تؤكد مراجع لبنانية رسمية أن زيارات كبار المسؤولين اللبنانيين الى الخارج، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري، تهدف في جانب أساسي منها إلى استطلاع حقيقة الخلفيات الإسرائيلية من التهديدات التي يطلقها قادة تل أبيب ضد لبنان منذ فترة.

Ad

وإذا كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد سمع في كل من واشنطن وباريس خلال زيارتيه الأخيرتين للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا كلاماً من الرئيسين باراك أوباما ونيكولا ساركوزي لا يدعو إلى الاطمئنان، فإن المعلومات التي وصلت بالتواتر إلى بيروت خلال زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لتركيا، أشارت الى أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان كان واضحا في إبداء مخاوف من "أجواء الحرب" التي يمكن أن تواجه لبنان.

وبحسب المعلومات التي نقلها مواكبو زيارة الحريري لتركيا، فإن أردوغان رد أسباب عدم اطمئنانه الى إمكان مبادرة إسرائيل الى شنّ حرب ما على لبنان أو توجيه ضربة الى المنشآت النووية الإيرانية على خلفية ملفي صواريخ "حزب الله" والمشروع النووي الإيراني. كما أن أردوغان لم يسقط من حساباته أن تكون الحرب المحتملة نتيجة مبادرة من إيران عبر "حزب الله" أو "حماس" في تكرار لسيناريو حرب غزة قبل نحو سنة.

وقد سمع الإعلاميون المواكبون لزيارة الحريري لتركيا كلاما واضحا من المسؤولين الأتراك عن مسؤولية إيران في إطلاق حرب غزة الأخيرة، على خلفية قرار إيراني بضرب مبادرات السلام العربية الإسرائيلية التي كانت تتولى تركيا جزءا منها من خلال الوساطة في المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل.

وفي رأي المسؤولين الأتراك أن طهران نجحت في تحقيق أهدافها بتعطيل مسار المفاوضات غير المباشرة نتيجة استحالة قبول سورية باستئناف هذه المفاوضات في ظل الحرب والحصار على غزة، ونتيجة عدم تمكن تركيا من السكوت على حجم ردة الفعل الإسرائيلية ضد المدنيين بمعزل عن الأسباب والظروف، مما انعكس توتراً في العلاقات التركية الإسرائيلية لم يعد بإمكان تركيا في ظله أن تلعب دور الوسيط على الأقل في ظل الظروف الراهنة من التوتر.

وبحسب كبار المسؤولين الأتراك، فإن جانباً من مخاوفهم هذه الأيام ناجم من قرار أميركي بتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط من خلال الموفد جورج ميتشيل، وهو ما يمكن أن يدفع بإيران إلى تكرار السيناريو ذاته الذي اعتمدته في غزة السنة الماضية لإحراج أطراف المفاوضات كافة وقطع الطريق على أي تقدم محتمل.

وتتزامن هذه القراءة، مع أجواء نقلها إلى المسؤولين اللبنانيين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، الذي أشار الى أنه خلال السنوات الثلاث الماضية التي أعقبت صدور القرار 1701، لم يشهد جانبا الحدود اللبنانية- الإسرائيلية على الرغم من كل الخروقات سقوط أي إصابة في الجانبين، مما يعني أن لكل من لبنان وإسرائيل مصلحة في استمرار الوضع على ما هو عليه، تمهيدا لتقدم ينقل الوضع من وقف العمليات الحربية إلى وقف ثابت لإطلاق النار.

لكن وليامز لم يسقط من حساباته خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين احتمال أن تتغلب المصالح الإقليمية وتحديدا الإيرانية على المصلحتين الإسرائيلية واللبنانية في الحفاظ على الوضع الراهن في جنوب لبنان، خصوصا إذا شعرت إيران أن الخناق الدولي يضيق من حول عنقها اقتصاديا وأمنيا نتيجة العقوبات الدولية التي بدأت تأخذ طريقها الى التنفيذ، ونتيجة الحرب الاستخباراتية التي يتعرض لها مشروعها النووي. وعليه فقد طلب وليامز من المسؤولين اللبنانيين بذل كل ما في استطاعتهم لتنشيط الحوار الداخلي، ولمصارحة "حزب الله" بأهمية تحصين الساحة اللبنانية في وجه التأثيرات الإقليمية المحتملة.