كمل معروفك يا شيخ !


نشر في 05-01-2010
آخر تحديث 05-01-2010 | 00:01
 إيمان علي البداح بمناسبة رأس السنة الميلادية أهدانا الشيخ د. أحمد بن قاسم الغامدي، مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة بالمملكة العربية السعودية، تصريحاً نارياً جديداً عبر «العربية نت» يؤكد فيه ما ذكره سابقاً حول إباحة الاختلاط في الإسلام، مع إضافة قيّمة أكد فيها ما سبق أن قيل- دون أن يلقى أذناً صاغية- بأن «الحجاب خاص بأمهات المؤمنين بنصّ آية الحجاب وسببها وسباقها وسياقها»!

وعند سؤاله عن غياب وجهة نظره في المنظور الإسلامي العام، وعدم تداول الأدلة الشرعية التي تفضل بها لتحليل الاختلاط في الأوساط العامة، قدّم الشيخ تعليلاً لخص فيه أزمة العقلية الدينية بقوله: إن «أسباب غياب هذه النصوص في الطرح اعتقاد بعض أهل العلم بأن بث بعض الآراء المخالفة لعادات الناس قد يكون فتنة لبعضهم بوقوعهم في ما هو أشد منه لقصور فهمهم»، وأن «بعض أهل العلم ربما خصّ بالعلم قوماً دون آخرين خشية مفسدة ما، عملاً بقول النبي- صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة في نهيه عن إفشاء فضل التوحيد مخافة اتكال الناس على فضل التوحيد وتركهم العمل فقال: لا تبشر الناس فيتكلوا»!

عقلية الوصاية هذه بالضبط ما أبقت أوروبا قروناً تحت سطوة الكنيسة، وجمدت الحركة العلمية والثقافية بحجة الخوف على العامة من الفتنة والفساد، وهذه العقلية بالضبط هي ما نحتاج محاربته لا فتاوى هنا وهناك لا تمس صلب المشكلة.

يقول الشيخ في معرض حديثه إن الإسلام لا يوجد فيه رجل دين، وإنما رجل علم، وإن الالتزام بفتوى دون إعادة النظر في سندها «تقليد محرم مذموم وخروج عن المنهجية الشرعية الصحيحة في الرد إلى كتاب الله وسُنّة رسول الله»، وهو كلام جميل جداً ألغاه بحجج مجاراة التقاليد والوصاية وخوف «العلماء» على «العامة». في نهاية الأمر سواء كان اسمه رجل دين أم رجل علم فهو يقرر ما يصلح للتطبيق وما لا يصلح، وما يحق لنا- عامة الشعب- أن نعرفه وما لا يحق. ما الفرق بين ذلك الرجل وقس كنيسة القرون الوسطى؟

وإذا سلمنا بهذه السلطة يبقى السؤال الجوهري: مَن رجل العلم/الدين؟ مَن وما يحدده؟ هل هو المؤهل العلمي؟ أم المنصب السياسي؟ في الماضي كانت الشروط هي القراءة والكتابة وحفظ القرآن وتعلم قواعد اللغة، الآن التعليم الأساسي متوافر للكل، وآيات القرآن وتفاسيرها المختلفة والأحاديث وإسناداتها على بعد كبسة زر على الكمبيوتر، ومراجع الفقه والتشريع متوافرة في الجمعيات والمكتبات العامة، ناهيك عن التجارب العالمية والحقائق العلمية التي لا تحتاج إلى آية أو حديث لدعمها. فما يجعل د. الغامدي أو غيره «أعلم» ليقرر لنا ما يمكننا استيعابه؟

أمنية 2010 أن يكمل الشيخ معروفه ويلغي سلطة رجل «العلم» هذا ويحترم عقولنا ويثق بفطرتنا وذكائنا وقدرتنا كبقية شعوب العالم في تقرير المصير!

back to top