هل ستبيع أميركا حلفاءها ؟!

نشر في 16-07-2009
آخر تحديث 16-07-2009 | 00:00
 صالح القلاب يسود اعتقاد لدى كثيرين أن هناك إمكانية فعلية لتحسن العلاقات الأميركية- الإيرانية رغم كل هذا الذي تشهده إيران، والذي إن هو أخذ أبعاده فإنه سيؤدي إلى واقع غير الواقع الذي ساد خلال السنوات الأربع الأخيرة، فالأميركيون كما هو واضح لا يراهنون كثيراً على هذه "الثورة" الإصلاحية، وان أقصى ما يرون أنه ممكن هو استغلال هذه المستجدات لابتزاز تيار المتشددين بقيادة المرشد العام علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد وإلزامهما بتنازلات فعلية سواء على صعيد التدخل الإيراني في شؤون العراق الداخلية، أو على صعيد موضوع القدرات النووية الإيرانية.

والواضح أن هناك استعداداً لدى السيد علي خامنئي ولدى محمود أحمدي نجاد، ربما بسبب هذه الأحداث الأخيرة وتحت ضغطها، للإسراع في فتح صفحة جديدة مع الأميركيين وهذا يعزز المعلومات التي تتحدث عن أن مرشد الثورة قد اتخذ الموقف المتشدد الذي اتخذه ضد الإصلاحيين وحركتهم، لأنه لا يريد أن يخرج ملف العلاقات الإيرانية- الأميركية من يده ومن يد تياره، ولأنه يعتقد أن أي انتصار للإصلاحيين سوف يقوي شوكتهم، ويجعل من الصعب ضبط إيقاع حركتهم السياسية بالنسبة إلى هذا الملف الذي يعتبر إستراتيجياً وفي غاية الخطورة.

إنه لا شك في أن هذه "الثورة الإصلاحية" قد أضعفت موقف التيار الإيراني المتشدد وخصوصا في مجال السياسة الخارجية، ولذلك فإن أغلب الظن أن إعلان وزير الخارجية منوشهر متقي أن بلاده تعكف حالياً على إعداد رزمة اقتراحات جديدة بالنسبة إلى المجالات الأمنية والسياسية والدولية هو بمنزلة التلويح للأميركيين بغصن الزيتون، وهو من قبيل إغرائهم بتنازلات تحد من حماسهم لهذه الموجة التي يتصدرها مير حسين موسوي المدعوم من قبل آية الله العظمى حسين علي منتظري ومن قبل رئيس الجمهورية الأسبق هاشمي رفسنجاني.

والسؤال هنا: هل الولايات المتحدة يا ترى سوف تستجيب لهذه الإغراءات التي لجأ مرشد الثورة إلى التلويح بها، وتتخلى عن هذه الحركة الإصلاحية التي تعتقد بعض الأوساط الإيرانية المقربة من الأميركيين أنها قصيرة النفس، وأنها لن تكون على المدى الأبعد أكثر من محاولة لتجديد مسيرة هذا النظام القائم وإطالة عمره ...؟!

وحقيقة أنه يمكن القول، في مجال الإجابة عن هذا السؤال، إن التاريخ أثبت أكثر من مرة أن هذه الدولة أي الولايات المتحدة لديها الاستعداد دائماً وأبداً للتخلي عن حلفائها إن هي تيقنت أن التحالف مع هؤلاء بات يشكل عبئاً عليها، وأنها لا تتردد في تغيير رهاناتها إذا تأكدت من أن الأحصنة التي تراهن عليها هي أحصنة خاسرة... وهذا حصل مع الشاه محمد رضا بهلوي، ومع ماركوس الفلبين، ومع أنظمة كثيرة سواء في آسيا أو في إفريقيا أو في أميركا اللاتينية.

إن الولايات المتحدة، هذه الدولة الأعظم والأكبر في العالم كله، لا تتردد في الكثير من الأحيان، وليس في بعض الأحيان فقط، من التعامل حتى مع القضايا الدولية الكبرى بطريقة السمسار الصغير، ولذلك فإنه من غير المستبعد أن تبيع هؤلاء الإصلاحيين الإيرانيين قبل أن يصيح الديك إن أعطاها مرشد الثورة التنازلات التي تريدها، وإن استجاب لرغباتها وشروطها سواء بالنسبة إلى أوضاع العراق الداخلية أو القدرات النووية الإيرانية.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top