شركات تتعثر عن سداد بضعة ملايين وتعلن مشاريع مليارية!
إن كان هناك «كاش» فالأولى تسديد الديون المستحقة
عندما تتعثر شركة عن سداد ما هو مستحق عليها من ديون بأحجام كبيرة وليست بالصغيرة، وفي فترة مثل الفترة الحالية وتطلق مشروعاً ما –بغض النظر عن حجمه- فإنها تثير بذلك علامات استفهام كثيرة ومتعددة، فإن كان لدى الشركة هذا الحجم من الأموال «الكاش» فلماذا لا تسدد جزءاً من ديونها المتراكمة عليها بدلاً من إطلاق مشروع جديد؟
"فاقد الشيء لا يعطيه"... وفقاً لهذه المقولة، رصد بعض المراقبين الاقتصاديين عدداً من الممارسات قامت بها بعض الشركات خلال الفترة السابقة وتحديداً منذ بداية الأزمة الاقتصادية حتى الآن، تتماشى تماماً مع مبدأ المقولة المذكورة، مثيرةً بذلك العديد من علامات الاستفهام أمام مساهميها وتاركةً المجال لنشر الإحباط السلبي من أسلوب عمل إدارة هذه الشركات أكثر من فتح المجال للتفاؤل الإيجابي.هذه الشركات، وإن كانت تقصد تعزيز ثقة مساهميها فإنها تساهم –ربما من حيث لا تدري– في زيادة التأثيرات السلبية في مساهميها أنفسهم، نظراً إلى الغموض الذي يكتنف أداءها، فمن جهة تعاني مشاكل مالية كبيرة تؤثر سلباً في نشاط الشركة وتوجه الإدارة إلى التركيز على حل هذه المشاكل، وبالتالي ضعف الأداء التشغيلي لها، ومن جهة أخرى ترتكب الشركة بعض الممارسات المنافية تماماً للمشاكل التي تعمل على حلها، وكأنها تنفي وجودها رغم أنها تصرح بها.إطلاق المشاريععندما تقوم شركة ما بإطلاق مشاريع جديدة وتنموية وكبيرة فإنه لأمر جيدٌ لها ولمساهميها، نظراً للعوائد المتوقع تحقيقها من الاستثمار في هذا المشروع، كما أنه يعتبر –دليل قوة- في فترات الأزمات الاقتصادية على متانة الشركة وصلابة أوضاعها المالية وعدم تأثرها بشكل كبير بالأزمة، ودليلاً كبيراً على عدم معاناتها من مشاكل في الديون والتمويل ولهذا أطلقت المشروع.أما عندما تتعثر شركة عن سداد ما هو مستحق عليها من ديون بأحجام كبيرة وليست بالصغيرة، وفي فترة مثل الفترة الحالية وتطلق مشروعاً ما –بغض النظر عن حجمه- فإنها تثير بذلك علامات استفهام كثيرة ومتعددة، فإن كان لدى الشركة هذا الحجم من الأموال "الكاش" فبدلاً من إطلاق مشروع جديد فلماذا لا تسدد جزءاً من ديونها المتراكمة عليها.الالتزامات السابقة... السببهناك من يدافع عن هذه السياسة –وهم أقلية بالطبع- ويقول إنه من المتوقع أن يكون على الشركة التزامات مع جهات معينة معنية بهذه المشاريع، وبالتالي بات من الواجب عليها أن تنفذ هذه الالتزامات كي لا تقع في المحظور وتبدأ سلسلة التعويضات الناتجة عن تأخير البدء في أعمال هذا المشروع، كما أنه يؤثر في تقييم الشركة لدى تلك الجهات، ومن الممكن أن يؤثر ذلك في مستقبل الشركة مع تلك الجهات.تسديد الديون أولىأما المعارضون، فيرون أن تلك الخطوة تعتبر ذات مخاطر عالية جداً على الشركة سواء على المستوى المالي لها، إذ إنها تزيد على كاهلها إجمالي الديون المتراكمة عليها وتزيد من مشاكل المستويات المرتفعة لمعدلات الاقتراض، أو على مستوى ثقة المساهمين بأداء مجلس الإدارة، فهم يرون أنه من الأولى أن تغلق الشركة ملف المديونيات أولاً ومن ثم معاودة إطلاق المشاريع الجديدة، فإن كان لديها ما يكفي من "الكاش" لإطلاق مشاريع جديدة فمن الأولى تسديد الديون المستحقة عليها أولاً. المشاريع... لإثبات الوجودثمة من يرى في هذا التصرف، أن الشركة تسعى من خلال هذه الخطوة أن تثبت للجميع أنها مازالت موجودة على قائمة الشركات صاحبة المشاريع، وأنها لا تعاني مشاكل قد تؤدي إلى انهيارها، ولهذا فإنها مستعدة لأن تطلق مشاريع جديدة حتى وإن كان وقت الإطلاق في خضم الأزمة المالية، حتى وإن كانت هذه المشاريع ستثقل كثيراً ميزانيتها العامة وتزيد من إجمالي ديونها.وقفة المساهمينيقول المراقبون، إن المساهمين في هذه الحالة مطالبون بالوقوف معاً لمحاسبة ومساءلة مجلس إدارة الشركة ومسؤوليها، وإجبارهم على توضيح كل التفاصيل الدقيقة للأوضاع المالية للشركة قبل وبعد إطلاق المشروع، كما أنها مطالبة بتوضيح مستوى التدفقات النقدية لها اللازمة لتغطية ديونها السابقة والجديدة المترتبة على إطلاق المشاريع الجديدة.فإن كانت التدفقات ليست وفق المستوى المطلوب، فإنهم مطالبون بمحاسبة المسؤولين قانونياً وتحميلهم المسؤولية الكاملة وراء تحميل الشركة ما لا تستطيع تحمله من ديون ناتجة عن مشاريع جديدة، في وقت هي أحوج فيه إلى تغطية التزاماتها السابقة لا زيادتها.تقييم الشركاتالممارسة الأخرى التي سنذكرها في تقرير اليوم تركز على قيام بعض الشركات الاستثمارية من التي تم إلغاء تقييمها وتصنيفها من قبل مؤسسات التصنيف، بتقييم شركات أخرى وتقديم تقارير دورية تقيم فيها عدداً من الشركات، الأمر الذي يثير تعجبات كثيرة على وجوه المراقبين الاقتصاديين والمحللين الماليين الذين يؤكدون أنه من المفترض أن تهتم الشركة بإعادة تقييم نفسها من قبل المؤسسات التقييمية أولاً، ومن ثم وضع تصنيفاتها للشركات الأخرى.بغض النظر عن أسباب إلغاء تصنيف الشركات المعنية، فإنها فعلاً مطالبة بالعمل على إعادة تقييمها من قبل المؤسسات التصنيفية حتى تستعيد ثقة مساهميها من جديد، وتعمل على استعادة ثقة المحللين والمراقبين الاقتصاديين الذين يرون أنه ليس من المعيب أن تفقد شركة ما تصنيفها في فترة من الفترات خصوصاً مثل الأزمة الحالية، لكونها من الطبيعي أن تتأثر بما يحدث من حولها من تأثرات كبيرة في جميع الأوجه الاقتصادية في كل دول العالم، ولكن المعيب أن تبقى دون تصنيف ودون عمل من أجل إعادة تصنيفها، وفي نفس الوقت تعمل تقييمات لشركات أخرى، فهل يجوز أن تقوم الشركة بإعطاء ما ليس في متناولها للشركات الأخرى؟ضرورة التنبيهتشير الآراء إلى ضرورة قيام مساهمي الشركات المعنية بتنبيه إدارة الشركة ومسؤوليها بشأن أهمية ترك تقييم الشركات الأخرى حتى تعيد تقييمها من قبل المؤسسات التصنيفية، نظراً لما لهذه الخطوة من أهمية كبيرة في زيادة الثقة في أوضاع الشركة المالية واستعادة ثقة من لم يعطوها بعد الأزمة للشركة، كما أن لها دوراً مؤثراً في تحديد أولويات الإدارة التي من الواجب أن تعمل وفقها حتى لا تذهب بعيداً عن عملها الأساسي.