لاحظ المتابعون للأوضاع السياسية في لبنان نوعين من ردات الفعل على المؤتمر الصحافي الأخير لرئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع رداً على الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاسبوع الماضي في شأن المواجهة مع إسرائيل.

Ad

ردة الفعل الأولى جاءت مؤيدة لكلام جعجع لاسيما لناحية عدم جواز تفرد نصرالله برسم سياسة المواجهة مع إسرائيل بمعزل عن المؤسسات الدستورية، وفي مقدمها مجلس الوزراء وبالتالي بمعزل عن رأي بقية اللبنانيين. ويرى مؤيدو كلام جعجع أنه إذا كان نصرالله في رأي داعميه قد أقام توازن رعب مع إسرائيل من خلال المعادلات العسكرية التي رسمها (تدمير بناية في إسرائيل مقابل كل بناية تدمرها إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت، ومطار بن غوريون مقابل مطار رفيق الحريري، والكهرباء مقابل الكهرباء... الخ)، فإن جعجع نجح في إقامة توازن سياسي داخلي على المستوى اللبناني بين "منطق حزب الله في المواجهة مع اسرائيل" و"منطق الساعين الى رد الاعتبار الى مرجعية الدولة اللبنانية في قرارات الحرب والسلم".

أما ردة الفعل الثانية فيعبر عنها خصوم جعجع السياسيون، وهم يرون أن رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية أخطأ برده على نصرالله. ويذهبون في انتقاداتهم الى حد تشبيه المؤتمر الصحافي الأخير لجعجع، بالمؤتمر الصحافي الذي عقده عام 1994 غداة تفجير كنيسة سيدة النجاة في ذوق مكايل، متسائلا فيه عن دور الأجهزة الأمنية الرسمية في ضبط الأمن بدل ملاحقة أنصار القوات اللبنانية يومها. ويخلصون في تحليلاتهم الى أن جعجع سيدفع سياسياً ثمن مواقفه الأخيرة، وسيعرض نفسه لعزلة سياسية وربما لأكثر من ذلك على خلفية اتهامه بالسير عكس التيار الذي يدعو، إن لم يكن لتأييد حزب الله، فعلى الأقل الى التعاطي مع سلاحه كأمر واقع يجب تجاوزه على الأقل في المرحلة الحالية.

وإذا كان الفريق الأول يدعو الى وجوب الانطلاق مما تشهده الساحة اللبنانية من سجالات في شأن سلاح حزب الله ودوره خصوصا في هذه المرحلة، للعودة الى طاولة الحوار في محاولة للتوصل الى جوامع مشتركة يتفق عليها اللبنانيون، فإن الفريق الثاني سيحاول على ما يبدو المضي قدما في مساعيه الهادفة الى الإيقاع بين جعجع وحلفائه الآخرين في قوى 14 آذار، ولا سيما تيار المستقبل ورئيس الحكومة سعد الحريري.

وفي المعلومات المتوافرة أن رأيين يتجاذبان المعارضة في خصوص الرد على مواقف جعجع:

الأول يدعو الى تجاهل ما صدر عن جعجع، لئلا تظهر صورة الانقسام اللبناني في شأن سلاح حزب الله ودوره أمام الرأي العام المحلي والعربي والدولي خلافا لما يسعى حزب الله الى تصويره عن إجماع لبناني في شأن دور سلاحه.

الثاني يدعو الى مواجهة مباشرة مع جعجع في محاولة لإحراج حلفائه خصوصا على الساحة الإسلامية في محاولة لعزل "القوات اللبنانية" ومن يجاريها في موقفها على الساحة المسيحية من جهة، ولفرط قوى 14 آذار بعدما أثبتت هذه القوى خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بدءا بلقاء البريستول وانتهاء بإحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري بأنها لا تزال قادرة على تأمين التوازن الوطني المطلوب الذي يحول دون تمكن حزب الله وحلفائه من فرض وجهة نظرهم من القضايا الخلافية على جميع اللبنانيين.