هؤلاء لم يفرِّطوا في المال العام
يتعرض النواب عبد العزيز الصرعاوي وعبدالرحمن العنجري ود. أسيل العوضي وصالح الملا لانتقادات شديدة بسبب موقفهم أثناء الاستجواب الأخير، بيد أن أغلبية ناخبيهم على يقين أنهم لم يفرطوا في المال العام كون القضية محالة إلى النيابة العامة للنظر فيها.
انتهت موقعة استجواب وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد بتجديد الثقة به بأغلبية كبيرة، رفضت إعدامه أو إقصاءه سياسياً في استجواب هو الأسرع في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية، إذ لم يسبق أن قُدِّم استجواب لوزير بعد ستة أيام من بداية عمل مجلس الأمة.الأصوات التي منحت الثقة للوزير الخالد لم تكُن كلها مقتنعة بردوده، خصوصاً في ما يخص المحور الأول، لكنها كانت مؤمنة تماماً بأن ما يحدث من المستجوِّب ومَن يؤازره هو ممارسة غير دستورية، لذلك ناصرت الدستور وبرَّت بقسمها بالمحافظة عليه واحترامه.أما المال العام والخمسة ملايين ونيف التي كان «الدق» عليها لإحراج النواب المعارضين للاستجواب، فإن أداة المحاسبة عليها واسترجاعها كانت متوافرة وفقا للشق الجنائي الذي صرح به المستجوِّب بنفسه ورئيس كتلته الشعبية النائب أحمد السعدون، عندما أعلنا بعد تيقّنهما من عبور وزير الداخلية طرح الثقة به، بإعدادهما طلباً لإحالة الوزير إلى محكمة الوزراء في قضية الإعلانات الانتخابية، وهو الإجراء السليم الذي كان سيضع النواب حقيقةً أمام مسؤولياتهم لو طرح للتصويت من دون إضاعة وقت أدى إلى انتهاء دور الانعقاد في مناقشة الاستجواب وجلسة طرح الثقة من دون عرضه على المجلس، لأن الشق الجنائي هو القائم بعد أن انقضى الشق السياسي وفقاً لحكم المحكمة الدستورية بانتهاء ولاية الحكومة واستقالتها التي تمت خلالها الواقعة، لكن كان هناك إصرار ممَن كانوا خلف ذلك الاستجواب على النيل من رأس الناطور وليس الحصول على عنب المال العام! الغريب أن أحد المؤيدين للاستجواب والمصوِّتين بنزع الثقة عن الوزير، وهو النائب د. جمعان الحربش، أخذ يجادل في حوار تلفزيوني حول حكم تفسير المحكمة الدستورية رقم (8 لسنة 2004) للمادة الدستورية المتعلقة بالاستجواب، والشقين الجنائي والسياسي للقضية، وخلُص في النهاية إلى أن مساءلة وزير الداخلية تمت وفقاً لمسؤوليته السياسية عن واقعة الإعلانات الانتخابية، فلف ودار حول نفسه، ورد في النهاية على حججه بنفسه، عندما أقر بأن طرح الثقة كان حكماً على مسؤوليته السياسية التي تعد منتفية دستورياً.فأي عبث هذا بوقت البلد وجهوده، والطريق كان واضحاً منذ البداية باللجوء إلى الإحالة إلى محكمة الوزراء من خلال الشق الجنائي الأقوى أثراً... والذي لو أدين فيه الوزير سيكون وقعه أشد عليه، إذ أن حياته السياسية ستنتهي حكماً وستسترجع الأموال العامة مضاعفة لخزينة الدولة وفقاً لقانون حماية الأموال العامة رقم (1) لسنة 1993، وهو ما كان سيحول دون استخدام قضايا المال العام للمناورات السياسية وتصفية الحسابات الشخصية!***يتعرض النواب عبدالعزيز الصرعاوي وعبدالرحمن العنجري ود. أسيل العوضي وصالح الملا لانتقادات شديدة في ما يشبه الحملة المنظمة التي يشنها ضدهم بعض المواقع والمنتديات الإلكترونية، بسبب عدم تصويتهم مع طرح الثقة بوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، ورغم هذه الحملة، فإن أغلبية ناخبيهم في الدواوين والمنتديات العامة يقدرون موقفهم وتصويتهم، بل ويشكرونهم عليه، ليقينهم بأن الاستجواب كان ينطوي على الكثير من الشخصانية وتصفية الحسابات، وهم كذلك متيّقنون بأنهم لم يفرطوا في المال العام كون القضية في النيابة العامة، وهناك عدة سبل دستورية وقانونية سليمة للمحاسبة بخلاف اللجوء إلى الاستجواب والتصعيد المبكر من دون فائدة.