التجارة والشؤون والبلدية المخولة رسمياً بدخول هذه المحلات".أما أحد أصحاب محلات البقالة فيصيح متأوهاً "يا ليت ما يراه الناس من الدائري الخامس حيث صالة الأفراح والبنايات الجميلة، أو على "الرابع" حيث الهيئات الحكومية تقف شامخة وسط روائع هندسية، تنتشر داخل المنطقة".دليل من دون أرقامخلال جولة "الجريدة" في الرقعي، اكتشفنا قطعة أرض كانت في ما يبدو بناية قديمة هدمها صاحبها، وأصبحت مجمعاً للأوساخ، ومصدراً للإزعاج والخوف لسكان العمارات المجاورة لها، كما اكتشفت "الجريدة" عند محاولة المحرر معرفة قطع المنطقة، أن اللوحة المُعلّقة على الطريق الرئيسي (القادم من الأندلس باتجاه الحراج القديم) لا تحمل أرقاماً، وأنها مجرد لوحة زرقاء مُحي ما كان مكتوباً عليها.