وجع الأخبار
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
إن رصداً بسيطاً لمادة نشرات الأخبار، يظهر بشكل جلي انغماسها الكلي في بثِّ أخبار الحروب والدمار ونزف الدماء والخلافات والنزاعات والاضطرابات والكوارث الطبيعية، أكثر من سعيها إلى أي شيء آخر. وكم تساءلت، بيني وبين نفسي، عن جدوى بث خبر على محطات فضائية عالمية، عن انقلاب شاحنة، أو تهدم جسر مشاة في قرية صغيرة، أو فرار قرد من حديقة الحيوان؟!الأخبار بأنواعها، عسكرية وسياسية واقتصادية ورياضية وفنية، ولم أدرج الثقافية، لعدم وجودها ضمن مادة نشرات الأخبار، في الغالب الأعم، قد تكون مادة مهمة للبعض المختص والمتابع، لكنها بالتأكيد ليست ضرورية لجميع الناس، على اختلاف أعمارهم ووعيهم واهتماماتهم الشخصية. العالم يعيش عصر ثورة المعلومات، ومحركات البحث، ومواقع شبكة الإنترنت، مثلما يعيش عصر الإعلام والتلفزيون والمحطات الفضائية، لذا فتكريس أخبار العنف والدمار والحروب والقتل بات يشكل مضايقة ووجعاً يومياً لملايين البشر، تضيق بهم ظروف حياتهم المعيشية الخاصة، حتى أنهم يطمحون إلى بصيص أمل، أو فسحة راحة من ألم موجع يلازم القلب، يُضاف إلى ذلك أن تكرار بث أخبار الموت والقتل، سرب لوعي ملايين البشر، والأطفال بوجه خاص، قناعة بلا جدوى ورخص قيمة الحياة، وبعادية مناظر الدم والقتل، وهذا بدوره خلق جيلا أو جيلين من الشباب في مختلف أنحاء العالم، يعتاش على متابعة العنف بكل صوره.الحياة جميلة وستبقى جميلة، بالرغم من كل الخراب الذي ينتشر في أرجائها، لذا فإن نشر وتصدير العنف والقتل بوصفه شاغل الإنسان الأول، أمر يستحق الوقوف عنده ومراجعته، وربما الكف عنه، إلا في حدود الضرورة الدولية، وفي حدود اهتمامات كل دولة وكل حكومة.قد يرى البعض إمكان التحول عن نشرات الأخبار، لكنني أظن أن الأجدى من ذلك هو المطالبة بمساحة، ولو صغيرة، لباقي اهتمامات الإنسان الحياتية على جدول معدي نشرات الأخبار، وأظن أيضا أن تحولاً في مزاج معدي ومسؤولي نشرات الأخبار، قد يولّد، على المدى الطويل، تحولاً في أمزجة المستمعين والمشاهدين، وإدخال شيء من فرح بريء لحياتهم.الحياة حلوة، ومأزقها الوجودي الأكبر أنها تُعاش مرة واحدة، فلماذا الإصرار على محاربة جمالها؟ ولماذا الإصرار على تقديم أخبار الموت على الحياة؟