أجمع المتحدثون في أمسية الشاعر الراحل علي الصافي، التي نظمها ملتقى الثلاثاء الثقافي، على ضرورة جمع نصوصه ضمن ديوان شعري جديد وفاءً لهذا الشاعر وعرفاناً بمكانته الأدبية المرموقة، مشيرين إلى ضرورة التنسيق مع أرشيف المؤسسات التي عمل فيها الشاعر الراحل.
اختزلت أمسية الراحل علي الصافي ملامح كثيرة من حياته الأدبية والمهنية والشخصية، إذ استرجع أصدقاؤه بعض المواقف النابضة بحب الحياة، والأحاديث الساحرة والحميمية المتكئة على ثقافة أصيلة تستند إلى عمق فلسفي.أصدقاؤه نهلوا من نبعه الصافي جملاً وكلمات ومواقف لم تغادر مخيلتهم إلى الآن بالرغم من مرور عشرة أعوام على رحيله، ذاكرتهم لم تزل تنبض بالحراك الذي أحدثه ديوانه الوحيد "خديجة لا تحرك ساكنا". وفي مستهل الأمسية تحدث الشاعر محمد النبهان عن الراحل علي الصافي قائلاً: "الساكن في الحضور رغم غيابه العاشر، يجلس هنا في وجوه أحبته وأصدقائه وزملائه، أراه في تقاطيع وجوههم، في حسراتهم، في ذهولهم لفقده، هو الذي فعلها مرة واختفى، كما عبّر ذات قصيدة، فعلها واختفى لأنه الأصدق في تعبيره عن داخله، وعن خط الفحيحيل الذي كان يمخره بسيارة اميالا، أودت بحياته في حادث مروري فجر العيد الثامن من يناير لسنة 2000!".ويضيف النبهان: "علي الصافي... تأخرنا عنك كثيراً، وحين نتذكرك اليوم، في تاريخ ارتبط برحيلك، نريد أن نستعيد نصاً وحالة لا تتكرر كثيراً، نريد أن نمنح أنفسنا فرصة خيانة جديدة، لنفتش في حقائبك السرية عن نص مغاير، يشبهك/ يشبهنا تماما. فهل تسعفنا الصدفة؟".حديث خارج السهوثم قرأ الشاعر دخيل الخليفة ورقته "حديث خارج السهو" قائلاً: "هذا نشيد الألم والحزن والفجيعة والليل بلا آخر، يلزمُني أن آكل آلهة التمر، وهذا لا يتم إلا بك، شكراً على البدايات، وشكراً عليك".ويضيف: "السحابة التي مرت أعلاه... كانت إهداء كتبه لي "جرح الشعر" صديقي الراحل على نسخة من ديوانه "خديجة لا تحرك ساكنا".وتطرق الخليفة إلى حديثه للراحل حول ضرورة كتابة الشعر باللغة الفصحى والإقلاع عن كتابة الشعر الشعبي قائلاً: "لم أكن أعلم حينها أنني رفعت حجراً عن فوهة ينبوع عذب، إلا بعد أسبوع، حينما تكررت جلستنا بمكتبه في منطقة الشويخ، أَسْمعَني بيتين من الفصحى، ففتح لي الصافي نافذة واسعة انطلقت من خلالها لإقناعه بخلع ثوب الشعر الشعبي الذي لن تتجاوز نياقه حدود الخليج إطلاقا".وفي قراءة نقدية لنصوص الشاعر علي الصافي يقول الخليفة: "في نصوص علي أشياء تشبهه تماما، فلغته جميلة وحميمية وجسدها خال من الزوائد، مثلما كانت حكاياته المختصرة".حلم يانعأما الزميل الشاعر آدم يوسف قرأ في ورقته مقالاً بعنوان"توادعنا فنسينا أصابعنا على الرصيف" كتبه بعد وفاة الشاعر علي الصافي ومنه هذا المقطع: "إلى أين نسير والحياة اضيق مما نحتمل؟ عبثاً نواجه الموت ونحاول أن نلتحم بخيط ضئيل لا يتسع، لأضيق أحلامنا بعد أن لفظتنا الارصفة وسخرت منا المدائن ما الذي يمكن أن نتشبث به وكل الأشياء الجميلة تتسرب من بين أصابعنا تماما مثل حلم ظل يانعا وفتيا حتى اللحظة الأخيرة. حلم ظل يراوغ مصيره ويحتمي بكبريائه وشموخه الأعلى من كل مؤسسة رسمية، يمكن أن تمنح صكوك المغفرة أو جوازات سفر لا فرق". ويضيف: "يشرد كثيراً بذهنه وخيالاته يفكر يتأمل يصوغ أشياء الحياة كما يريد ثم يبعثرها، ويعود يجمعها من جديد هكذا هو علي الصافي هذا المبدع الشفاف كان يحمل في داخله سيلاً من الحب والشعر لن تمر عليه لحظة دون تأمل أو تساؤل كان ينزع نحو المعرفة ويفلسف أشياء الوجود لم يكتب علي الصافي يوما من (...) ضاق علي الصافي بالحياة أو ضاقت به فتبعثر -شعراً- في كل مكان ليلمه الجميع ويحتفوا به ما أصعب أن نحتفي بأوجاعنا ولكنها مشيئة الأقدار وصدمة العيد المريرة".قصيدة رثاءوبدوره، قرأ الشاعر عباس منصور قصيدة مهداة إلى الشاعر الراحل "يا عليُّ... هي ذي خديجة حركت ساكنها" ومنها هذا المقطع:شكراً يا عليُّ/ لم أرني مغتاظاً مثل أمس/ فعلتها وسبقتني... يا علي/ ومازال قدامي بضعة أُخر/ يجتاحني الذعر/ من كف عزرائيل/ يربض في إشارات المرور/ في كعكة العيد/ وقبضة النبيذ/ فعلتها يا علي.وبعدئذ، تحدث مجموعة من أصدقاء الراحل، إذ تطرق الشاعر ابراهيم الخالدي إلى العلاقة الوطيدة التي تجمعه بالراحل، مستذكراً جلسات المقاهي وظروف طباعة ديوان "خديجة لا تحرك ساكناً"، كما تناولت القاصة لطيفة بطي بعض المواقف التي جمعتها بالراحل. ومن جانبه، أكد الكاتب علاء الجابر الصفات الإنسانية الجميلة والحس الكوميدي لعلي الصافي.
توابل
علي الصافي... قصيدة الألم والحزن والفجيعة
07-01-2010