خذ وخل : حائط مبكى ساحة الارادة

نشر في 12-07-2009
آخر تحديث 12-07-2009 | 00:01
 سليمان الفهد كنت أظن إلى حين قريب جداً، أن حائط المَبْكى خاص باليهود المحتلين فلسطين، فضلاً عن اليهود القادمين إلى فلسطين المحتلة بغرض ممارسة طقوسهم الخاصة أمام الحائط، لكني اكتشفت أن لكل أمة «حائط مَبْكى» خاصا بها يختلف في تفاصيل الطقوس، لكنها تتفق في اختيار رمز وفضاء لممارسة الدعاء على الظالم والمفتري، واللعلعة بالاحتجاجات الغاضبة، توسلاً لإيصال رسالة إلى مَن يهمه الأمر، الذي قد يكون الرب سبحانه وتعالى، أو رئيس البلاد والعباد.

ففي قاهرة المُعز-مثلاً- يمكن لنا الزعم بأن درج مدخل نقابة الصحافيين، في وسط البلد، هو حائط مَبْكى النُّخب والنقابات المهنية المصرية! بحيث يندر مرور أسبوع من دون أن يشهد درج نقابة الصحافيين وقفة احتجاجية يزنرها من كل صوب رجال الأمن المركزي! وقد يكون الأخيرون أزيد من المحتجين ويبزونهم عدداً! الشاهد أن النقابة باتت ملاذاً للمتظاهرين المحتجين الغاضبين، وتكرست كـ»هايدبارك» حيناً، وكـ»حائط مَبْكى» حيناً آخر، من دون غيرها من النقابات المهنية.

ودولة الكويت وضواحيها هي الاخرى، صار لها حائط مَبْكى معتبر اسمه: ساحة الإرادة! أو إنها في سبيلها إلى أن تكون كذلك! لاسيما أن جميع المحتجين، يفضلونها على غيرها من الساحات والأمكنة، الصالحة لاحتضان التظاهرات والحشود الاحتجاجية، بحيث أخشى أن تكون ساحة الإرادة فضاءً فلكلورياً ديمقراطياً يتسع لاحتواء كل حشد احتجاجي، حتى إذا كان الأمر لا يستوجب الاحتشاد في ساحة الإرادة خصوصاً.

* خذ عنك على سبيل المثال لا الحصر التجمّع الذي قاده بعض النواب الكرام، لتسليط الضوء على محنة المواطن المفقود منذ سنة «حسين الفضالة»... فالمرء قد يفهم ويتفهّم هذا الاحتشاد إذا كان يروم شد أزر ذوي المفقود، والتعاطف مع محنته بصيغة جماهيرية قد تشكل ضغطاً على القيّمين في وزارتي الخارجية والداخلية، المتهمتين بإهمالهما محنة فقد المواطن «الفضالة» وعدم اهتمامهما بمعرفة مصيره كما يجب، لكن الذي أعرفه، ويَخبَره الجميع هو أن أبواب كل الوزارات وجميع والوزراء مشرعة في أوجه النواب وقتما شاؤوا، غير أن الإخوة النواب شاؤوا التماس مع المحنة الإنسانية بروح الهبة الشعبية الحماسية المسيِّسة لقضية لا تحتمل التسييس ولا التجييش الوطني الشعبي الحماسي!

فالمفقود يُشاع أنه في إيران، لذا فقد كان حرياً بالنواب التجمهر في إحدى ساحات طهران لا في ساحة الإرادة، أو على الأقل التجمّع والتظاهر وممارسة كل الطقوس الاحتجاجية أمام وزارتي الخارجية والداخلية لدولة الكويت، وليس في الساحة إياها... أقول ذلك كله لأن تجربتنا مع تسييس «أسرى الكويت» أفضت -لسوء حظ الأسرى وذويهم- إلى تقويض كل حجج الكويت وأدلتها بشأن وجودهم في سجون نظام صدام حسين ومعتقلاته!

من هنا، أتمنى على ذوي المواطن المفقود «حسين الفضالة»، عدم الانجراف وراء الهبة الحماسية المسيِّسة لمسألة إنسانية بحتة، خشية أن يتحول المفقود إلى فقيد... لا سمح الله، كما حدث لأسرى الكويت الستمئة ونيّف، والذين صار غاية أملنا فيه يكمن في العثور على رفاتهم. وأرجو من ذوي المفقود كذلك عدم الالتفات إلى عصابات الابتزاز التي تزعم لهم أن بحوزتها معلومات مهمة عن مكان احتجازه، وما إلى ذلك من ترّهات تبغي المتاجرة بمحن خلق الله، ورحم الله مَن قال: اسأل مجرِّباً ولا تسأل «حكيماً» ولو كان نائباً برلمانياً شهيراً خارجاً من رحم الظاهرة الصوتية التي لم تتمكن من فك قيد أسير واحد، ولم تعثر على مفقود يوحد الله! والحق -أخيراً- أن الشكوى لغير الله مذلَّة!

back to top