هدفها تقديم رحلات في العقل والعرفان ورشة السهرورديّ... لغة جديدة في الساحة الثقافيّة الكويتيّة

تكريساً لمفاهيم فلسفية اتبعها أبوالفتوح يحيى بن حبش الملّقب بشهاب الدين السهروردي، تأسست «ورشة السهروردي» في الكويت قبل بضعة أعوام لتنظيم أنشطة ثقافية تمزج بين الفنون الأدبية والبصرية والمسرحية بمختلف أطيافها، وتسعى إلى إيجاد طقس ثقافي يختلف عن السائد ويتميز بالخصوصية.

«الجريدة» التقت ثلاثة من أعضاء الورشة وألقت مزيداً من الضوء على تجربتهم الإبداعية.

حول المنهج الفكري الذي يتبعه الأعضاء في عملهم يقول عرّاب «ورشة السهروردي» الكاتب محمد عبد الله السعيد: {توصلت مدرسة السهروردي الفلسفية في القرون الفائتة إلى أن كل شيء كتابة، ومن خلالها يستطيع الإنسان الإجابة عن تساؤلات كثيرة، ويعرف الجميع أن التاريخ الفلسفي توقف عند هذه النقطة في منطقتنا بينما واصل مشواره في الغرب. عموماً، تسنت لنا بعد فترة الفرصة لعقد حلقات تواصل مع الغرب ما أنتج لدينا فكراً يمزج بين حضارات الماضي والحاضر ولغة حية ومتفاعلة مع المجريات العالمية من جهة ومع مخزونها الفكري والعرفاني من جهة أخرى».

عن منجز الورشة في الأدب والثقافة يقول: {تقدّم الورشة نتاجها عبر إصدار مجموعة كتب من بينها: «كا... با... الكتابة»، «برص المعرفة»، و{ورشة السهروردي». كذلك تعقد مجموعة أمسيات مثل «أمسية عرفانية» (موسيقية) التي أهديناها إلى الفيلسوف الهولندي سبينوزا، إضافة إلى أمسية قمرية عن المسرح الأسطوري حصدت ردود فعل إيجابية، ونحن قادرون على الوصول بهذا المسرح إلى العالمية».

عن أهمية التجمعات الثقافية غير الرسمية يقول السعيد: «المهم إنشاء نهج جديد بلغة متوائمة مع العصر ومنسجمة مع المعطيات المحيطة بها، وأهم إنجازات الورشة إنتاج مجموعة مبدعين».

نتائج إيجابية

يوضح الشاعر محمد صرخوه أنه التحق بالورشة قبل ثلاث سنوات، وأحد أهم الأمور التي اكتسبها صقل موهبته الشعرية عبر توفير الأدوات اللازمة للخروج عن النتاج المألوف الذي يدأب الأدباء والشعراء في الخليج عموماً والكويت خصوصاً على تقديمه، وبعد مرحلة من الاطلاع والقراءة والتدريب بدأت النتائج تظهر عبر نتاجه الأدبي والشعري.

يتابع صرخوه: «قبل التحاقي بالورشة لم أكن أدرك أموراً كثيرة تتعلق بالفلسفة، ولم اهتم يوماً بالقراءات الفلسفية وفروعها الأخرى، لكن بعد مضي ثلاثة أعوام من الآن أستطيع القول إنني قرأت مجموعة كبيرة من الكتب الفلسفية، مكنتني من إصدار كتاب أقدم فيه دراسة حول ثلاثة فلاسفة، ديكارت وسبينوزا ولايبنتس».

يستطرد صرخوه متحدثاً عن إيجابيات انخراطه ضمن «ورشة السهروردي»: «أصبحت أعي جيداً قراءة الكتب الفلسفية، مستخلصاً بعض الأمور المهمة لنتاجي الأدبي والشعري، وأعتقد أن هذا الإنجاز لم أكن لأحققه في حال انضمامي إلى أي مجموعة أخرى، فالشباب الذين ينتسبون إلى جمعيات أو تجمعات أخرى لا يحظون بنوعية التدريب ذاتها التي نحصل عليها في «ورشة السهروردي»، ونتاجهم الأدبي ليس بمستوى إصدارات الورشة».

انعكاس

بشأن المبادئ الفلسفية التي حصل عليها يقول صرخوه: «بدأت أدرك جيداً أسس التفكير السليم الذي يقودني إلى اكتشاف بعض المعارف في حياتي الخاصة، لا سيما أن تطور أدوات التعبير وآلية التفكير ونضوج شخصيتي انعكس على حياتي الخاصة وبدأت أُقيم الأمور وأحللها من وجهة نظر مختلفة. الآن، أستطيع الخوض في أي موضوع معرفي بناءً على المعطيات التي يوفرها لي المنهج الدراسي في الورشة، خصوصاً أنني تعرفت إلى أسس البحث العلمي الدقيق».

بدوره يذكر أحمد محمدي، أحد أعضاء الورشة: {للحظ السعيد بصمة في موضوع انضمامي, إذ كنت أسعى إلى تطوير قلمي فأحببت مطالعة مناهج النقد الأدبي ومبادئ الجمال ونظريات الفن و{ورشة السهروردي» ترعى هذه الاهتمامات».

يتابع محمدي:«في الواقع، الفلسفة حالة متطورة من الوعي تشمل تجليات الإنسان كافة، فما تراه البارحة على هيئة «أ» يتحوّل بالفلسفة إلى لغة كاملة غداً، لذا فلتشيّد المنابر وتصدح القرائح لهذه النظرية لأنها بمثابة ولادة إنسان جديد بأدب مغاير وثقافة مختلفة».

أما عن تأثير مفاهيم الورشة في حياته الخاصة فيقول محمدي: {وضعت الورشة في عيني عدسة جديدة تستطيع النظر بشكل أدق وأشمل، وكم هي غالية العدسة التي تكشف المزيفين، خصوصاً الذين يدافعون عن الثقافة وهم أشد أعدائها ولم يدخروا سهماً إلا ووضعوه في صدرها».

الورشة في سطور

- ورشة فلسفية تسلك خطاً ثقافياً جديداً في عملها.

- شعارها ختم إيكاروس مستدير، ويبدو فيه طائر النسر ممسكاً أفعى، يرمز إلى حكاية «إيتانا» أحد ملوك ما قبل الطوفان الذي صعد الى السماء طالباً للذرية.

- سميت باسم السهروردي تيمناً بأبي الفتوح يحيى بن حبش السهروردي، ومن ألقابه الشهاب والشيخ المقتول. ولد في منتصف القرن الثاني عشر ميلادي، ومات في أوائل القرن الثالث عشر.

ذهب الشهاب ضحية اختلافه على المستوى الخاص، فقد كان فيلسوفاً وساحراً وشاعراً وموسيقياً وسارداً إشراقي النزعة، وتجلى ذلك كله في كتابه «حكمة الإشراق» الذي جمع بين المنطق والتصوف.