ترى ماذا سيكون موقفنا لو أن الصحافة الإيرانية تعدت على رموز بلدنا وقياداتها، واستغلت مواجهة «الداخلية» للفرعيات العام الماضي لتشويه صورة بلدنا ولترويج إشاعات عن قرب قيام ثورة في الكويت، وفقدان الحكومة السيطرة على البلد عندما أقيمت «الفرعيات» رغماً عن أنفها؟!

Ad

جميع دول العالم تبحث عن مصالحها وتقوم بتحريك جميع أدواتها- بما فيها الإعلام- لتحقيق تلك المصالح، لكن قلَّما نجد دولاً تتحرك ضد مصالحها، بل وتقوم بالتحريض عليها! ويبدو أن العرب باتوا رسمياً أشهر مَن يتحركون ضد مصالحهم القومية من أجل مصالح الآخرين.

إن ما يدعو إلى التعجب في الأحداث التي صاحبت نتائج الانتخابات الإيرانية هو هذا الحماس الاستثنائي من قبل بعض القنوات العربية، (أو بالأحرى العبرية)، والكتاب الذين وجدوا في الأحداث فرصة للتشفي من الرئيس نجاد وتأييد الإصلاحيين في المقابل، مع أن سياسة نجاد مؤيدة للقضايا العربية ودعم القوى المقاومة للصهاينة، في ظل تخاذل العرب عن دعم قضاياهم، بينما رفع الطرف المقابل شعار «إيران أولاً»! وبينما يحذر بعض العرب من خطر البعد القومي الفارسي نراهم اصطفوا مع مَن يشدد على هذا البعد، بدليل أن كروبي استنكر على نجاد المشاركة في مؤتمر دول مجلس التعاون «العربية»!

قد نفهم أن يهاجم الغرب نجاد، الذي شكل كابوسا لهم طوال السنوات الماضية، ويريد إطاحته بأي طريقة، خدمة لمشروعه للهيمنة على المنطقة، لكن أن ننجر نحن لخدمة مصالح الغرب في مقابل مصالحهم، فهذا هو العجب العجاب! وهنا نتساءل: ما مصلحتنا في فتح جبهة ضد الجار الإيراني عن طريق الكتابات المسيئة والتحريض والتشويه الواضح للحقائق؟ وأين الحكومة عن مثل هذه الكتابات المسيئة للعلاقات المشتركة؟! قد يقول قائل إن هذه حرية الرأي... كلام جميل، لكن هل يسمح بالكتابة عن بعض الدول الأخرى بكل حرية (وما تعرض له الزميل المحامي عبدالحميد دشتي مثال على ذلك)؟! بل هل يسمح بالكتابة حتى عن ظلم تعرض له كويتيون في بعض الدول؟!

إذن، إن كنا فعلاً نتحدث عن حرية رأي، فيجب فتح الباب على مصراعيه واستخدام مسطرة واحدة على الجميع من دون الكيل بمكيالين ومراعاة بعض الحساسيات والحسابات الخاصة على حساب أخرى، لكن إن كانت حرية الرأي محدودة وليست مطلقة ومرتبطة بمصالح بلدنا القومية، فقولوا لي ما المصلحة في ركوب موجة التشفي والتشويه الإعلامي المتعمد تجاه جارة مهمة لبلدنا. ولتوضيح الفكرة أكثر، ترى ماذا سيكون موقفنا لو أن الصحافة الإيرانية تعدت على رموز بلدنا وقياداتها، وحاولوا خلق جو فتنة إبان أزمة الحكم قبل ثلاث سنوات؟ أو استغلت مواجهة «الداخلية» للفرعيات العام الماضي لتشويه صورة بلدنا ولترويج إشاعات عن قرب قيام ثورة في الكويت، وفقدان الحكومة السيطرة على البلد عندما أقيمت «الفرعيات» رغماً عن أنفها؟!

فهل نكرر أخطاء الماضي نفسها عندما كانت صحفنا تقود رابطة مشجعي صدام في حربه بالوكالة عن الغرب، وكنا نقرأ مانشيتات مثل «اليوم وهران وغدا طهران»... حتى وقع الفأس بالرأس، أم نتعلم من هذه الدروس التي يبدو أن البعض قد نسيها أو تناساها بسرعة؟!

وفي النهاية شكراً للشعب الإيراني على تجديد الثقة بأحمدي نجاد لأنه يدافع عن قضايانا العربية أكثر من أغلب قادتنا وأنظمتنا البائسة التي تلهث وراء فتات الاستسلام والانبطاح. ونرجو أن تجدد الثقة ببقية القادة الأحرار، فبالأمس شافيز واليوم نجاد وغدا إيفو موراليس ورافاييل كوريا بإذنه تعالى.

***

• نحن بانتظار الرئيس الأميركي أن يقول «إنه محطم القلب» تعليقاً على جريمة القتل البشعة بحق الشهيدة مروة الشربيني، وبتواطؤ من الحرس الألمان الذين تركوا الجاني وأطلقوا النار على زوج الشهيدة! لكن ذلك مستبعد لرجل لم يتحطم قلبه عند رؤية مئات الأطفال الفلسطينيين يقتلون بكل بشاعة ووحشية باستخدام أحدث الأسلحة الأميركية!