يخشى الكثير من النواب أن يتكرس نهج حكومي جديد هو تعديل القوانين بعد إقرارها وقبل تطبيقها، خصوصاً تلك المعترض عليها ومرت بموافقة الأغلبية البرلمانية.
لم يخطر ببال أعضاء لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة البرلمانية ان يكون مصير قانون "حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة"، الذي اقره مجلس الامة في فبراير الفائت التجاهل والاهمال، ليس لان القانون يهم شريحة خاصة في المجتمع فحسب انما لان القانون اقر بالاجماع وبتوافق غير مسبوق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.غير انه بعد مرور اكثر من خمسة اشهر على اقرار القانون الذي اصبح استحقاقا على الحكومة واجب التنفيذ منذ 28 مايو الماضي، بعدما انتهت مهلة الاشهر الثلاثة للتنفيذ، مازال القانون في ادراج التجاهل والنسيان لينضم الى قائمة طويلة من القوانين المهملة وغير المفعلة.وبما ان الموضوع ارتبط بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة وما لها من بعد انساني وعاطفي، فإن عدم تنفيذ القانون يثير علامات استفهام واستغراب، ويفتح الباب الواسع على قضية عدم تطبيق القوانين التي يتحدث عنها الكثيرون، في ظل تزايد الدعوات الى الحكومة بالالتزام بتطبيق القانون.قانون المعاقينيقول النائب علي الدقباسي ان "قانون المعاقين اقر بالاجماع وهو من القوانين التي قوبلت بترحيب نيابي وحكومي لذلك لا نجد اي مبرر لعدم تنفيذه".ويضيف الدقباسي لـ"الجريدة" انني "لا اجد اي تفسير امام الحكومة لعدم تطبيق القانون، لذلك دعونا في لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة الى اجتماع موسع الاربعاء المقبل لنستمع الى رأي الحكومة واسباب عدم تنفيذها القانون حتى هذه اللحظة"، مؤكدا ان "قانون المعاقين من القوانين التي بذلت فيها اللجنة جهودا جبارة من خلال اجتماعات عدة متتالية مع اطراف مختلفة من جمعيات نفع عام وممثلين عن جهات حكومية ونواب من اجل اخراج القانون بالصورة التي ظهر عليها خصوصا انه عبارة عن مقترحات نيابية وليس مشروعا حكوميا".ويعرب الدقباسي عن تخوفه من ان "يكون ثمة نية لدى الحكومة لتعديل قانون المعاقين قبل تطبيقه وهو امر بات يثير التساؤلات لا سيما ان بعض القوانين يقر ولا ينفذ وتعطل مواد منه دون التزام بتطبيقها".وشهدت فترة الصيف الفائت سلسلة اجتماعات مكثفة وطويلة قامت بها لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة من اجل اعداد الصياغة المطلوبة للقانون واثمرت موافقة في المداولة الاولى ثم بعد اشهر موافقة نهائية في المداولة الثانية.دور الانعقاد الثانيوعقدت اللجنة من اجل انجاز اعمالها في دور الانعقاد الثاني الذي طوى صفحته مطلع الشهر الجاري 31 اجتماعا، استغرقت 89 ساعة ونصف الساعة، وانجزت اللجنة التي تعتبر اكثر اللجان البرلمانية المؤقتة اجتماعا في دور الانعقاد المنصرم عشرة مواضيع من اجمالي 53 موضوعا محالا اليها، ستة منها كانت متبقية منذ الدور الاول، في حين ان 39 موضوعا احيلت خلال العطلة البرلمانية السابقة وثمانية مواضيع احيلت في الدور الماضي.ويثير تعامل الحكومة مع قانون المعاقين مخاوف النواب المتزايدة ازاء استمرار تجاهل تنفيذ القوانين وتعطيلها من دون اكتراث بالمحاسبة البرلمانية خصوصا ان العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية مرت في فترات طويلة بعدم استقرار وبشد وجذب بسبب الخلاف بشأن تطبيق القوانين.وعكست الاستجوابات التي قدمت في دور الانعقاد الفائت على اختلاف محاورها ومواضيعها، حالة غياب القانون وعدم تطبيقه في الكثير من القضايا وهو ما قاد الى هذه الاستجوابات التي رغم اختلاف مضامينها فانها اتفقت على محور عدم الالتزام بتطبيق القوانين سواء المتعلقة بقانون المرئي والمسموع او التلوث في ام الهيمان او قوانين المناقصات ورقابة ديوان المحاسبة، وحتى في قضية الرياضة التي كادت تصل فيها المواجهة الى حد المساءلة السياسية كان سببها عدم تطبيق القانون.إسقاط الفوائدولا تعطي الحكومة مبررات واضحة لعدم تنفيذها القوانين رغم ان آلية رفض القوانين واضحة ومحددة، فاذا اقرت في المجلس فانه ليس امامها سوى رده مثلما فعلت مع قانون اسقاط فوائد القروض، عندما ردته رغم موافقة المجلس عليه في المداولتين الاولى والثانية، وبخلاف ذلك فإن القوانين يفترض ان تكون نافذة وتطبق حتى لو كانت الحكومة متحفظة او غير موافقة عليها. ويخشى الكثيرون ان يتكرس نهج حكومي جديد وهو تعديل القوانين قبل تطبيقها، خصوصا تلك المعترضة عليها والتي مرت بموافقة الاغلبية البرلمانية.ويقول النائب عبدالرحمن العنجري انه "لا اصلاح من دون التزام بتطبيق القوانين".ويضيف العنجري لـ"الجريدة" ان "تطبيق القانون امر مفروغ منه ويجب الا يكون محل بحث او جدال، فكيف نتحدث عن اصلاح وتنمية في ظل وجود فساد وغياب للقانون؟".ويشير الى ان الكثير من المواجهات بين المجلس والحكومة سببها عدم تطبيق القوانين "لذلك فإن الحكومة على المحك الآن بعدما تحصلت على الدعم النيابي في اقرار برنامج العمل وخطة التنمية للعمل بشفافية في ظل سلطة القانون".
برلمانيات
تقرير برلماني: مخاوف نيابية من نهج حكومي يكرّس تعديل القوانين بعد إقرارها
11-07-2010