هل ننتظر أن نموت جميعنا لإعادتنا في توابيت ودفننا في مسقط رأسنا على غرار ما حدث مع عبدالله داوود؟ هذا ما قاله سليمان عبيات، أحد مبعدي كنيسة المهد، الذي أشرف على نهاية عقده الرابع.

Ad

وتحل الذكرى التاسعة على الحصار الذي فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي على كنيسة المهد في بيت لحم، بعد يومين من عودة الـمبعد الى أوروبا عبد الله داوود محملاً في تابوت نتيجة مرض ألم به، وفي وقت يتجرع فيه 39 مبعدا فلسطينيا موزعين بين أوروبا وقطاع غزة، حسرة الفراق والإبعاد.

ويستحضر عبيات، الحصار الذي لف الكنيسة 39 يوما على التوالي، والجوع والعطش، وجثث الـمحاصرين التي كانت تتساقط أمامهم برصاص الإسرائيليين.

ويقول عبيات الذي دفعه منع إسرائيل لمَّ شمل أسرته الى الزواج من جديد في غزة، لـ"الجريدة": "مناسبات كثيرة حدثت في عائلتي ولم أشارك فيها"، وأضاف: "دُفِنتْ والدتي دون أن ألقي عليها نظرة الوداع، وتزوج أخي دون أن أشاركه فرحه".  ويخشى عبيات، أن تكون عودة المبعدين الى مدينة المهد فقط في توابيت من أجل الدفن. ويعول الكثير من المبعدين على وعود قدمت إليهم من قبل رموز في السلطة الوطنية الفلسطينية، بمناقشة وبحث قضيتهم في أول جلسة مفاوضات مع الإسرائيليين. وتدفع حكومة سلام فياض للمبعدين كل شهر تكاليف مساكنهم ورواتبهم، وخاصة أن معظمهم من نشطاء "كتائب شهداء الأقصى" الذراع العسكري لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ويقول المبعد جواد نواوره، وهو في الثلاثينيات من عمره، الذي تزوج في غزة وأنجب طفله دون مشاركة أحد من أهله أفراحه، لـ"الجريدة"، "أُطلق سراح أخي من سجون إسرائيل وتزوج وأنجب أطفالا، وكذلك تزوجت أختي وأنجبت أطفالا ولم اشارك أهلي أفراحهم".

ويلفت الى أن هناك مبعدين فقدوا زوجاتهم وآخرين فقدوا أشقاءهم وأبناءهم، ولم يتمكن احد من مشاركة الأهل الاحزان في بيت لحم، معربا عن خشية الجميع أن تكون العودة إلى مسقط رأسهم فقط في حال الموت.

وأشار نواوره، الى رسالة بعث بها المبعدون الى رئيس السلطة لحل قضيتهم، وتكليفه صائب عريقات كبير المفاوضين، طرحها في أول مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين إذا تمت، مشيراً الى أن التعنت الإسرائيلي هو من يفشل التوصل إلى أي اتفاق ينهي معاناتهم.

ويجمع أغلبية المبعدين على أن أكثر ما يؤلمهم تفتت الصف الفلسطيني، والتناحر الداخلي، ويأملون أن تُطوى صفحة الانقسام السياسي لإنهاء معاناة شعب لايزال يرزح تحت الاحتلال.