«إن مسؤولية الحفاظ على هذا الوطن العزيز والحرص على تطوره ونمائه وازدهاره وعلى ثرواته ومقدراته، مسؤولية وطنية مشتركة تقع على عاتقنا جميعا، وهي ليست حكرا على سلطة أو فرد، كما أنها ليست مجالاً للتشكيك أو المزايدة». من كلمات سمو الأمير، بمناسبة افتتاح الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة.

Ad

تعج الساحة السياسية اليوم بمشاعر تتجه باتجاهات مختلفة، باحثة عن سبل لمعالجة منهجية لمسيرة العمل الوطني، في ظل المنغصات التي باتت تشكل مصدر اختلال وأزمات، والتي عرقلت ومازالت تعرقل المشاريع المرجوة.

وها قد عاد ملف الوحدة الوطنية ليبرز من جديد، مواجها مظاهر الفرقة والتشتت والفتن، وها قد عادت المطالبات بتصحيح المسار الإعلامي، وتحصينه من عشوائية التراخيص دون الاستناد إلى استراتيجية واضحة.

اليوم وبعد أن احترفنا كسر الهدنة السياسية بين البرلمان والحكومة، وانتظرنا مرور الاستجوابات بسلام، وتابعنا الازدواجية في السلوك البرلماني، عبر طرح جماهيري «شارعي» خارج أسوار البرلمان لم يعرف الرقي، وطرح برلماني داخل أسوار البرلمان من خلال جلسة سرية «بلغت القمة في الرقي»، عدنا إلى البحث عن ممارسة ترفع سقف العمل السياسي، وتتبنى المطالبة الشعبية وتعزز المشهد الوطني، وإذ بنا نواجه ممارسة سلبية تسعى إلى خلق العقبات وتعطيل المسارين السياسي والاقتصادي معا، مما ولد لدينا الشعور بالحاجة إلى قراءة متأنية لتاريخ المسيرة الوطنية الكويتية، والاعتزاز بدور الإعلام الايجابي تجاهها.

وفي هذا السياق أذكر أنني اقترحت في عام 2004 إنشاء قناة برلمانية تتولى «التنفيس البرلماني» قبل أن يصل إلى الفضائيات، وبالتالي تصبح القناة منبرا لإصلاح العمل البرلماني، وتحفيزه لتقديم الأفضل، والأهم من ذلك هو الاستفادة من الدروس التي فرضتها العولمة على وسائل الإعلام، ودخول الإعلام عصر التعددية، ومواجهة البحر الذي يصعب على قوانين المرئي والمسموع ضبط بوصلة «المراكب الإعلامية» فيه في ظل الخصخصة وانتشار القنوات الفضائية، والصحافة الإلكترونية التفاعلية، والمدونات وغيرها من أدوات الإعلام الرقمي digital media، الذي فرض علينا واقعا جديدا.

لا أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من القيود حول المرئي والمسموع، فمنذ مؤتمر الدار البيضاء لجامعة الدول العربية الذي عقد في عام 1965، والدول العربية تسعى إلى إيجاد سياسة بناءة لميثاق شرف عربي يتناغم مع الاتفاقات الدولية، ولم تستطع حتى يومنا هذا الاتفاق على منهجية واحدة أو رعاية الإعلام الخاص والرقمي، وذلك لأن النغمة السائدة هي «مواجهة الإعلام» بدلا من «تطوير الإعلام» وهي «عولمة مقص الرقيب» بدلا من «الإنترنت للجميع».

أما في وضعنا الحالي فنحن بحاجة إلى أسلوب إداري متجدد للإعلام الرسمي، ليستعيد الدور القيادي الذي تميز به، في يوم من الأيام، وأن يستعيد جاذبيته للكفاءات الكويتية الشابة، وتميزه بالبرامج الحوارية التي يقتدي بها الرأي العام، ولسنا بحاجة إلى استراتيجية ردود أفعال تعطل من خلالها قنوات ومواقع ومدونات، فالمنظومة الإعلامية بشكل عام، بحاجة إلى تقييم جريء يتضمن فتح باب الحوار حول قوانين المطبوعات، وتقييم الضوابط والقيود التي يحويها القانون.

وأخيرا أخي القارئ، وكما تنتهي بنا الأمور عبر أغلب المقالات، الحل يجب أن يأتي عبر الإصلاح الإداري للمنظومة الإعلامية، والإصلاح الإداري في المؤسسة التشريعية، والإصلاح الإداري في المؤسسات الحكومية بشكل عام.

كلمة أخيرة: قبل الترويج الحكومي للخدمات الإلكترونية، على الحكومة توفير «البرود باند» broad band للجميع، أي حق الإنترنت للجميع.

وكلمة أخرى: أجمل تصميم لرزنامة عام 2010، هي لدار الآثار الإسلامية، وذلك لاحتوائها على «اللفافة» وهي مخطوطة وتحفة فنية قديمة، تحتوي على الأشعار الفارسية والأمثال العربية والآيات القرآنية، وذلك هو حوار الحضارات! وكل عام وأنتم بخير!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة