* بادئ ذي بدء لم أصدق- لأول وهلة- بأن تلفزيون دولة الكويت وضواحيها ما غيره: صحا من رقاده الطويل، وفكر- بعد لأي- في تقديم برنامج اجتماعي صباحي يومي جديد، ثم يوكل مهمة تقديمه إلى المعالجة النفسية والإعلامية السيدة ألطاف عيسى السلطان، وبمعيتها أخوات شابات يشاركنها المهمة المطلوبة! ذلك أن تلفزيوننا العتيد، بات في سنيه الأخيرة، عامل طرد للناجحين من مقدمي برامجه الجماهيرية! فغادره الجميع سوى صاحبنا الكويتي العتيق (مسبع الكارات) الشاعر»بدر بورسلي» الذي أصبح كما «بيضة الديك» الوحيدة التي قد لا تتكرر! ومن يدري؟! فقد يصله هو الآخر: ثلاثة أسطر، يا رب استر، تحيله إلى الاستيداع والتقاعد، وتقول له: «خليك في البيت» مع العيال وأمهم إلى حين ميسرة! بدعوى أن ميزانية تلفزيون دولة الكويت تعاني الشح وتتربع على بساط الفقر والعوز والذي منهما! ولا يظن ظان بأني أتجنى عليه لا سمح الله، فقد سبقني إلى انتقاده كبار الإعلاميين القيمين عليه سابقا! كما يعرف الجميع.

Ad

وأحسب أنه من نافل القول: بأن تلفزيوننا صار طاردا لا جاذبا للإعلاميين الواعدين والناجحين، فضلا عن المشاهدين! والأخيرون أظنهم من غواة متابعة نشرة الوفيات، حرصا منهم على أداء الواجب، جزاهم الله خيرا على المشاهدة وأداء واجب العزاء، لكونهما ينطليان على معنى واحد! ذلك أن تلفزيوننا يحتاج العزاء وشد الأزر، لأنه عزيز قوم ذل وشاخ وترهل معوزا ذلك كله إلى فقر الميزانية! ما علينا.

* الشاهد أن حضور «ألطاف وأخواتها» على الشاشة الصغيرة لتلفزيوننا، أمر مفرح بامتياز! وبخاصة لأولئك المشاهدين الذين يعرفون «أم أحمد فؤاد ملا حسين» عن قرب، ويخبرون قدراتها وكفاءتها، وموهبتها الثرة في التواصل والاتصال، حيثما طلت من شاشة فضائية عربية! دع عنك، فضلا عن ذلك، إسهامها الإعلامي في الإذاعة والتلفزيون والندوات وغيرها، والتي تجسد بداية وتواصل مسيرتها الإذاعية المرئية والمسموعة، وإذا كانت الموهبة والمعرفة والثقافة مردوفة بطلة بهية تتسلل إلى الوجدان والعقل برهافة الشخصية «الكاريزمية» المدججة بالخطاب الواضح الذرب الذي يتجلى عبر صوتها المموسق الطروب الخالي من اللحن والتنعيقة و»الرطانة» والتعالي الأجوف على المشاهدين! وقد جرت العادة، حين يكون الكاتب في معرض المديح عن شخصية عامة صديقة، على أن يصدر مقالته بالعبارة الشائعة القائلة: بأن شهادته مجروحة، لكنني لن أفعل ذلك! لاعتقادي الجازم بأن «أم أحمد» حيوان إعلامي تلفزيوني بامتياز، لا يحتاج- الآن- إلى شهادة العبد لله وغيره! والحق أني كنت أشعر بالأسى والغضب معاً، حين أجدها تطل من الفضائيات العربية، بينما ينأى عن الاهتمام بها: الإعلام الحكومي والخاص سواء! ربما تأكيداً للتقليد التراثي، وتأسيا بالأقوال المأثورة والمأسورة: (مغني الحي لا يطرب) (ولا كرامة لنبي في وطنه ووسط بني قومه!).

زد على ذلك- إن كان صدرك واسعاً- التوقيت السيئ الذي اختاره التلفزيون لعرض برنامج «هي وأخواتها» حيث تم بثه في شهر أم الأزمات الكويتية، حين كان المواطنون مشغولين بمشاهدة المسلسل التأزيمي إياه! ومع أني أنتسب إلى عشيرة «غزية إن غزت»، إلا أنني تمكنت من مشاهدة حلقات عدة، وفرها لي الصديق معد البرنامج «قاسم عبدالقادر» فأتاح لي مشكوراً فرصة التعرف على ماهيّة برنامج هي وأخواتها»، والجمهور المنزلي الذي يتوجه إليه، وقدرته على الحضور اليومي متمحورا حول قضية تهم الناس، وتعنى بتسليط الضوء وإزالة العتمة عن مواهب وقدرات وقضايا الناس العاديين الذين لا يحفل بهم الإعلام عادة! ولأن «هي وأخواتها» خاص بمشاهدي البيوت، حري بالتلفزيون وضع شريط الترجمة الفورية المكتوبة باللغة «الأوردية» وغيرها من اللغات الحية، والتي في الإنعاش، والمحتضرة، والتي يرطن بها شغيلة المنازل الوافدون من كل حدب وصوب ولله الحمد!!