قوى التمرد المثيرة للقلق في أفغانستان
خطط ضرب "طالبان" قد تعطي أثراً معاكساً في قندهار، نظراً إلى تردد أصداء تقارير تفيد عن وقوع ضحايا مدنيين في مرجة، لذا يعارض سكان قندهار بشدة العملية المقبلة، وهو أمر عبر عنه شيوخ القبائل لحامد كرزاي حين زار مدينتهم الشهر الفائت.
يتنهد أحمد والي كرزاي بحسرة وهو يروي الفصل الأخير من نبأ سيئ: "لقد قتلوا عجوزاً آخر من أرغنداب، يُدعى الحاج داوود أو ما شابه، إنه مجرد رجل فقير، شيخ لا دخل له بالحكومة". لا يكاد يمر يوم ولا يُبلَّغ فيه أحمد والي عن عملية قتل أخرى، يُذكَر أن والي هو الأخ غير الشقيق للرئيس حامد كرزاي والحاكم نوعاً ما للجنوب المضطرب والمليء بعناصر "طالبان"، بينما تستعد الولايات المتحدة وحلفاؤها لقتالهم الكبير في الصيف، لبسط سيطرتهم على إقليم قندهار الجنوبي الذي يعتبرونه الحجر الأساس لحملة مكافحة التمرد، تنطلق حركة "طالبان" في موجة جامحة من عمليات القتل، مستهدفة المسؤولين الأفغان الذين يعملون لدى منظّمات غوث أجنبية وشيوخ القبائل.قُتل نائب رئيس بلدية قندهار خلال أدائه الصلاة في أحد المساجد، وتخلّى موظفو المنظمات غير الحكومية عن وظائفهم المرتفعة الأجور بعد تلقيهم تهديدات بالموت. في هذا الإطار، طلبت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من موظفيها المحليين ملازمة منازلهم وأخلت موظفيها الدوليين القليلي العدد، وإن التهديدات وعمليات القتل مستمرة منذ سنوات، لكن حجم هذه العمليات والاستخدام الحر للقنابل بث الخوف، وحتّى الذعر، في أنحاء المدينة. من جهته، حذر الجنرال ديفيد بتريوس، رئيس القيادة المركزية الأميركية، من أن "الأفعال الفظيعة" التي يرتكبها عناصر "طالبان" ستُقابل بمساعي القوات الأميركية، والأفغانية والكندية لانتزاع السيطرة على الإقليم، ومع ذلك، يسعد القادة بالحديث عن خططهم في قندهار، كما فعلوا في فبراير قبل هجوم مروّج له على نطاق واسع على مرجة، وهي مدينة زراعية صغيرة في هلمند. يقولون إنه بخلاف ما حدث في مرجة، لن يأتي الهجوم كضربة أحادية من جانب واحد، وإنما سيقاتلون في بعض المناطق، لاسيما في منطقتي بانجواي وزهاري، حيث كان الصراع متقطعاً لسنوات. لكن في المناطق الأخرى، ستكثّف منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) تدريجياً عملياتها، عبر زيادة عدد جنودها سراً وتحسين نوعية الحكومة المحلية (كما تأمل). في المقابل، ستُحصر النشاطات العسكرية داخل المدينة، التي تستقطب المشاكل عادةً، إلى أقصى حد ممكن. تشكل مثل هذه التكتيكات جزءاً من الاستراتيجية التي وضعها العام الماضي الجنرال ستانلي ماكريستال، قائد قوات التحالف، وتستهدف طمأنة السكان وتشجيع المتمردين على عدم القتال.مع ذلك، تشير الأدلة حتى الساعة إلى أن هذه الخطط تعطي الأثر المعاكس في قندهار. نظراً إلى تردد أصداء تقارير تفيد عن وقوع ضحايا مدنيين في مرجة، يعارض سكان قندهار بشدة العملية المقبلة، وهو أمر عبر عنه شيوخ القبائل لحامد كرزاي حين زار مدينتهم الشهر الفائت. يخشى البعض أن يدفع القتال في المناطق الريفية المحيطة بالمتمردين إلى مدينة قندهار، التي تعتبر من المقدسات. فضلاً عن ذلك، يقول من يعيشون في المدن النائية إن عناصر "طالبان" ينظمون صفوفهم بطريقة لم تكن معهودة من قبل، وذلك بدل أن يردعهم احتمال زيادة عدد قوات التحالف. في هذا السياق، يلفت فايز محمد، صاحب أحد المتاجر في زهاري، إن مئات المراهقين من "طالبان" جاؤوا إلى قريته من باكستان.لا شك إذن أن المقاتلين اليافعين هؤلاء سيُقتلون أو يُضطرون إلى الهرب في الأشهر المقبلة. لكن ذلك هو الجزء السهل على حد قول المسؤولين في "الناتو" لأن الأمن الطويل الأمد لن يتحقق إلا في حال تحسنت السياسة في قندهار. وذلك يعني التعامل مع مجموعة موحدة من القادة الذين تمكنوا منذ عام 2001 من احتكار السلطة السياسية و"اقتصاد الحرب" المربح القائم على عقود عسكرية أجنبية للبناء، والعمليات اللوجيستية، والأمن الخاص. وهكذا يُنظَر إلى أحمد والي عادةً على أنه المستفيد النموذجي، لكنه ينفي أنه جنى أرباحاً من أي عقود عسكرية.مع ذلك، فإن سيطرته وسيطرة قبيلته بوبولزاي تسببتا في مظالم بين صفوف الشعب العادي وقادة القبائل الآخرين، لاسيما قبيلة غيلزاي. وفقاً لكارل فورسبيرغ، خبير أميركي في سياسة قندهار "يرى كثيرون من سماسرة السلطة المحليين الذين استُبعدوا من شبكة والي كرزاي التمرد الطالباني على أنه الوسيلة الوحيدة للمعارضة السياسية".منذ بضعة أشهر، ذكر قادة "الناتو" أنه من غير المجدي تنفيذ هجوم ضخم في قندهار طالما أن أحمد والي في السلطة، لكن هذا الأخير يتمتع بدعم قوي من أخيه في كابول، ولم يعد يرغب الأميركيون على ما يبدو في التخلص منه، على الأرجح بحجة أن هذا هو الشيطان الذي يعرفونه.في المقابل، يأمل الأميركيون أن "يتشاور الأفغان في أمرهم لتحقيق نجاح"، على حد قول الفريق نيك باركر، نائب الجنرال ماكريستال. تقتضي الخطة أنه عبر إقامة الكثير من جلسات الشورى، سيشارك أولئك الذين يشعرون بأنهم مستبعدون في عملية صناعة القرار، بالطبع على افتراض أنهم يريدون المشاركة في أمر يستقطب على الأرجح رصاصة قاتل من "طالبان" أو قنبلته.