يصادف يوم غد الذكرى الـ30 لتأسيس مؤسسة البترول التي انطلقت في عام 1980، وتعد من المعالم التاريخية في البلاد. وتعتبر الذكرى خطوة مهمة لتطوير القطاع النفطي حتى يعمل على أسس متعارف عليها عالميا، يراها الكثيرون عمود الاقتصاد الوطني، إذ تتمثل وظيفتها الأساسية في رسم التوجهات الاستراتيجية لعمليات التسويق والبيع والنقل البحري للنفط الخام والمنتجات البترولية للأسواق الرئيسية.
من هنا ارتأت "الجريدة" التعرف إلى آراء عدد ممن عملوا فيها وذلك لأهمية دور هذه المؤسسة الوطنية.أكد وزير النفط الأسبق د. عادل الصبيح ان مؤسسة البترول تقوم بدور رائد في النشاط الاقتصادي في الكويت فالعائدات المالية التي تأتي بها شركاتها تمثل اكبر مصدر للدخل المالي في البلاد، واكبر طارح للمشاريع الرأسمالية، مشيرا الى ان المؤسسة تساهم بحوالي 95 في المئة من الناتج الاجمالي الوطني سواء من خلال بيع النفط الخام او مشتقاته.واوضح الصبيح ان انشاء المؤسسة يعد من المعالم التاريخية في البلاد، وهي خطوة كبيرة لتطوير القطاع النفطي حتى يعمل على اسس متعارف عليها عالمياa، وكان مأمولا ان تكون المؤسسة واحدة من اكبر الشركات العالمية في قطاع انتاج البترول وتكريره وتسويقه، بالإضافة الى الاستثمارات البتروكيماوية، موضحا ان المؤسسة تقدمت خطوات كبيرة للأمام وحجزت لها دور متميز بين مثيلاتها من الشركات النفطية، ولكن لايزال هذا التقدم غير الذي نأمله منها.وقال إن المؤسسة والقطاع النفطي الآن اصبحا عرضة لكثير من الضغوط والتدخلات السياسية التي من شأنها أن تؤدي الى تدني مستوى قيادة المؤسسة ومستوى الفرق التنفيذية، وان هذا التدني ايضا ينسحب الى الشركات التابعة لها، مشيرا الى ان هذه التدخلات تمثلت في التعيينات والترقيات للعاملين للحصول على مكاسب انتخابية او مادية. واشار الصبيح الى ان الحكومة فشلت بشكل او بآخر في ان تضع المؤسسة وشركاتها بمعزل عن هذه الضغوط والمؤثرات، مضيفا ان الحكومة ساهمت في بعض الاحيان في تشكيل هذه الضغوط سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة، وفي هذه الحال اصبح القطاع النفطي شأنه شأن جميع القطاعات الاخرى، الذي هو عرضة لاي ضغوط انتخابية او سياسية او اجتماعية.وقال ان المؤسسة لم تأخذ نصيبها الكافي والملائم الذي يمكنها من الاستمرار في قيامها بدورها كما يجب، من حيث العمل وفق اسس تجارية كما هو الهدف من انشائها واصبحت عرضه للابتزاز والتكسب، مشيرا الى ان الجهاز التنفيذي في المؤسسة اصبح عاجز على تلبية رغبات وتطلعات القيادات النفطية، حتى وان اتجهت الى الطريق السليم، مؤكدا ان المؤسسة لها دور وامكانات كبيرة لكن قدرتها التنفيذية متواضعة نتيجة للتدخلات السياسية.وتمنى الصبيح ان تعود الصناعة النفطية في الكويت الى سابق عهدها وخاصة في ما يتعلق بالانضباط، مشيرا الى ان الكويت حرمت نفسها من الاستثمارات الضخمة في هذا المجال ونتج عن ذلك خسائر فادحة، مؤكدا ان قرابة الـ10 مليارات دولار خسارة الكويت سنويا بسبب البيروقراطية المتفشية في القطاع النفطي.الدور التنموي للكويتيينمن جهته، وجه الرئيس التنفيذي الأسبق لمؤسسة البترول الكويتية نادر سلطان التهنئة إلى المؤسسة، بمناسبة الاحتفال بمرور 30 عاما على تأسيسها، قائلا إن 30 عاما في تاريخ الشركـات العالميـة سن مبكرة جدا وخصوصا عندما تقارن مع الشركات العالمية التي يبلغ عمرهـا 120 عاما أو شركة نفط الكويت التي احتفلت بمرور 75 عاما على تأسيسها.وقال انني اتشرف أن أكـون جزءا من مؤسسة البترول الكويتية في يومها الأول عام 1980 قادما من شركة البترول الوطنية الكويتية، لكنه تساءل: ماذا حققت مؤسسة البترول الكويتية على مدى السنوات الـ30 الماضية؟وأجاب: علينا أن نتذكر، أنه وقبل تأسيس مؤسسة البترول الكويتية، كان القطاع النفطي في الكويت يتألف من عدة شركات مختلفة تعمل بشكل مستقل، على سبيل المثال: شركة نفط الكويت، وشركة صناعة الكيماويات البترولية، وشركة البترول الوطنية الكويتية، AMINOIL، وشركة ناقلات النفط الكويتية... الخ، مشيرا إلى أن الإنجاز الأول لمؤسسة البترول الكويتية كان جمع هذه الشركات المختلفة تحت مظلة واحدة بتنسيق منسجم تخدم فيها السياسات والأهداف الوطنية للقطاع النفطي.قاعدة صلبة للاقتصادواضاف سلطان ان الانجاز الثاني لمؤسسـة البترول الكويتية هو ايجادها لقاعدة صلبة للنمو، محليا ودوليـا، وسوف تؤكد كتب التاريخ أن مؤسسة البترول الكويتية كانت واحدة من الرواد مقارنة بغيرها من شركات النفط الوطنية ذات النمو العالمي في كل من عمليات استكشاف البترول وعمليات التكرير والتسويق. وفي الوقت نفسه، أصبح هناك التنويع الضخم للبتروكيماويات في الكويت، كان المشروع المشترك بين شركة صناعة الكيماويات البترولية وايكويت أول مشروع مشترك مع شركة أجنبية في قطاع الطـاقة في الكويت، مشيرا الى اننا شاهدنا التحديث في ميناء الأحمدي وميناء عبدالله ليكونا على مستوى تنافسي عالمي في مصافي التكرير ونمت الطاقة الإنتاجية للنفط الخام ليكون حاليا بمعدل 3 ملايين برميل يوميا، مؤكدا أن هذا النمو كان نموا منسقا تحت إشراف إدارة مؤسسة البترول الكويتية.وعن الإنجاز الثالث الذي تجاوز أيضا التنسيق بين الاستراتيجيات المختلفة لأنشطة القطاع النفطي، قال سلطان انه كان في إيجاد رؤية بعيدة المدى لكل القطاع النفطي. والمعروف أن الصنـاعة النفطية عملية تحتاج إلى استثمارات مالية ضخمـة حيث تحتاج المشاريع إلى زمن طويل والأصول الثابتة لابد أن تستمر لفترة طويلة ولذا لابد من تحديد الاتجاهات المستقبلية. ولقد أدركت مؤسسة البترول الكويتية هذا، وقامت بوضع استراتيجية للمؤسسة حتى عـام 2020 والتي تطورت لتصبح استراتيجية المؤسسـة لعام 2030، وارتبط ذلك بخطط تنفيذية واضحة وعملية رصد ومراقبة.وفي ما يتعلق بالإنجاز الرئيسي للمؤسسة اشار الى انه كان في تطوير أفضل الممارسات الدولية في إدارة الشركات على نطاق المؤسسة، ممارسات على نطاق مجالس الإدارة، حيثما تكون أغلبية أعضاء مجلس الإدارة مستقلين، وأيضا في تطوير إدارة الأداء بحيث يكون للقياديين مقاييس واضحة في الأداء وأيضا في ممارسات الرقابة المالية. وفي هذا السياق، بل إنهـا حقيقة أن مؤسسة البترول الكويتية على أعلى مستوى من الشفافية المالية بين جميع شركات النفط الوطنية.وفي إطار الموارد البشرية قال لابد الاعتراف بالدور التنموي للكويتيين في القطاع النفطي. حيث كان ذلك نتيجة جهود مركزة. وفي الوقت ذاته، فإن لدى مؤسسة البترول الكويتية أعلى نسبة مشاركة للمرأة في المناصب التنفيذية في إداراتها مقارنة مع الشركات النفطية الوطنية الأخرى.ولفت السلطان الى انه يجب على مؤسسة البترول الكويتية ان تفتخر ببرنامجها لتطوير المهارات القيادية، حيث يتم تطوير القادة الشباب من مختلف الشركات ليصبحوا قادة المستقبل في قطاع النفط. بعد تأسيس مؤسسة البترول الكويتية، موضحا انه تم بذل المزيد من الجهود لإعطاء الشباب وبعض القادة الخبرة في الأنشطة النفطية المختلفة، والمثال الجيد على ذلك هو الرئيس التنفيذي السابق للمؤسسة هاني حسين الذي عمل في مجال التكرير، وتخطيط المواد الكيميائية والتسويق قبل أن يصبح رئيسا تنفيذيا للمؤسسة.وبالنسبة الى المستقبل اشار السلطان الى انه من الواضح أن مؤسسة البترول الكويتية تواجه تحديات، وهذا ليس بأمر جديد ولا تنفرد به مؤسسة البترول الكويتية والتي واجهت العديد من التحديات في الماضي. من أحد هذه التحديات غزو الكويت في عام 1990 الذي تسبب في أضرار فادحة في قطاع النفط، والتحدي الآخر كان الحرب على العراق في عام 2003 ولكن استطاعت مؤسسة البترول الكويتية النجاة منهما وأصبحت أقوى.بوقريص: أمام المؤسسة خطة طموحة يجب التركيز على تطبيقها خصوصاً في ظل الركود الاقتصادي والأوضاع السياسيةمن جانبه، قال عضو مجلس الادارة الرئيس التنفيذي لشركة ايكاروس للصناعات النفطية سهيل بوقريص، ان مؤسسة البترول الكويتية انشئت لادارة وتسهيل الانشطة والمنشآت النفطية على اسس تجارية مملوكة بالكامل للدولة، وهي مسؤولة عن شريان وعصب الحياة الاقتصادية لدولة الكويت ذات المورد الرئيسي، وهو النفط، وعليه تستطيع المؤسسة المساهمة في دعم وتنشيط وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتنمية القوى العاملة وخلق فرص عمل متعددة للكوادر المختلفة للاجيال القادمة.وأشار بوقريص الى ان دور عمل مؤسسة البترول الكويتية لا يقتصر على الاستكشاف النفطي وانتاجه وتجميعه وتكريره وتسويقه محليا بل يتعدى ذلك الى التوسع ومزاولة الانشطة في الصناعة النفطية خارج البلاد، مؤكدا ان هناك دورا كبيرا ومميزا ومهما للمؤسسة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، نظرا للتشابك القوي بين انشطتها المحلية واعمالها في الخارج.وقال ان مؤسسة البترول ومنذ نشأتها تعمل بخطى ثابتة لتطوير ادائها والتوسع في انشطتها المختلفة محليا وخارجيا، ومن جهة اخرى تسعى الى ضمان المحافظة على امداد اسواق الطاقة العالمية لسد احتياجاتها من النفط والخام او المشتقات النفطية ساعية بذلك الى تلبية متطلبات المستهلكين ومقابلة النمو الاقتصاي العالمي وتوفير احتياجاته حسب قدرتها الانتاجية.وتوقع بوقريص ان يستمر دور المؤسسة في الريادة في تلبية احتياجات الاسواق الاستهلاكية مستقبلا، وان تشمل برامجها المستقبلية دراسات جدوى اقتصادية توسعية سواء على الصعيد المحلي او الخارجي، وذلك باتباع احدث الانظمة والتقنيات في الانشطة النفطية وصناعة البتروكيماويات.وعن التحديات التي تواجه المؤسسة قال بوقريص ان على القياديين تجنب الاخطاء الماضية التي وقعوا فيها، بالاضافة الى ان امامهم خطة طموحة يجب التركيز على تطبيقها خاصة في ظل الركود الاقتصادي العالمي والاوضاع السياسية المحلية.مؤسسة البترول ناقلة عملاقةشبه نادر السلطان مؤسسة البترول الكويتية بناقلة عملاقة، وهي في رحلة، ولابد لها في بعض الأحيان أن تواجه سوء الأحوال الجوية ولابد من قيادة قوية ودعم من الطاقم لمساعدة الناقلة كي تمر عبر العواصف، قائلا: إن مؤسسة البترول الكويتية في حاجة إلى التركيز دائمـا على رؤية بعيدة المدى لضمان عدم تحويل الناقلة عن مسارهـا، متمنيا أن تستمر مؤسسة البترول الكويتية على نهج نجاحاتها السابقة وتواجه التحديات الجديدة.عزل قطاعي النفط والاستثمار عن المؤثرات السياسية والاجتماعيةيرى عادل الصبيح أن قطاعي النفط والاستثمار قطاعان يعتبران مصدر رزق للدولة، ويجب أن تعمل السلطة التنفيذية جاهدة على أن تعزل هذين القطاعين عن جميع المؤثرات السياسية والاجتماعية وتمنع التدخلات فيهما، موضحاً ان تعيين قيادي في أحد القطاعين لا تتوافر فيه الكفاءة اللازمة يعني أننا نكبد البلد خسائر بمئات الملايين، لأن اتخاذ قرار خاطئ أو التأخير في اتخاذ قرار قد يؤدي إلى أضرار جسيمة وخسائر كبيرة، وهنا يجب أن تضع الحكومة حاجزا وقائيا وحديديا أمام التدخل، سواء كان ذلك من الحكومة أو من مجلس الأمة.
اقتصاد
النفط والطاقة: الصبيح: القطاع النفطي يخسر 10 مليارات دولار سنوياً بسبب البيروقراطية
26-01-2010