المُريب !

نشر في 26-07-2010
آخر تحديث 26-07-2010 | 00:00
 صالح القلاب لو أن السيد حسن نصرالله ليس خائفاً وليس قلقاً، كما قال في خطابه يوم الخميس الماضي، الذي ردَّ فيه على التسريبات التي أشارت إلى أن "القرار الظني"، الذي أصدره المدعي العام الدولي في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، يتهم عناصر من حزب الله، الذي يتزعمه، لما لجأ إلى التصعيد الذي لجأ إليه، والذي ضمنه تهديدات مباشرة ومبطنة ضد حتى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وضد تيار المستقبل، الذي تحول إلى حزب سياسي، البعض يصفه بأنه حزب السنة، وضد الرابع عشر من آذار، وضد بعض الأطراف المسيحية المارونية.

أما أن ينتفض "شيخ المقاومة"، كمنْ لدغته عقرب، بمجرد أن سمع أن هناك قراراً ظنياً دولياً على الطريق قد يُعلَن إما في أكتوبر أو نوفمبر المقبلين، يتهم بعض عناصر حزبه، حزب الله، بأنهم متورطون في جريمة اغتيال رفيق الحريري فإن هذا يضعه في موضع الشبهة، حتى وإن كان بريئاً، والمفترض أن يتحلى قائد على هذا المستوى، بعد أن سمع ما سمعه، برباطة الجأش، وأن يسيطر على أعصابه، وأن يكظم غيظه انتظاراً لصدور قرار المحكمة الدولية بصورة مباشرة ورسمية.

كان على "سيد المقاومة" ألا يرفع الحديث الشريف "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" شعاراً له، وينبري للدفاع عن أعضاء حزبه الذين استهدفهم الاتهام الذي لا يزال مجرد أقاويل وتسريبات صحافية، والذين لم تجر الإشارة لا إلى أسمائهم ولا إلى مواقعهم القيادية في حزب الله، والذين وصفهم سعد الحريري تخفيفاً لانعكاسات هذا التطور على الساحة اللبنانية المتوترة والمْلتهبة أصلاً بأنهم "عناصر غير منضبطة".

كان على السيد حسن نصرالله أن يأخذ بعين الاعتبار، بعد أن سمع ما سمعه بشكل غير مباشر وغير رسمي، أن هؤلاء قد يكونون عناصر غير منضبطة فعلاً، وأكثر من هذا أنهم قد يكونون من المتعاملين مع إسرائيل مادام ثبت ويثبت مرة تلو الأخرى أن لـ"الموساد" الإسرائيلي اختراقات واسعة في لبنان لم تستثْنِ ولا طائفة واحدة من الطوائف اللبنانية، ولم يسلم منها حتى حزب الله على مستوى المواقع القيادية.

إن كل الذين فوجئوا برد "سيد المقاومة" غير المنضبط، الذي جاء بمنزلة نثر الجمر في كل الاتجاهات في بلد لا تنقصه إلا شرارة واحدة ليعود إلى مرحلة التذابح الطائفي، تذكَّروا ذلك المثل الشائع في بلاد الشام القائل: "إن الذي في بطنه حمص لا يستطيع النوم"، وذلك المثل العربي القديم القائل: "يكاد المريب يقول خذوني".

back to top